Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

أيُّهُم أحَبُّ

 

سُئلَ حكيمٌ: مَن أحبُ أبنائك إليكَ؟

فقالَ: المسافرُ حتى يرجِعَ ، والمريضُ حتى يشفَى ، والصغيرُ حتى يكبَرَ .

الحقيقةُ أنّ الأبَ أو الأمَّ لا يمكِنُ أنْ يُحبَّا ابنًا أكثرَ من الآخَرِ، ولكنهما يفضِّلانِ -دونَ أنْ يَشعُرا- الابنَ الذي يحتاجُهما أكثرَ، الصغيرَ لأنهما يعتقدانِ أنه لا يستطيعُ تدبيرَ أمورِه بِدونِهما، والمريضَ لأنهما أكثرُ من يَشعرُ بعَجزِه وضَعفِه، والبعيدَ، لأنهما يعتقدانِ أنه وحيدٌ بِدونِهما، وبالتالي فهو يحتاجُ لكثيرٍ من الاهتمامِ والقلقِ، وهذا القلقُ يظهرُ على هيئةِ حُبٍّ وتعاطُفٍ، يجعلُ الأشِقاءَ يعتقدونَ أنّ هذا الأخَ هو الأقربُ إلى قلبِ والدَيهِ.

فإذا اجتمعَ الأبناءُ معًا في ظروفٍ واحدةٍ، ومكانٍ واحدٍ؛ ستَرَى أنّ الصورةَ الحقيقةَ المُتّزِنةَ هي أنهم جميعَهم على نفسِ القدْرِ من اهتمامِ الوالدينِ ومَحبَّتِهِما، ولا فضلَ لأحدِ على الآخَرِ.

ولكنْ، إذا كان في العائلةِ ابنٌ مريضٌ على مدارِ الساعةِ؛ سيَهتَمُ به الأبُ أكثرَ، سيدعو له أكثرَ، سيتجرّعُ حسرتَه أكثرَ، وسيَظهرُ ذلك جليًّا في كلامِه وذِكرِه، وتَعاطُفِه على مدارِ الساعةِ، وهذا قد يخلقُ الكثيرَ من الحساسيةِ والغَيرةِ في قلوبِ الأبناءِ، وهنا يَحمِلُ الآباءُ وِزرًا أكبرَ- أعانَهم اللهُ – فَهُم مُضطَّرونَ لأنْ يعوِّضوا عقدةَ النقصِ التي سبَّبوها بشكلٍ أو بآخَرَ.

وعلينا أنْ نتذكّرَ أُخوةَ يوسُف، فالغَيرةُ دفعتْهم لأنْ يقتلوا، أجَلْ يقتلوا، لم يُقَدِّروا أنَّ شقيقَهم الصغيرَ، يحتاجُ لصِغرِه اهتمامًا أكبرَ من أخوتِه !!!

الغَيرةُ أعزّاءي الآباء يُمكِنُ أنْ تكونَ بينَ الأخوةِ أجلْ، ويُمكِنُ أنْ تكبَرَ وتَتحوّلَ إلى كراهيةٍ؛ إذا ما كان هناكَ تفرِقةٌ بينَ الأبناءِ أو مُقارناتٌ جائرةٌ، ورغمَ العدلِ بينَهم؛ إلّا أنَّ الغَيرةَ لا بدَّ أنْ تكونَ موجودةً، فجَميعُهم يتنافسونَ على اللقبِ!

 وأيُّ لقبٍ؟! الحصولُ على لقبِ الابنِ المِثالي في نظرِكَ، حتى لو لم تُعرَضْ عليهم المُنافَسةُ، فهم دائمًا وأبدًا يريدونَ أنْ يكونوا الأفضلَ من وِجهةِ نظرِكَ، مَهما كبِروا.

نحن أيضًا كبِرنا، لكنَّنا دومًا نظلُّ نسعَى لكي نكونَ الأبناءَ المثاليِّينَ في نظرِ آبائِنا، بلْ إننا مَهما تقلَّدْنا أعلَى المناصبِ، ووصَلْنا لأعلَى المَراتبِ؛ يُمكِنُ أنْ ترفعَنا كلمةُ مديحٍ من والدِينا، أو تَذبَحَنا كلمةُ ذمٍّ، أو رُبما في أحدِ مراحلِ الحياةِ لا نُفَرِّقُ، ولا نُقدِّر،ُ ولا نفهمُ لماذا يهتمُ أبي بأخي، أو أختي أكثرَ مني!!

علينا أنْ نتذكّرَ قبلَ كلِّ شيءٍ، أنّ هذا الاهتمامَ الزائدَ ليس زيادةً في الحُبِّ؛ وإنما زيادةٌ في العطفِ، واستجابةٌ لحاجةٍ فَقدَها هذا الأخُ، وعليكَ أنتَ يا بُنيَّ أنْ تُقدِّرَ ذلكَ .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى