
السعادة
“سلامة وآلاء” زوجانِ من دير البلحِ، شقَّا طريقَهما معًا، وتَحدَّيا الظروفَ الصعبةَ، ولم يستَسلِما لواقعِ البطالةِ، والظروفِ الصعبةِ، فلَجَآ لاستثمارِ شغفِهم في إعادةِ التدويرِ بتأسيسِ مشروعٍ لهما على سطحِ المنزلِ، في دير البلحِ وسطَ القطاعِ.
سلامة بدوان (40) عامًا، وزوجتُه آلاء بدوان، شقَّا طريقَهما معًا، وخطَّطا لمشروعِهما؛ ليكونَ لهما مصدرَ دخلٍ، فيقولا :”مشروعُنا عبارةٌ عن زراعةِ مختلفِ أنواعِ الصبّارِ على سطحِ المنزلِ، حيثُ يتمُّ استخلاصُ الجِلِّ من داخلِها، استعدادًا لصناعةِ الصابونِ وتسويقِه.
اختارَ “سلامة” سطحَ المنزلِ للزراعةِ، لرغبتِه في إيجادِ مُتنزَّهٍ خاصٍّ به، فقرَّرَ تحويلَ السطحِ لمُتنزَّهٍ مليءٍ بالنباتاتِ والألوانِ الجذابةِ، مشيرًا إلى عدمِ وجودِ أيِّ مُتَنفَّسٍ بديلٍ،
يضيفُ :”إنّ شغفي في إعادةِ تدويرِ النفاياتِ؛ ساعدَني على تأسيسِ مشروعي من خلالِ صناعةِ القوّارِ بأشكالٍ وألوانٍ متعددةٍ، واستخدامِ إطاراتِ وعجلاتِ المَركباتِ للزراعةِ، بعدَ تدويرِها وتلوينِها.
الزوجةُ آلاء (37 عامًا)، الحاصلةُ على شهادةِ “البكالوريوس” في الإرشادِ التربوي، كرَّستْ كلَّ وقتِها على مدارِ أشهُرٍ… في البحثِ والتجربةِ لإنتاجِ هذا النوعِ من الصابونِ الصديقِ للإنسانِ.
وتقولُ :”تحوّل “الألوفيرا” لمادةٍ سائلةِ المَلمسِ، تجهيزًا لإنتاجِ الصابونِ ، هذه الهوايةُ تَحوّلتْ إلى مِهنةٍ، أعطتْ القيمةَ للوقتِ الذي أَمضيهِ، والذي كان يمرُّ فقط في تلبيةِ احتياجاتِ الأسرةِ، أو العلاقاتِ الاجتماعيةِ”.
خاضتْ “بدوان” برفقةِ زوجِها شهورًا من التجاربِ الفاشلةِ، والتي شكّلتْ دافعًا لها من أجلِ إعادةِ البحثِ عن مواطنِ الثغراتِ، ومحاولةِ تَجاوُزِها وتصحيحِها.
تضيفُ: “اخترنا صناعةَ الصابونِ الطبيعي، وذلكَ لوجودِه النادرِ في الأسواقِ، بخلافِ كريماتِ الشعرِ، أو الوجهِ، المصنوعةِ من “الألوفيرا”، والتي تحتوي على موادٍ كيميائيةٍ أو حافظةٍ .
بعدَ سنواتٍ من زراعتِهما لِنَبتةِ صبَّارِ “الألوفيرا” على سطحِ المنزلِ، فكّرَ الزوجانِ بضرورةِ استغلالِها في مشروعٍ اقتصاديٍّ صديقٍ للبيئةِ والإنسانِ، يدرُّ عليهما دخلاً يُعينُهما على تلبيةِ متطلباتِ الحياة.
توَصَّلَ الزوجانِ لفكرةِ صناعةِ صابونِ “الألوفيرا” الطبيعي، والخالي من الموادِ الكيميائيةِ؛ بعدَ شهورٍ من البحثِ والتنقيبِ والتدريبِ على طريقةِ صناعتِها، ومعرفةِ أهمِّ الزيوتِ التي تدخلُ في تركيبِها.
نجحَ الزوجانِ بعدَ عدّةِ محاولاتٍ فاشلةٍ في التوَصُّلِ للمقاديرِ اللازمةِ لإنتاجِ صابونٍ بجَودةٍ مناسبةٍ.
تُعدُّ نبتةُ “الألوفيرا” نبتةً طبيّةً قصيرةَ الساقِ؛ استخدمَها الإنسانُ منذُ قرونٍ لقِيمتِها الجماليةِ والعلاجيةِ للبشرةِ، حيثُ أطلقَ عليها المصريونَ القدماءُ اسمَ “نباتُ الخلود”.
وعالميًا، تُستخدمُ هذه النبتةُ على نطاقٍ واسعٍ سواءٌ في بعضِ المنتَجاتِ والمُكمّلاتِ الغذائيةِ، أو مستحضراتِ التجميلِ، أو في إطارِ العلاجِ بالأعشابِ.
يضيفُ:” إنّ وجودَ هذه الشتلةِ على سطحِ المنزلِ يُضفي نوعًا من الجمالِ الذي يتناسبُ مع المساحةِ الأخرى من السطحِ، والتي حوّلَها إلى منطقةٍ ترفيهيةٍ لعائلتِه.
استطاعَ “بدوان” هو وزوجتُه أنْ يستفيدا من السطحِ و الأدواتِ والموادِ التالفةِ لدَيه، وأعادَ تدويرَها بشكلٍ يتناسبُ مع سُبلِ الراحةِ والرفاهيةِ، فقدْ استخدمَ إطاراتِ المَركباتِ التالفةَ، كمَقاعدَ بعدَ أنْ لوّنَها بألوانٍ زاهيةٍ، كما حوّلَ أطباقَ الأقمارِ الصناعيةِ لمظلاتٍ حمراءَ وخضراءَ اللونِ، وأمّا العُلَبُ البلاستيكيةُ الفارغةُ، والناتجةُ عن الألبانِ والحلوياتِ، فقدْ استغلَّها في زراعةِ نباتاتِ الزينةِ والأزهارِ التي تنتشرُ على سطحِه.
ويعملُ “بدوان” على استخدامِ المُخلّفاتِ العضويةِ الناتجةِ عن بقايا الطعامِ كسَمادٍ لنبتةِ “الألوفيرا” لتنموَ أوراقُها بشكلٍ وفيرٍ.
كانت أولُ نبتةٍ حصلَ عليها عامَ (2019) من أحدِ الأصدقاءِ، وبدأَ منذُ ذلكَ الوقتِ بالتوسُّعِ في زراعتِها، حتّى وصلَ اليومَ لنحوِ (40) شتلةً .
وبدايةً، أيُّ مشوارِ تكونُ له صعوباتٌ؛ ولكنْ بالإرادةِ نتجاوزُها، وتحدّثَ عن الصعوباتِ في الحفاظِ على حيويةِ النبتةِ التي تحتاجُ لظروفِ بيئةٍ خاصةٍ من درجةِ رطوبةٍ، وكمياتِ مياهٍ، لكنه تَجاوزَ لاحقًا هذا الأمرَ بعدَ إرشاداتٍ من المهندسينَ الزراعيينَ وأصحابِ المشاتلِ حولَ الطريقةِ الأمثلِ لإبقاءِ هذه النبتةِ على قيدِ الحياة.
واقتصرَ استخدامُ الجِلِّ الناتجِ من هذه النبتةِ _وفقَ قولِه_ على أفرادِ عائلتِه، أو بعضِ الأصدقاءِ، وذلك لأغراضٍ بسيطةٍ؛ كالاستعمالِ المباشرِ على الحروقِ للتخفيفِ من حدَّتِها، ومسحِه على البشرةِ لزيادةِ نضارتِها؛ لكنْ مع زيادةِ أعدادِ الشتلاتِ، بدأتْ الأسئلةُ تتواردُ للزوجينِ “بدوان”، حولَ كيفيةِ تحويلِها إلى “مشروعٍ صديقٍ للبيئةِ والإنسانِ، ومصدرٍ للدخل”.
تمرُّ هذه الصناعةُ بعدّةِ مراحلَ، بدءًا من البحثِ عن الورقياتِ الناضجةِ من “الألوفيرا” وقطفِها وتركِها في المياهِ لساعاتٍ في سبيلِ التخلصِ من الموادِ الصفراءِ التي تُفرِزُها مع بدايةِ قطافِها، والتي تُسبِّبُ _بحسبِ الدراساتِ_ تَهيُّجًا في البشرةِ،
ويشرعُ الزوجانِ باستخلاصِ الجلِّ من هذه الأوراقِ؛ تجهيزًا لمعالجتِه وتحويلِه إلى مادةٍ سائلةٍ، وإضافتِه للزيوتِ الطبيعيةِ “كـزيتِ الزيتونِ، وجوزِ الهندِ، واللوزِ الحلو، والسمسم” بمقاديرَ ونِسبٍ معيّنة.
بعضُ الأنواعِ من الصابونِ يضيفُ إليها الزوجانِ مقاديرَ محدَّدةً من زُبدةِ “الشِّيا”، التي توفّرُ الترطيبَ المناسبَ للبشرةِ.
وبعدَ خلطِ الزيوتِ مع بعضِها، وتكوينِ المزيجِ المناسبِ؛ تَسكُبُه الزوجةُ داخلَ قوالبَ مختلفةِ الأشكالِ والأحجامِ، والمصنوعةِ من “السيليكون”، حيثُ تفحصُ فعاليَّتَها بعدَ تحوُّلِ هذا المزيجِ للمادةِ الصلبةِ.
وتلفتُ إلى أنَّ بعضَ مراحلِ عمليةِ التصنيعِ؛ تحتاجُ إلى مهارةٍ مصقولةٍ بالمعرفةِ من أجلِ الحفاظِ على قيمةِ وفوائدِ “جِلِّ الألوفيرا” ومنعِ تأكسُدِه.
وخلالَ رحلةِ الصناعةِ، واجهتْ “بدوان” عددًا من التحدياتِ المرتبطةِ بالحصارِ الإسرائيليّ المفروضِ على غزةَ، لأكثرَ من (16) عامًا، أبرزُها ندرةُ توفُّرِ قوالبِ “السيليكون” .
و التكلفةُ العاليةُ لبعضِ أنواعِ الزيوتِ، والتي لا تتناسبُ أحيانًا مع قدرتِها الماليةِ.
تقولُ:” تحدَّينا الصعابَ، وقفنا في وجهِ الجميعِ، وأثبتْنا وجودَنا، وبفِضلِ اللهِ بدأنا نقفُ على أقدامِنا، ونقطفُ ثمارَ مشروعِنا، فهناكَ إقبالٌ مُرضٍ على شراءِ هذا المُنتَجِ مع إدراكِ قيمتِه وفوائدِه الطبيعيةِ على البشرةِ والجلدِ .