Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

رياديٌّ يستخلصُ الفيتاميناتِ والمغذياتِ من الطحالبِ لأولِ مرّةٍ في غزة

 

تقرير : السعادة

يقودُنا الشغفُ دومًا إلى النجاحِ، فكيف لو كان هذا الشغفُ عالمًا من البحثِ الطويلِ والمعلوماتِ المتراكمةِ التي احتاجتْ سنواتٍ لتصبحَ واقعًا، الشاب عبد القادر بكر (28 عامًا) قادَه شغفَه في مجالاتِ البحثِ الخاصةِ بالزراعةِ، ولفتتْ نظرَه بعضُ المنشوراتِ العلميةِ التي تتحدثُ عن الطحالبِ البحريةِ، واستخداماتِها المتعدّدةِ في مجالِ التغذيةِ البشريةِ، والأسمدةِ الحيويةِ للنباتاتِ والحيواناتِ، والعلاجاتِ الطبيةِ.

ثلاثةُ أعوامٍ هي الوقتُ الذي احتاجَه “عبد القادر بكر” من سُكانِ مخيمِ الشاطئِ للاجئينَ، غربَ مدينةِ غزةَ، للدراسةِ والتجاربِ والمحاولاتِ العديدةِ، ليُحَقّقَ حُلمَه في استخلاصِ الفيتاميناتِ من الطحالبِ البحريةِ، بعدَ أنْ أنشأ مزرعةً مُصغَّرةً من طحالبِ (الإسبيرولينا) بأدواتٍ بسيطةٍ، تُعَدُّ أولَ مزرعةٍ على مستوى الوطنِ، وذلك لاستخلاصِ الفيتاميناتِ منها.

مُنتَجٌ خامٌ

ويقولُ بكر لـ “السعادة”: “بعدَ البحثِ والاطِّلاعِ والمتابعةِ، حولَ أهميةِ الطحالبِ ومجالاتِ استخداماتِها المُتعدِّدةِ؛ وجدتُ أنّ طحالبَ (الإسبيرولينا) لها مَزارعُ كبيرةٌ في دولِ العالمِ “كأمريكا، وماليزيا، ومصر”، ما شجَّعني على التفكيرِ بإنشاءِ مزرعةٍ مُماثِلةٍ في غزةَ.”

ويضيفُ: “تواصلتُ مع مُختَصِّينَ في مختلفِ البلدانِ؛ لتَزوِيدي بمعلوماتٍ حولَ آليّةِ زراعةِ الطحالبِ داخلَ قطاعِ غزةَ، واستخلاصِ الفيتاميناتِ منها، خاصةً أنها تحتاجُ إلى مُناخٍ مُعيّنٍ وأدواتٍ خاصةٍ بها”، ومعَ البحثِ والدراسةِ تَبيَّنَ إمكانيةُ زراعتِها في قطاعِ غزة، مشيرًا إلى أنه بحثَ في الأسواقِ المحليةِ عن مدَى إقبالِ المواطنينَ على شراءِ طحالبِ (الإسبيرولينا)؛ فوجدَ أنّ هناكَ عددًا لا بأسَ به من المواطنينَ؛ يستَورِدونَها كمُنتَجٍ خامٍ عن طريقِ البريدِ من “ماليزيا، وأمريكا” وبتَكلفةٍ عالية؛ نتيجةَ افتقارِ القطاعِ لوجودِ هذا المُنتَجِ. 

ويتابعُ: قبلَ بدءِ عملِي بزراعةِ الطحالبِ؛ تلَقيتُ تدريباتٍ عن بُعدٍ، فترةَ انتشارِ “فيروس كورونا” من إحدى الجامعاتِ المصريةِ، حولَ آليّةِ إنتاجِه للطحالبِ، واستخلاصِ الفيتاميناتِ منها، ثُم استوردتُ عيناتِ الطحالبِ من الخارجِ؛ لتَتأقلمَ مع مُناخِ غزةِ، حيثُ كانت التجربةُ تارةً تنجحُ، وتارةً أخرى تفشلُ؛ نتيجةَ عدمِ وجودِ إمكاناتٍ لاستمرارِ الزراعةِ”.

ويوضّحُ أنَّ التحدي الأكبرَ للمشروعِ؛ كان عدمَ توفُّرِ المادةِ الحيّةِ، ومكوّنات إنمائها داخلَ القطاعِ، الأمرُ الذي دفعَه لاستيرادِ المادةِ الحيّةِ من الخارجِ، وبدءِ العمليةِ الإنتاجيةِ في مزرعتِه، وبيَّنَ “بكر” أنه لاحظَ وجودِ كثافةٍ للعمليةِ الإنتاجيةِ في الطحالبِ، تزدادُ يومًا تِلوَ الآخَرِ، وبعدَ ذلكَ عملَ على إرسالِ عيناتٍ لِمُختَصِّينَ في مصرَ؛ لِفحصِ العيناتِ والتأكُدِ من نجاحِها.

انقسامٌ وكثافةٌ

ونوَّهَ أنَّ عمليةَ الإنتاجِ تمرُّ بعِدّةِ مراحلَ؛ بدءًا من تركيبِ المحلولِ الخاصِّ، ومن ثَم ينتظرُ (48) ساعةً ليَتجانسَ الماءُ معه،  ثُم تأتي عمليةُ الزراعةِ من خلالِ إضافةِ المادةِ الحيّةِ إلى المحلولِ، وتبدأُ عمليةُ الانقسامِ والكثافةِ، وتليها عمليةُ البناءِ الضوئيّ للطحالبِ،  ثُم مرحلةُ القطافِ.

مشيرًا إلى المرحلةِ التاليةِ التي تَتضَمنُ تصفيةَ الطحالبِ من خلالِ “شاشٍ أبيضَ ضيِّقِ المَساماتِ”،  ثُم غسلَها بماءٍ نقيٍّ مرّةً أخرى، لِتليها مرحلةُ التجفيفِ، ثُم مرحلةُ الطحنِ عبرَ آلةٍ كهربائيةٍ، وأخيرًا تعبئتَها في الأكياسِ المخصصةِ، وتجهيزَها للبيعِ في الأسواقِ المحليةِ.

ويستدركُ “بكر” حديثَه لـ السعادة قائلًا:” كثيرٌ هي الصعوباتُ التي واجهتْني خلالَ تكريسِ الشغفِ؛ ليُصبحَ مشروعًا كاملاً متكاملاً، أبرزُها القدرةُ على الاستمراريةِ في البحثِ والمحاولةِ، فالظروفُ المحيطةُ بقطاعِ غزةَ تَدفَعُكَ آلافَ المرّاتِ للتوقفِ والهروبِ ، ثُم ظروفُ قطاعِ غزةَ السياسيةُ والاجتماعيةُ، كانت من الصعوباتِ الواضحةِ والبارزةِ التي رُبما دفعتْني للتوَقُفِ عِدّةَ مراتٍ.

علاوةً على غيابِ الإمكاناتِ الشخصيةِ التي أمتلِكُها، كعَدمِ وجودِ دفيئةٍ داخلَ مزرعتي الصغيرةِ، خاصةً أنّ الطحالبَ تحتاجُ إلى درجةِ حرارةٍ معيّنةٍ، وكان هذا سببًا في فشلِ الكثيرِ من المحاولاتِ، علاوةً على عدمِ توَفُرِ بعضِ العناصرِ “كنَتراتِ البوتاسيوم”، وغيرِها.. التي نحتاجُها لنُموِّ وتكاثُرِ الطحالبِ.

معادنُ وبروتيناتٌ

يلفِتُ “بكر” إلى الطحالبِ المُنتَجةِ؛ وهي عبارةٌ عن بكتيريا خضراءَ، يميلُ لونُها إلى الزرقةِ، تستخدمُ في أكثرَ من مجالٍ، لِما لها من قيمةٍ غذائيةٍ عاليةٍ، كونَها مصدرَ مَعادنَ وبروتيناتٍ، تصلحُ للاستخدامِ النباتي كَمُخَصِّبٍ حَيويٍّ للتُربةِ، بَديلاً عن الأسمدةِ الكيميائيةِ؛ كما تُستخدمُ كَمُكَملٍ غذائيٍّ للحيواناتِ، وترفعُ مناعةَ الحيوانِ، بحيثُ يقلّلُ إصابتَها بالأمراضِ”.

أمّا حولَ طرُقِ الاستفادةِ للاستهلاكِ الآدَميّ، يقولُ: يُمكِنُ خلطُها مع العصيرِ، أوِ الماءِ، أوِ السلَطاتِ، ووجباتٍ غذائيةٍ أخرى.

ويطمحُ “بكر” في الحصولِ على تسويقِ مُنتَجِه بعدَ الحصولِ على موافقةٍ رسميةٍ من وزارتَي الصحةِ والزراعةِ؛ مُعبِّرًا عن أمَلِه في أنْ يكبَرَ المشروعُ؛ ويُحقّقَ نجاحًا كبيرًا، ويصبحَ مشروعًا واعدًا يخدمُ قطاعِ غزةَ بالدرجةِ الأولى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى