Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
فتاوي شرعية

ما الحُكمُ الشرعي في ألفاظِ الطلاقِ التي يلفظُ بها بعضُ الأزواجِ على زوجاتِهم؟ هل يقعُ الطلاقُ أمْ لا ؟

 

السعادة

 

(عليَّ الطلاق ما إنتِ طالعة من البيت)، أو (بتكوني طالق إذا بتروحي على المكان)، أو ( طلاق منك ما إنت عاملة كذا)،أو (أنت طالق)،أو (عليَّ الطلاق لو عملتي…. ما بتكوني زوجتي)،وغيرُها من الألفاظِ التي إمّا هي كنايةٌ في الطلاقِ، أو صريحةٌ به، أو أنها يمينٌ من الممكنِ أنْ تؤدي للوقوعِ في الطلاقِ؛ إنِ اعتادَ اللسانُ التلفُظَ بها.ما الحُكمُ الشرعي في ألفاظِ الطلاقِ التي يلفظُ بها بعضُ الأزواجِ على زوجاتِهم؟ هل يقعُ الطلاقُ أمْ لا ؟

اعتادَ الكثيرونَ على التلفظِ بهذه الألفاظِ وغيرِها؛ دونَ أنْ يراعيَ أنّ هذه المسائلَ لا يمكنُ فيها التلاعبُ بالألفاظِ؛ حتى لو كانت من بابِ المزاحِ؛ لِما رواه أبو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالرَّجْعَةُ) والبعضُ لا يكتفي بإيقاعِ طلقةٍ واحدةٍ على زوجتِه؛ بل هو يحتاجُ إلى إثباتِ رجولتِه من خلالِ زيادةِ العددِ؛ فيقولُ لها -على سبيلِ المثالِ-: (أنتِ طالق بالألفِ أو بالميِّةِ)! جاهلًا أو متجاهلًا أنّ هذا من بابِ الاستهزاءِ بالدّينِ، حيثُ قال اللهُ عزّ وجلّ: ﴿وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.

وقد ذكرَ ابنُ العربيّ في كتابِه “أحكامُ القرآنِ” مثالًا لهذا الاستهزاءِ فقال

ومن اتخاذِ آياتِ اللهِ هُزواً؛ ما رُويَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ مِائَةً. فَقَالَ: يَكْفِيك مِنْهَا ثَلَاثٌ، وَالسَّبْعَةُ وَالتِّسْعُونَ اتَّخَذْت بِهَا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا. فَمِنْ اتِّخَاذِهَا هُزُوًا عَلَى هَذَا مُخَالَفَةُ حُدُودِهَا فَيُعَاقَبُ بِإِلْزَامِهَا، وَعَلَى هَذَا يَتَرَكَّبُ طَلَاقُ الْهَازِلِ”.

فأصبحتْ (الموضة) عندَ كثيرٍ من الشبابِ؛ ليُظهرَ غضبَه أو رجولتَه؛ أنْ يتلفظَ بالطلاقِ؛ حتى لو كان الأمرُ المُحلَفُ عليه، أو المُتلفَظُ من أجلِه شيئًا بسيطًاً، لذلك من الواجبِ في هذا البابِ أنْ يُمسِكَ كلُّ واحدٍ منَّا لسانَه، وألا يتلفظُ بأيِّ نوعٍ من هذه الأنواعِ، سواءٌ كانت صريحةً لا تحتاجُ لنيَّةٍ، كقولِ القائل: (أنتِ طالق).

إنّ التلفُظَ بالطلاقِ وإيقاعَه على زوجتِك هو من أفضلُ الأعمالِ عند “إبليس”، بل إنه يُكرمُ الشيطانَ الذي يُنجزُ هذا الفعلَ، لِما أخرجَه الإمامُ مسلم عنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ ” قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: فَيَلْتَزِمُه.

وفي الحديثِ الضعيفِ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَبْغَضُ اَلْحَلَالِ عِنْدَ اَللَّهِ اَلطَّلَاقُ).

يقولُ صاحبُ ردِّ المحتار

“وَأَمَّا الطَّلَاقُ فإن الْأَصْلَ فِيهِ الْحَظْرُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ مَحْظُورٌ إلَّا لِعَارِضٍ يُبِيحُهُ… فَإِذَا كَانَ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَاجَةٌ إلى الْخَلَاصِ، بَلْ يَكُونُ حُمْقًا وَسَفَاهَةَ رَأْيٍ، وَمُجَرَّدَ كُفْرَانِ النِّعْمَةِ وَإِخْلَاصِ الْإِيذَاءِ بِهَا وَبِأَهْلِهَا وَأَوْلَادِهَا، وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ سَبَبَهُ الْحَاجَةُ إلى الْخَلَاصِ عِنْدَ تَبَايُنِ الْأَخْلَاقِ، وَعُرُوضِ الْبَغْضَاءِ الْمُوجِبَةِ، عَدَمُ إقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَحَيْثُ تَجَرَّدَ عَنْ الْحَاجَةِ الْمُبِيحَةِ لَهُ شَرْعًا، يَبْقَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ الْحَظْرِ، وَلِهَذَا قَالَ عزّ وجلّ: ﴿فإن أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا.. ﴾ أَيْ لَا تَطْلُبُوا الْفِرَاقَ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى