Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

بينَ الأخلاقِ والنجاحِ

 

سجَّلَ العالِمُ المعروفُ “توماس أديسون” (1093) براءةَ اختراعٍ باسمِه، والحقيقةُ أنه ليس صاحبُ هذه الاختراعاتِ كلِّها، ولكنّه كان يمتلكُ مُختبرًا يعملُ فيه فريقٌ من الباحثينَ، كلٌّ منهم قدّمَ اختراعًا، سرَقها “أديسون” وسجَّلها باسمِه.

كثيرةٌ هي الأحلامُ التي حقَّقَها أصحابُها، وطالتْ عنانَ السماءِ، ولا نَعرفُ خفايا الطرُقِ التي سلكوها لِيَصلوا إلى القمّةِ، الفنانُ “أرثر ميلر”، تخلَّى عن ابنِه المصابِ بمُتلازمةِ “داون”؛ لأنّ وجودَ طفلٍ معاقٍ لا يناسبُ مكانتَه؛ فتخلَّى عنه لأنه عَدَّه عائقًا في طريقِه، وتشويهًا لصورتِه أمامَ جماهيرِه!!

صعبةٌ تلكَ الابتلاءاتُ التي تضعُنا في خيارٍ بينَ المبادئِ وتحقيقِ الأحلامِ، بينَ أنْ نتركَ واجباتِنا كبشرٍ لِنُحقّقَ ما تمنّيناهُ يومًا، ثُم تظهرُ صورتُنا الجميلةُ أمامَ جماهيرِنا ومتابِعينا؛ ونحن نُخفي شخصًا آخَرَ خلفَ غلافِ النجاحِ والتطوّرِ الذي حقَّقناهُ، فشهوةُ النجاحِ مُغريةٌ جدًّا، لعلَّه أجملُ شعورٍ يمكِنُ أنْ يُحِسَّ به أحدُنا طوالَ حياتِه.

فرحةُ النجاحِ ولذَّتُه لا تُعوَّضُ بالنسبةِ لمَن تذوَّقها، ولا يمكنُ التنازلُ عنها في سبيلِ شيءٍ آخَرَ، أو من المستحيلِ فِعلُ ذلك، فمَن صعدَ إلى مرتبةِ الأولِ؛ يرفضُ أنْ يكونَ الثاني لاحقًا، وهَكذا يصبحُ النجاحُ ابتلاءً كبيرًا؛ إذا ما سلَكَ صاحبُه كُلَّ الطرُقِ لاستمرارِه، حتى لو كان تنازُلًا عن أخلاقِه.

جرِّبْ أنْ تنجحَ، ويُهلِّلُ لكَ المجتمعُ، سيَنتهي التهليلُ، وتبدأُ نظرةٌ أُخرى نحوَك، تسألُكَ عن القادمِ، الذي يتوقَّعونَ أنه أكبرُ من الإنجازِ الحالي، لذلكَ كان من الصعبِ كثيرًا على “أديسون” أنْ يأتيَ أحدُ تلاميذِه ليأخذَ براءةَ اختراعٍ تُهدِّدُ مكانتَه كمُخترعٍ أول، وهنا يأتي صوتُ الأخلاقِ؛ فاختارَ التنازُلَ عن بعضِ أخلاقهِ ليستمرَّ في القمّةِ.

ولعلَّ كلًّا مِنّا رأى في نطاقِ عملِه أشخاصًا كُثُرَ؛ يعتقدونَ أنّ الصعودَ إلى القمّةِ لا يتِمُ إلّا إذا قلَّلَ من قدْرِ أقرانِه وزملائه، وقد رأى كلٌّ مِنا شخصًا واحدًا على الأقلِّ يملكُ هذه الصفةَ، يعتقدُ أنَّ نجاحَه أمامَ الآخَرينَ هو أفضلُ ما يُمكِنُ أنْ يقدِّمَه، ونسيَ أنَّ نجاحَه أمامَ نفسِه وضميرِه، هو الأكثرُ سعادةً وبقاءً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى