Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

هل باتَ الوفاءُ ورقةً غائبةً في فصولِ قصصِ الزواجِ !؟

ضجَّتْ وسائلُ الإعلامِ بِخَبرِ تَبرُّعِ زوجٍ شابٍّ طبيبٍ بكليَتِه لزوجتِه المريضةِ بالفشلِ الكلويِّ في مدينةِ غزةَ ، وتَناقلتْ الوسائلُ صورتَه المكتوبَ عليها “لقد انتصرْنا يا ريما”،

صورةٌ تُرخي بظِلالِ الفرحِ و الجمالِ الروحيِّ لكُلِّ مَن رآها، ومن بعيدٍ ، نَستنتجُ كمَّ التحدياتِ والتضحياتِ التي لاقاها ، وسوادَ ليالي الألمِ التي عاشاها،  ولكنّ السؤالَ الذي يطرحُ نفسَه، لماذا هذا الانبهارُ؟!

لماذا استَكثرَ الناسُ هذا الفعلَ على الزوجِ المُحِبِّ المخلصِ لزوجتِه سَكَنِه وموَدَّتِه ؟!

حينَما نرى المَشهدَ عن قُربٍ ، نُدرِكُ أنَّ هذا الرجلَ كان زوجًا حقًّا ، والسَّندَ الحقيقَ في العُسرِ واليُسرِ .

فالحبُّ ليس شعاراتٍ  تُنفَخُ بها رؤوسُنا من مُراهقي المشاعرِ من كلِّ الأجيالِ ، بل هو رجلٌ ناضجٌ ،  حافَظَ على سَكَنِه ، وعلى قلوبِ أبنائه ، فقدْ طبَّبَ كلَّ أهلِ بيتِه؛ لا زوجتَه فحَسْبُ ، البيتُ الذي فيه مريضٌ يكونُ جُلُّ ساكنيهِ مَرضَى .

قرأتُ مرّةً لَفتةً جميلةً “لأدهم الشرقاوي”، نقلاً عن أحدِهم :أوصلتُ زوجتي إلى المطارِ لأَدَاءِ مَناسِكِ الحجِّ، برفقةِ والدتِها ،وعندَما عُدتُ إلى البيتِ شعرتُ كأني جالسٌ في الطّريقِ ،ليستْ المرَّةَ الأُولَى التي نَفتَرِقُ فيها ،أنا أُسَافِرُ كثيرًا،

ولكنّ هذه المرَّةَ سافَرَ البيتُ كُلُّه! السَّكَنُ والبيتُ ،الجَمعةُ الحلوةُ احتواءُ الجميعِ ، مراعاةُ ظروفِ واهتماماتِ الكُلِّ ، الطَبطَبةُ على قلبِ كلِّ قلبٍ بِما يَلزَمُه .

ناهيكَ عن التكاملِ بينَ الأزواجِ و العواطفِ، وحُسنِ العِشرةِ والاحتياجاتِ الخاصةِ ، ألَمْ يَكْفِ كلُّ هذا السَّردِ بأنْ يكونَ سببًا لأنْ يُقدِّمَ الرجلُ كليَتَه لزوجتِه التي يحبُّ،  وأنا على يقينٍ أنْ لو تَبادلوا الأدوارَ؛ لكانَ ذاتَ العطاءِ من ذاتِ المرأةِ لِذاتِ الرجلِ، فالحُبُّ المُتبادَلُ تُربةٌ خصبةٌ للعطاءِ .

هل أصبحَ العطاءُ والوفاءُ والتضحيةُ ورقةً غائبةً عن الحياةِ الزوجيةِ في أيامِنا هذه!

وهل باتَتْ القصصُ مَحصورةً في الرواياتِ والأفلامِ و المسلسلاتِ!  وهل الواقعُ خاصَمَ الأوفياءَ ! فلم يَعُدْ هناكَ مَن يكتبُ مِثلَ تلكَ الفصولِ الزاهيةِ في سِيَرِهم !!

منذُ صغري وأنا أرقُبُ وفاءَ والدي لوالدتي رحِمَهما اللهُ ،فوالدتي كانت تُعاني من العديدِ من الأمراضِ المُزمِنةِ التي أرقدَتْها في الفراشِ ، فكنتُ لا أرى  من والدي سِوَى دمعاتِ الحزنِ عليها؛ حينَما يشتدُّ بها الألم،  ناهيكَ عن مَشاهدِ الوفاءِ، والحُبِّ، ومراعاةِ الأحاسيسِ، والرعايةِ، والاهتمامِ الشديدِ بكُلِّ التفاصيلِ، التي لم يكنْ المرضُ قادرًا على تذويبِ حُبِّ العمرِ والعِشرةِ الطيبةِ التي طُوِيَتْ بينَ أيامِه ، وكثيرًا ما همَسوا لوالدي بالزواجِ؛   ولكنْ هَيهاتَ أنْ يَجِدوا آذانًا صاغيةً لِتلكِ الهَمساتِ.

حتى أنّ أرواحَهم ما وَسِعتْ أنْ تُفارِقَ بعضَها طويلاً ، سِوَى بِضْعٍ من الشهورِ حتى لَحِقَ بها بعدَ أحدَ عشرَ شهرًا من موتِها ، لِيَرحَلا ويترُكا صورةً ذهبيةً للحياةِ الزوجيةِ؛ يَعرِفُها جيّدًا كلُّ مَن كان قريبًا منهم .

هذه الدروسُ يجبُ أنْ يَعلَمَها، ويتعلَّمها الشبابُ الأزواجُ ، إنْ لم تكنْ صاحبَ عزمٍ في الشدَّةِ مع شريكِكَ ؛ فلن تَفِيَ كُلُّ كلماتِ الحبِّ والرومانسيةِ في أيامِ الرخاءِ والسَّخاءِ.

لهذا حَرِيٌّ بالكُتَّابِ والإعلاميينَ أنْ يَكتبوا عن قصصِ وفاءِ الأزواجِ  الحقيقةِ في واقعِنا ، يكتبوها بتفاصيلِها ،فنبيُّنا محمد _صلى الله عليه وسلم_ كان من أشدِّ الناسِ إفصاحًا لِحُبِّه ووَفائه لزوجاتِه ، واهتدَى كثيرونَ بهذا الإرثِ الجميلِ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى