شباب من غزة يحيون فن الفسيفساء بالدمج بين الهندسة والفن

تقرير : السعادة
استوحت المعمارية الفلسطينية “ريا موسى”، فكرة مزج الهندسة والفن في صناعة فسيفساء من المنطقة الأثرية “تل أم عامر”، الواقعة وسط قطاع غزة والذي تعد من أقدم المواقع الأثرية الفلسطينية في القطاع، والمسمى قديماً بـ” دير القديس هيلاريون” في محاولة منها لإبراز تبرز الهوية والتراث الفلسطيني بجمالياته وبطريقة عصرية من خلال دمج التراث الفلسطيني بلوحات الفسيفساء يشاركها بالعمل فريق من الشباب الذين لاقى شغفهم العمل الهندسي والتراثي، لتشكل وفريقها انتاجا فنيا رغم تحديات كثيرة.
غير مألوف
وحول البدايات تقول موسى:” ان مجالي في الهندسة المعمارية له أثر كبير في إنجاح هذه الفكرة، خاصة أنني كنت أقوم بتدريب شباب في مواقع الآثار في غزه، ووجودي في هذه المواقع عرفني على فن الفسيفساء بشكل مباشر والتعامل معه عن قرب.
وتضيف هذا التواجد دفعني لأن أحب الفسيفساء وأتوجه للتعمق به أكثر على الرغم أنه فن قديم لكن غير مألوف وكذلك فن غريب وجميل جدا، وهذا الشيء دفعني لأن أعمل مشروع يهتم بفن الفسيفساء، فالمزج بين الماضي والحاضر بإحياء الماضي ولكن بطرق حديثة ليس بالأمر السهل خصوصا عندما نتعامل مع الزجاج، ولكنه بالنسبة لهؤلاء بات يشكل لوحة حياتهم القادمة بإتقانهم فنا أحبوه ولكن بطريقة عصرية.
وتستدرك الفن الذي نستخدمه حاليا، هو في الأصل فن قديم، والفكرة في هذا المشروع هو إحياء هذا الفن بشكل وبطريقة مختلفة والأحرى بطريقة معاصرة، واستخدام نفس الآلية التي استخدمت قديما، لكن مع بعض التغيير بها لتناسب الواقع وتطورات العصر ونربطه بتراثنا الفلسطيني.
وتابعت الفكرة هي ربط الماضي بالحاضر من خلال إحياء فن الفسيفساء بطريقة عصرية، ودمجه بتصاميم معمارية حتى يكون عنصر معماري يمكن من خلاله تزيين الأماكن العامة أو البيوت، فهنا لوحه من التراث الفلسطيني مصممة بالفسيفساء، وهذه اللوحة أيضا تصور امرأة مسنة ترتدي الزي الفلسطيني الشعبي بينما تصور أخرى لفراشات أو لأشخاص ونباتات وحيوانات.
شعور روحاني
فيما يقول مهندس الديكور وليد اليعقوبي “الفن يحيي الزمن الذي اندثر بأساليب جديدة مع تطور مواد البناء التي يستعملها المهندسون خاصة وانه لا تتوفر الكثير من المواد والأدوات الأساسية التي يعملون بها مثل الزجاج وقواطعه والسيراميك في الشريط الساحلي ويجب استيرادها، وقد يكون صنع قطعة فسيفساء مكلفا مع بلوغ متوسط سعر اللوحة ما يصل إلى 450 دولارا. ويزيد هذا المبلغ وفقا لحجم اللوحة والأدوات المستخدمة فيها.
وفيما يتعلق بالمواد المستخدمة والمفضلة لها ولفريق العمل معها قالت المعمارية موسى:” يوجد أكثر من مادة تستخدم في عمل لوحات الفسيفساء، ونحن نفضل العمل بالزجاج، لأنه يعطي انعكاسات جميلة وجذابة، كذلك يعطي شعور روحاني للوحة، لكن لا يوجد عمل يخلو من المشاكل، خاصة أن هذا الزجاج المستخدم في فن الفسيفساء غير متوفر بشكل دائم مما يعيق في بعض الأحيان الكثير من عملهم.
فنون عريقة
توضح المهندسة المعمارية ان الزجاج غير موجود في قطاع غزة، وذلك لعدة أسباب وهي عدم وجود مصانع زجاج في القطاع، وكذلك تكلفة عالية جدا، لأنه يصنع بشكل يدوي وألوانه نادرة نوعا ما، كذلك الأدوات يتم استيرادها من الخارج، توجد أكثر من أداه تستخدم في العمل مثل قطاعات الزجاج والمكان الذي يتم قص الزجاج منه غير موجود في غزة”.
وتنوه ان بعض هذه المواد يسمح بإدخالها عبر المعابر، وتلك من المشاكل والعقبات التي تواجهنا كفريق عمل، وهذا يحد من توسيع عمل المشروع وكذلك الأشخاص الذين يعملون به جلهم متطوعين، لأننا لا نقدر على توسيع نطاق العمل لأكثر من ثمانية أشخاص، كون المشروع لا يوجد من ورائه عائد ربحي.
وتؤكد موسي أن تلك المعوقات لم تنل من عمل الفريق، فهي تطمح لتوسيع مشروعها الفني، وان يكون هناك اقبال وتعريف عن قرب أكثر بفن الفسيفساء، خاصة وان الفسيفساء من الفنون العريقة التي وجدت منذ القدم، وتقوم على آلية الزخرفة بواسطة قطع صغيرة جدًا ومرصوصة مع بعضها لتشكل لوحة متناسقة ومتناغمة.
ويمكن أن يستخدم الفنانون في الفسيفساء عدة مواد منها الحجر والمعادن والزجاج وغيرها، وهذه القطع الصغيرة التي تشكل لوحات الفسيفساء هي قطع عشوائية لا تشكل لوحدها أي قيمة وقد لا تحتوي على أبعاد متناسقة، ولكن تشكيلها مع بعضها بالشكل الصحيح سينتج عنه عملًا فنيًا.