هل ينجحُ عِصيانُ الأسرى الفلسطينيّينَ؟
بدأ الأسرى الفلسطينيونَ في السجونِ الإسرائيليةِ عِصيانًا منذُ يومِ الأربعاءِ الموافقِ(15/2/2023م) وحتى تاريخِه، أي لمدّةِ (29) يومًا، احتجاجًا على اتخاذِ إجراءاتٍ من قِبلِ مصلحةِ إدارةِ السجونِ الإسرائيليةِ؛ تَهدِفُ إلى التضييقِ عليهم؛ أوصَى بها وزيرُ الأمنِ القوميّ الإسرائيليّ “إيتمار بن غفير”، والتي شكّلتْ تغَوُّلاً على الأَسرى بشكلٍ عام، والأسيراتِ والأسرى الأطفالِ في سجنِ “الدامون” الإسرائيلي بشكلٍ خاصٍّ، وتُعَدُّ سلسلةُ الإجراءاتِ تغوُّلاً على الأسرى الفلسطينيينَ وحقوقِهم؛ مِثلَ وقفِ إدخالِ الخبزِ للسجونِ، والمساسِ بحقِّهم في الاستحمامِ”، وتحديدِ كمياتِ المياهِ الداخلةِ للأسرى، وتقليصِ عددِ مراتِ الاستحمامِ، الأمرُ الذي يخالفُ كافّةَ المواثيقِ والأعرافِ الدوليةِ، خاصةً اتفاقيةَ “جنيف”، ومعاهدةِ “لاهاي”، وبحسبِ هيئةِ الأسرى، ونادي الأسيرِ؛ تتعدّدُ مظاهرُ إجراءاتِ العصيانِ التي أعلنَ عنها الأسرى الفلسطينيونَ من داخلِ السجونِ الإسرائيليةِ، من أبرزِها عَرقلةُ ما يسمَّى بالفحصِ الأمني، وإعادةُ وجباتِ الطعامِ، والاعتصامُ في السّاحاتِ، وتأخيرُ الدخولِ إلى الأقسامِ بعدَ انتهاءِ “الفورة”، وبعدَ صلاةِ الجمعةِ، وارتداءُ اللباسِ البنيِّ “الشاباص”؛ للتأكيدِ على استعدادِ الأسرى للمواجَهةِ الجماعيةِ والفرديةِ، وإغلاقُ الأقسامِ؛ الأمرُ الذي يعني توَقُفَ جميعِ مظاهرِ الحياةِ الاعتقاليةِ اليوميةِ، والتي تَحتكِمُ إلى واقعِ الحياةِ الاعتقاليةِ المفروضةِ على الأسرى، وتنتهي بإعلانِ الإضرابِ عن الطعامِ في بدايةِ شهرِ رمضانَ المباركِ لعامِ (2023م).
ويبلغُ عددُ الأسرى والمعتقلينَ الفلسطينيينَ في سجونِ الاحتلالِ، نحوَ (4780) أسيرًا، بينَهم (160) طفلاً، و(29) أسيرةً، و(914) معتقلاً إداريًّا، يعانونَ من عذاباتٍ متعدّدةٍ ومختلفةٍ على مدارِ السنواتِ المُنصرِمةِ، وصلتْ لِحَدِّ الإهمالِ الطبيّ والموتِ المُتعمدِ، ولكن ازدادَ الأمرُ سوءًا وحِدَّةً منذُ توَلِّي (إيتمان بن غفير) منصبَ وزيرِ الأمنِ القوميّ الإسرائيليّ، المعروفِ بفاشيَّتِه وكُرهِه الشديدِ للعربِ، وأنه الأكثرُ تطرُّفًا ووحشيةً بينَ الزعماءِ الإسرائيليينَ، ومُهاجمتِه للعربِ في كلِّ المحافلِ، وتشجيعِ الاستيطانِ، وإقامةِ الهيكل،ِ وعدمِ تَوانيهِ عن محاربةِ كلِّ من يُخالفُه في أفكارِه المتشدِّدةِ العنيفةِ _حتى من اليهودِ أنفُسِهم_ وقام بإسقاطِ توَجُهاتِه الفكريةِ في جُملةٍ من القراراتِ التي أثّرتْ سلبًا في الوضعِ المَعيشي للفلسطينيّينَ بشكلٍ عام، وللأسرى الفلسطينيينَ أيضًا.
ومن المتوَقّعِ أنْ يتصاعدَ عصيانُ الأسرى خلالَ الشهرِ الحالي، ومن المتوَقّعِ أيضًا نجاحَه كما نجحتْ كلُّ حركاتِ الأسرى الكُبرى الاحتجاجيةِ السابقةِ، التي اتذَحدَتْ بها الفصائلُ الفلسطينيةُ داخلَ السجونِ الإسرائيليةِ، خاصةً مع وجودِ حالةٍ من السخطِ على (إيتمان) من قِبلِ المجتمعِ الإسرائيليّ نفسِه؛ كَونَه السببَ في حالةِ التصعيدِ الأمنيّ الداخليّ الحاصلةِ، والتي تجَلّتْ في عملياتِ إطلاقِ النارِ، والدَّهسِ، التي جرتْ في الشهرَينِ المُنصرمَينِ، وما عِصيانُ الأسرى الحالي إلّا نتاجُ جزءٍ منه، ولِضمانِ نجاحِه، يجبُ علينا التكاتفُ وبذلُ جميعِ الجهودِ المتاحةِ لدعمِ وإسنادِ الأسرَى، وإيصالُ صوتِهم للمجتمعِ الدوليّ كلٌ حسبَ الحِّيزِ المُتاحِ له.