“الزوايا الإبداعية”.. تشجيع على الابتكار والابداع بغزة

نمطية نظام التعليم في قطاع غزة، وغياب التنوع المطلوب الذي يلبي الاحتياجات المتعددة لسوق العمل؛ مثل التعليم التعاوني، والتعليم الابتكاري، والتعليم المستمر، والتعليم الذاتي، والتعليم المفتوح، دفع بالمؤسسات الأهلية المساندة لقطاع التعليم الى تبنى مشاريع من شأنها تغيير طرق التعليم.
واحدة من الطرق المبدعة بالتعليم هي الزوايا الإبداعية التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة والتصميم الشامل، لمنح الأطفال وصولاً مجانيًا إلى البرامج والألعاب التي من شأنها تعليم الموسيقى وإنشاءها، وتعريفهم بثروتهم من المعرفة الموسيقية، وتمكين إبداعهم وفكرهم.
تعزيز المواهب
“الزوايا الإبداعية” (Creative Corners)، هي واحدة من مشاريع مؤسسة “ديليا” للفنون على مستوى نطاق عملها في جغرافيّات عدّة حول العالم، ومن بينها فلسطين التي ينفذ فيها بالشراكة مع مؤسسة المستقبل للتنمية، وهي وحدات تقوم على فكرة توظيف التكنولوجيا لجهة تعليم الموسيقى وتعزيز المواهب لدى الأطفال بالدرجة الأولى، وفق منهجية مبتكرة تقوم على تصميم شامل، يراعي الدقة والاحترافية في شكله الخارجي، وتكوينه الداخلي الذي يعمل عبر تقنية الربط بشبكة الإنترنت.
وتتكون ووحدة “الزوايا الإبداعية” التي شرعت مؤسسة “ديليا” في تركيبها بعدة مواقع من صندوق خشبي، يضمّ لوحاً ((Tablit، وسماعتين، وميكروفون، ولوحة مفاتيح تحاكي لوحة مفاتيح “البيانو” الحقيقة، ومزوّدة من الخلف بكرت صوت، ومساحة للناقل التسلسلي العام، وأداة للشحن.
ويتم تركيب “الزوايا الإبداعية” في المدارس، أو المكتبات التي فيها حضور لافت للأطفال، أو المراكز المجتمعية ذات العلاقة، فيما تحوي تطبيقات إلكترونية يتم تحميلها بشكل مسبق لضمان الاستخدام الآمن للأطفال، وفق نظام “الكشك”، أي أن استخدام الشبكة في إطار هذه الزوايا محدود ضمن التطبيقات والبرامج المثبتة في النظام الإلكتروني لها.
من جانبها تقول ولاء مدوخ منسقة المشروع بغزة لـ “السعادة”: يستهدف مشروع “الزوايا الإبداعية”، الأطفال واليافعين من 5 – 18، وتضم عدّة أقسام تعلمية، أولها الموسيقى وتشمل قراءة النوتة الموسيقية، والتدريب على الإيقاع، والفرق ما بين الآلات الوترية، والإيقاعات الشرقية، والإيقاعات الغربية، والتعامل مع الآلات الموسيقية وتجهيزها للعزف.
وتضيف تشمل الأجزاء الأخيرة من الزوايا الفنون والرسم، والتصوير، وصناعة الفيديو، والرسوم المتحركة، واللغات والثقافة عامة، اللغة العربية والإنكليزية والفرنسية، إضافة الى الشعر، ودراسة القرآن، والمهارات المعرفية، وتشمل العديد من ألعاب الذكاء، وأخرى تحفز على التحليل والتفكير، إضافة إلى تطبيقات للمبتدئين ضمن ركن “رياض الأطفال”.
الإبداع والابتكار
وبحسب مدوخ، تسعى “ديليا للفنون” على الدوام لتطوير قطاع الموسيقى في المجتمعات المهمشة والمحرومة غزة مثالاً، بالإضافة إلى إنشاء أدوات مبتكرة تعزز التعبير والإبداع، وهذه هي الفكرة الأساسية التي انطلق منها المشروع اعتماداً على استراتيجية دعم الإبداع والابتكار، وليس فقط تعلم الموسيقى كموسيقى.
ويعتمد المشروع على تحقيق العديد من الأهداف المميزة للأطفال واليافعين، كتعلم الموسيقى في المقام الأول، وتعزيز الإبداع والابتكار من خلال منحهم حرية الولوج إلى المحطة والبرامج الموسيقية والفنية المحملة عليها، وتجربة هذه البرامج بأنفسهم.
وتنوه إلى أن الفكرة الأساسية لعمل الوحدات تدعم فكرة التعلم الذاتي وهي بحد ذاتها طريقه حقيقية واستراتيجية تعليمية شائعة في السنوات الأخيرة عالميا، فقد أثبتت فعاليتها كونها مريحة وسريعة، وتنظم المادة التعليمية بأسلوب يسمح للمتعلم بتحقيق التقدم الذي يناسب إمكاناته ورغباته الشخصية وتوفير الإرشاد التربوي المناسب له، ومساعدته بما يتناسب واحتياجاته الشخصية.
وتواصل مدوخ حديثها قائلة: “إن المشروع لاقى قبولاً واسعاً في قطاع غزة كونه ينسجم مع بنود التنمية المستدامة في تطوير شخصية النشء لتفعيل دور التربية الإبداعية في حياتهم من خلال عدم الاستهتار بمساهمتهم مهما كانت صغيرة فالمشاركة الصغيرة قد تساهم في حل مشكلة كبيرة وهامة، ومواجهة الأفكار والإيحاءات السلبية ومواجهة النفس من خلال عملية التساؤل بهدف التعرف على الذات وما تريده وما هي طاقتها وميولها و إيجابيتها وسلبياتها.
كما يشجع الأطفال على التدريب الشخصي وتوسيع الأفق بالقراءة والاطلاع، والخروج من روح التقليد والمحاكاة فالتقليد والانصهار المسرف في شخصيات الآخرين وأد للموهبة وإلغاء متعمد للتميز والتفرد.