
في ساعاتِ الصباحِ الباكرِ يحملُ مئاتُ الأطفالِ حقائبَهم الشخصيةَ، ويرتَدونَ ملابسَهم الرياضيةَ المختلفةَ مُتّجِهينَ إلى الأنديةِ بغزةَ؛ للمشاركةِ في دوراتٍ رياضيةٍ مختلفةٍ، تنسَجِمُ معَ احتياجاتِهم واهتماماتِهم، بعضُهم يذهبُ إلى أنديةِ السباحةِ المعروفةِ، وآخَرونَ إلى دوراتِ كرةِ القدمِ والسلةِ ومستوياتِ الكرَاتيهِ.
مع حلولِ الإجازةِ وفصلِ الصيفِ، تبدأُ دوراتُ تعلُّمِ السباحةِ، والكراتيهِ، والجودو، وكرةِ القدمِ، وكرةِ السلةِ في نوادي ومراكزِ التدريبِ، والأكاديمياتِ الرياضيةِ بقطاعِ غزةَ، باستقبالِ المُنتسِبينَ إليها من الأطفالِ، والشبانِ، والنساءِ، لِتعلُّمِ المهاراتِ الرياضيةِ المختلفةِ، واستغلالِ الوقتِ برياضةٍ ممتعةٍ تحظَى بإقبالِ واسعٍ.
طاقة إيجابية
الطفلةُ لَيان عودة (11 عامًا)، تقولُ إنها اختارتْ السباحةَ تحديدًا؛ لشَغفِها وحبِّها لهذه الرياضةِ، واستمتاعِها بالوقتِ الذي تقضيهِ في التدرُّبِ، مشيرةً إلى أنها اجتازتْ أهمَّ المراحلِ في تعلُّمِ السباحةِ، وهي الصدرُ، والحُرّةُ، والفراشةُ، والظهرُ، لِتتمكّنَ من ممارسةِ هذه الرياضةِ بكافةِ الظروفِ والأماكنِ.
وتضيفُ: “أدعو الأطفالَ لاستغلالِ إجازتِهم الصيفيةِ بتَعلُّمِ مختلفِ المهاراتِ البدنيةِ الممتعةِ، وذاتِ الفوائدِ المتعددةِ، كالسباحةِ، فإتقاني للسباحةِ يمَكِّنُني من مساعدةِ الأشخاصِ إذا لزِمَ الأمرُ_ بالرغمِ من صغرِ سِنِّي_ وهذا يجعلُني أشعرُ بطاقةٍ إيجابيةٍ، حيثُ أُفرِغُ الطاقةَ السلبيةَ.
في حين تقولُ شيماء”38 عامًا”، إنها تهتمُّ بتعلُّمِ السباحةِ منذُ عامينِ، حيثُ التحقتْ في دورةٍ مبتدئةٍ جدًّا، واستمرّتْ في التعلمِ كلَّ صيفٍ، حتى وصلتْ إلى إتقانِ ممارسةِ رياضيةِ السباحةِ، لقضاءِ وقتٍ مُمتِعٍ، ولكسبِ فوائدِها الجسديةِ والنفسيةِ، لاسيّما وأنّ الرياضيةَ المائيةَ تُعطينا مساحةً واسعةً من التفريغِ النفسي لكُلِّ مشاعرِنا المكبوتةِ بفِعلِ مشاكلِ الحياةِ، والعملِ، والأوضاعِ الاقتصاديةِ والسياسيةِ.
وتُتابعُ: الكثيرُ من النساءِ يشارِكْنَ في دوراتِ السباحةِ خلالَ الصيفِ؛ لِشدِّ الجسمِ، والمساعدةِ على إنزالِ الوزنِ، وتحفيزِ الطولِ، وكذلكَ مساعدتُها على التفريغِ النفسي، فهي تساعدُ على التخلصِ من الطاقةِ السلبيةِ للكبارِ والصغارِ، بالتزامنِ مع الأوضاعِ القاسيةِ في قطاعِ غزةَ”.
طوَّرتُ مَوهبتي
في حين، يقولُ سائد أبو سيف” 15 عامًا” ، أحدُ روّادِ أكاديميةٍ رياضيةٍ: “أنا أحبُّ رياضةَ كرةِ القدمِ، ومنذُ سنواتٍ أسعَى لأنْ أكونَ رياضيًّا في أحدِ الأنديةِ؛ لذلكَ مع بدءِ الصيفِ، اشتركتُ بأكاديميةٍ رياضيةٍ، فشعرتُ بالإنجازِ، ففيها تعلَّمتُ العديدَ من المهاراتِ، وأشبعتُ شغفي”، مشيرًا إلى أنّه تمكَّنَ من إحرازِ (3) أهدافٍ بعدَ فترةٍ وجيزةٍ من الالتحاقِ بالتدريبِ.
ويَصقلُ الطفلُ “أبو سيف” مهاراتِه الرياضيةَ، بالتعلّمِ عبر “اليوتيوب”، إلى جانبِ التدريبِ الميداني، منوِّها:” إنّ شغفي في التعلمِ دفعَني إلى تحميلِ تطبيقٍ على هاتفي المحمولِ؛ يُساعِدُني في تعلُّمِ كرةِ القدمِ بطريقةٍ احترافيةٍ، فأيُّ موهبةٍ هي بحاجةٍ إلى عِلمٍ؛ لتصبحَ أكثرَ قوةً واتّزانًا، في تنفيذِ كلِّ درسٍ تتعلَّمُه داخلَ الأكاديميةِ.
في حين، يقولُ الطفلُ عبد الرحمن عودة “13 عامًا”:” لم أكُنْ أجِدُ في السابقِ مكانًا للَّعبِ سِوى الشارعِ المُحاذي لمنزلي، وكان هذا الأمرُ يسببُ لي المشاكلَ مع والدتي، التي كانت تخشَى عليَّ؛ بسببِ أنّ الشارعَ محفوفٌ بالمخاطرِ بسببِ حركةِ المركباتِ والدراجاتِ الناريةِ الجنونيةِ.
ويضيفُ: “لكنْ حينَ علِمتُ بفكرةِ الأكاديميةِ؛ تشجَّعتُ وطرحتُ الفكرةَ على عائلتي، وبالفعلِ اشتركتُ وأصبحتُ أقضي الإجازةَ الصيفيةَ كاملةً في الأكاديميةِ، متَنقِّلاً بينَ أنواعِ الرياضةِ المختلفةِ، وباتت علاقةُ الهدوءِ والحوارِ هي الغالبةُ في منزلِ عائلتي، وقلَّت علاقتي بالجوالِ بشكلٍ كبيرٍ، حيثُ كنتُ أقضي عليه ساعاتٍ طويلةً دونَ أدنَى فائدةٍ.
من جهتِه، يقولُ رئيسُ “أكاديميةِ السباحةِ”، محمود شمعة:” “فصلُ الصيفِ يعدُّ موسِمًا للرزقِ للعاملينَ في هذا المجالِ، عدَا عن الفوائدِ البدَنيةِ لمَن يمارسونَ السباحةَ، فهي تعدُّ علاجًا بدَنيًّا، ومتنفَسًا للجميعِ في القطاعِ المحاصرِ الذي يعاني من تكرارِ العدوانِ الإسرائيليّ عليه”.
أجيالٌ رياضيةٌ
وتستهدفُ الدوراتُ بحسبِ “شمعة” جميعَ الفئاتِ العمريةِ للأطفالِ، بدءًا من (3) أعوامِ، حتى (15) عامًا، إلى جانبِ تخصيصِ دوراتِ سباحةٍ للسيداتِ والشبابِ على فتراتٍ مختلفةٍ، لافتًا لوجودِ مسابحَ مغلَقةٍ لضمانَ وصولِ الدوراتِ لجميعِ فئاتِ المجتمعِ، لأهميةِ هذه الرياضةِ جسديًّا ونفسيًّا.
ويبيّنُ: “نعملُ في هذه الأكاديميةِ ضِمنَ منهجيةٍ منظّمةٍ وعلميةٍ، لتعليمِ الأطفالِ على السباحةِ وفقَ منهاجٍ مدروسٍ؛ لنشرِ هذه الثقافةِ على أُسسٍ علميةٍ، وصناعةِ أبطالٍ للمستقبَلِ، يمثلونَ فلسطينَ في المسابقاتِ الدوليةِ، موضِّحًا أنّ مستوياتِ تعلّمِ السباحةِ تبدأُ من الأولِ حتى السابعِ، فبعدَ تعلُّمِ سباحةِ الأمانِ والطفْوِ والنجاةِ، وصولاً إلى تعليمِ الأربعةِ سباحاتٍ القانونيةِ والدوليةِ للتأهُلِ بالمشاركةِ في المسابقاتِ الدوليةِ.
في حين، يقولُ مديرُ أكاديميةِ “شادي سبورت الرياضية” شادي ميَّط:” إنّ فكرةَ تأسيسِها جاءتْ من حبِّه وشغفِه بمجالِ الرياضةِ، وامتلاكِه محلًّا لبيعِ الملابسِ والأدواتِ الرياضيةِ، وأنّ هدفَه الأساسَ صقلُ مهارةِ الأطفالِ وتطويرُها في ظِلِّ نقصِ الملاعبِ الرياضيةِ.
ويضيفُ: إنّ الأكاديمياتِ الرياضيةَ لها دورٌ كبيرٌ بتخريجِ أجيالٍ تُساعدُ الأنديةَ المَحليةَ، واكتشافِ الطلابِ المميَّزينَ في مجالِ كرةِ القدمِ، والألعابِ الأخرى لتمثيلِ فلسطينَ مستقبَلاً، خلالَ فترةِ الإجازةِ الصيفيةِ، التي يكونُ الإقبالُ فيها كبيرًا جدًّا؛ نظرًا لرمزيةِ الرسومِ، وكذلك لحرصِ الأهالي على عدمِ تركِ أبنائهم في الشوارعِ، والاستغلالِ الأمثلِ لوقتِ الفراغِ.
ويتابعُ: يتمُّ استقطابُ مدرِّبينَ متخصِّصينَ في مجالِ كرةِ القدمِ، من حيثُ تدريبِ اللاعبِ مهاراتٍ الُّلعبةِ، وآخَرينَ للتدريبِ على حراسةِ المرمى، وكذلك مراعاةُ اختيارِ الملاعبِ المعشَّبةِ صناعيًّا لتفادي خطورةِ التزحلُقِ.