Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
عيشها صح

هل يمكنُ أنْ نَثِقَ بحَدْسِنا؟

هل هي مُجرَدُ مشاعر؟

 

الدكتور: خالد العجوري مدرِّبُ تنميةٍ بشريةٍ

 

يُحذِّرُكُ حَدْسُكَ مِن فِعلِ شيءٍ مُعيّنٍ، أو يُبعِدُكَ عن شخصٍ ما، أو يَجعلُكَ تَميلُ ناحيةَ خيارٍ مُحدَّدٍ من دونِ الاستنادِ إلى أُسُسٍ منطقيةٍ، هو مُجرَدُ شعورٍ يَدفعُكَ لاتخاذِ قرارٍ مُعيّنٍ، من غيرِ أنْ تكونَ قادرًا على توضيحِ أسبابِه.

ويتميزُ الحَدْسُ -الذي يطلقُ عليه بعضُ الناسِ اسمَ “الحاسةُ السادسةُ”- بأنه عفويٌّ وسريعٌ، ويَنتُجُ عن معالجةِ الدماغِ للمعلوماتِ التي استقبلَها وخزَّنَها سابقًا، ولكنْ في النهايةِ هو شعورٌ قد يكونُ متحيّزًا، وتَجِبُ إدارتُه وتوظيفُه بشكلٍ صحيحٍ، من دونِ إهمالِ الإشاراتِ التي يُعطيها، أوِ الاعتمادِ عليهِ بشكلٍ تامٍّ عندَ اتخاذِ القراراتِ.

كيف يتَطوّرُ حَدسُنا؟ ومتى عليكَ الثقةَ به؟ وما أخطارُ الإفراطِ في اتِّباعِه؟ وكيف يمكِنُكَ جعلُ مشاعِرِك الغريزيةِ أدَقَّ لاتخاذِ قراراتٍ أفضلَ؟

كيف يتطوّرُ الحَدسُ؟

هناك اعتقادٌ خاطئٌ بأنَّ الحَدسَ مبنيٌّ على المشاعرِ؛ إلّا أنَّ “الحاسّةَ السادسةَ” تتطوّرُ من التعرُّضِ للأحداثِ المثيرةِ التي يحفظُها الدماغُ، وتُخَزّنُ في الجسمِ، ويتلقَّى عقلُكَ، ويعالِجُ باستمرارٍ معلوماتٍ محيطةٍ بكَ؛ رُبما عقلُكَ الواعي لا يُدرِكُها.
ومن ثَم يستخدمُ دماغُكَ هذه المعلوماتِ المُخزّنةَ من التجاربِ السابقةِ للتنَبؤِ بما سيَحدُثُ عندَ التعرّضِ لمثيراتٍ مشابِهةٍ، وتشعرُ حينَها بتفسيرِ جسمِكَ لهذا الحدَثِ المُرتقَبِ، ويُخبِرُكَ بما عليكَ فِعلَه من المُضي قدُمًا أو التراجُعِ.

متى تَثِقُ بِحَدسِكَ؟

قد تشعرُ أنك محتارٌ بينَ الثقةِ بحَدسِكَ، وكونِه لا يَستَندُ إلى حقائقَ، وأنه لا يجبُ إتِّباعُه. ولإنهاءِ هذه الحَيرةِ، قد يساعدُكَ طرحُ هذه الأسئلةِ على نفسِكَ في تحديدِ مدَى دقّةِ حَدسِكَ.

 

هل لديكَ خبراتٌ سابقةٌ؟

 

نظرًا لأنَّ حَدسَنا يتِمُ بناؤه وتطويرُه من الخبراتِ الحياتيةِ، تكونُ المواقفُ التي مرَرْنا بها مألوفةً، وتُعزِّزُ هذه الأُلفةُ قدرتَنا على التنبؤِ بالمواقفِ؛ عندَما تَحدثُ مجدَّدًا، أو عندَ حدوثِ ما يُشبِهُها.

على سبيلِ المثالِ، تتمتّعُ المُمرضةُ -التي قضتْ (20) عامًا من الخبرةِ في القطاعِ الطبيّ- بحَدسٍ أقوَى من ممرضةٍ بدأتْ العملَ حديثًا، فما لدَى الأولى من مَخزونٍ كبيرٍ من الخبراتِ، يُعزِّزُ قدرتَها على التنبؤِ بشكلٍ أدَقَّ.

ويمكِنُكَ من خلالِ مراجعةِ خبراتِكَ السابقةِ تحديدُ مدَى دِقّةِ حَدسِكَ، ومعرفةُ من أين يَصدرُ هذا الشعورُ القويُّ الذي يدفعُكَ إلى اتِّجاهٍ مُعيَّنٍ، وإنْ كان عليكَ اتّباعَه أَم لا.

 

هل يحتاجُ الوضعُ إلى قرارٍ سريعٍ؟

هناكَ أوقاتٌ لا يتوفرُ لدَيكِ الوقتُ الكافي للتفكيرِ، وتحتاجُ إلى اتخاذِ قرارٍ سريع.

وغالبًا ما تكونُ هذه المواقفُ شديدةَ التوتُرِ، ورُبما لا تتخذُ القرارَ المثاليَّ، ولكنْ إذا لم يكنْ لدَيكَ الوقتُ لتحليلِ خياراتِك، فإنّ حَدسَكَ هو أفضلُ رهانٍ لكَ.

هل قرارُكَ متحيّزٌ؟

تصعبُ الإجابةُ عن هذا السؤالِ، إذْ تتطلّبُ قَدرًا كبيرًا من التأمُلِ الذاتي، ومع ذلكَ، فكُلَّما كنتَ حريصًا على التحقُّقِ من مشاعرِكَ وقراراتِكَ؛ ستَتمَكّنُ من ملاحظةِ إذا كان حَدسُكَ يَنبُعُ من تَحيُّزاتٍ معرفيةٍ أَم حقائقَ.

مخاطرُ الإفراطِ في الثقةِ 

التَّهَوّرُ والمُجازَفةُ: أجرَى “دون مور”، أستاذُ دراساتِ الاتصالِ في كليةِ “بيركلي هاس” لإدارةِ الأعمالِ، أبحاثًا عن الإفراطِ في الثقةِ بالنفسِ، وقال: إنّ “المبالَغةَ في تقديرِ قدراتِنا ومعرفتِنا قد تَدفعُنا إلى التَّهوُّرِ والمُجازفةِ، ولذلكَ فإنّ الثقةَ المُفرطةَ بحَدسِكَ يمكنُ أنْ يكونَ لها تأثيرٌ سلبيٌّ”.

التحيُّزُ: أحَدُ مخاطرِ الثقةِ الزائدةِ بالحَدسِ؛ هي إيمانُ الشخصِ بشِدّةٍ بأنه وآراؤهُ أيضًا على حقٍّ، لمُجرَدِ أنه يشعرُ بذلكَ، ولا يدركُ أنَّ شعورَه يُمكِنُ أنْ يكونَ متحيّزًا لأسبابٍ متعدّدةٍ.

وإدراكُ إمكانيةِ وجودِ هذا التحيُّزِ هو الخطوةِ الأولى في الحفاظِ على حَدسٍ صحيحٍ ودقيقٍ، ويجبُ الأخذُ في الاعتبارِ أنّ عليكَ التفكيرَ في الدلائلِ المتوفّرةِ للتحقُّقِ من مدَى صحةِ هذا الحَدسِ.

كيفيةُ تحسينِ حَدسِكَ؟

تساعدُكَ هذه الأدواتُ في تحسينِه؛ ليكونَ أكثرَ دِقّةً وأقلَّ تحيُّزًا:

اكتُبْ يوميّاتَكَ 

تدوينُ اليومياتِ هو وسيلةٌ مفيدةٌ لتَتبُعِ حَدسِكَ ودوافعِه، فإذا قمتَ بتوثيقِ ذلكَ بانتظامٍ، ستَتعلّمَ المزيدَ عن نفسِكَ، وأنماطِ تفكيرِك، وتحيُّزاتِك، ويَسهُلُ عليكَ بمُرورِ الوقتِ تحديدُ مصدرِ حَدسِكَ وتنقيحُه من التحيُّزاتِ.

ويمكِنُكَ تخصيصُ جزءٍ لتَدوينِ مواقفَ يوميةٍ؛ كان لِحَدسِكَ فيها صوتٌ مؤثِّرٌ، وما شعرتَ به نفسيًّا وجسديَّا، والقراراتِ التي اتخذتَها، وهل كانت بناءً على خبراتٍ سابقةٍ أَم تحيُّزًا؟

اسمَعْ صوتَ ذاتِكَ 

قضاءُ بعضِ الوقتِ للملاحظةِ والتحقُّقِ ممّا تشعُر به، وما يُخبِرُكَ به صوتُكَ الداخليُّ؛ يوفّرُ لكَ كثيرًا من المعلوماتِ عن مصدرِ هذا الحَدسِ، ومدَى دِقّتِه.

ويمكِنُ أنْ تساعدَكَ عملياتُ التحقُّقِ من حَدسِكَ في المواقفِ الصغيرةِ من مراقبةِ مشاعِرِكَ الغريزيةِ عن كَثبٍ، واتّخاذِ قراراتٍ أفضلَ في المستقبلِ.

اعتمِدْ على التفكيرِ التحليليّ

عزّزْ حَدسَكَ بِدَمجِه مع التفكيرِ التحليليّ لاتخاذِ قرارٍ مدروسٍ جيدًا، وإذا كنتَ تَزِنُ الإيجابياتِ والسلبياتِ، وتَساوتْ الخياراتُ، فقد يكونُ شعورُكَ الغريزي عاملًا فاصلاً قيِّمًا لمساعدتِكَ في اتخاذِ أفضلِ قرارٍ.

عزّزْ ذكاءَكَ العاطفيَّ 

أحدُ العواملِ التي تؤثّرُ على قوةِ الحَدسِ ودِقّتِه، هو الذكاءُ العاطفيُّ، ويساعدُ تطويرُه في تعزيزِ قدراتِنا على اتّخاذِ قراراتٍ أكثرَ دِقّةً، تعتمدُ على حَدسِنا.

وكان الحَدسُ هو مصدرُ الإلهامِ لأكبرِ العلماءِ، إذ لم يتردَّدْ “ألبرت أينشتاين”_ وهو أشهرُ علماءِ الفيزياءِ على مرِّ التاريخِ_ عندَما سُئلَ عن مصدرِ عبقريتِه، فأجابَ بالقولِ: “أنا أؤمِنُ بالحَدسِ والإلهامِ، أحيانًا أشعرُ فقط أنني على حقٍّ، لا أعلمُ ذلكَ حقًّا، لكنني أشعُر به”، لذلكَ لا تُهمِلْ حَدسَكَ.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى