Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

أهالي الخانِ الأحمرِ: لن يُهدَمَ، ولن تَمُرَّ جرافةٌ إسرائيليةٌ واحدةٌ إلّا على جُثَثِنا

يعودُ إلى واجهةِ الصراعِ

 

منذ ثلاثةَ عشرَ عامًا، يعيشُ زُهاءَ (200) مواطنٍ فلسطينيٍّ _أكثرُ من نِصفِهم من الأطفالِ_ خطرَ هدمِ مساكنِهم وترحيلِهم عن أرضِهم ومصدرِ رزقِهم في قريةِ الخانِ الأحمرِ، الواقعةِ على بُعدِ (15) كم شرقيَّ القدسِ المحتلةِ، فالخوفُ المُتجدّدُ عادَ يطوفُ في شوارعِ الخانِ؛ بعدَ إعلانِ وزيرِ الأمنِ القومي في حكومةِ الاحتلالِ المُتطرّفِ “إيتمار بن غفير”، مطالباتِه المتكرّرةِ بإخلاءِ القريةِ بشكلٍ فوريٍّ.

وتعودُ أصولُ أهالي القريةِ لقبيلةِ “الجهالين” البَدويةِ، التي طُردتْ على يدِ عصاباتِ الاحتلالِ الصهيونيةِ من النقبِ الفلسطينيّ عامَ (1952)، واحتُلّتْ قريةُ الخانِ الأحمرِ عامَ (1967)، وكانت واحدةً من (46) تَجمُّعًا بدويًّا فلسطينيًّا في الضفةِ الغربيةِ المحتلةِ، وأُقيمتْ على أراضيها عامَ (1977) مستوطنةُ “معاليه أدوميم”، وهي ثاني أكبرِ مستوطنةٍ في الضفةِ الغربيةِ، والتي شكلّتْ أوّلَ محطةٍ في التضييقِ على بَدوِ القدسِ.

وفي مارس/ آذار (2010)، صدرَ أوَّلُ قرارٍ _عمّا تُسمَّى “الإدارةُ المَدنيةُ”_ بهَدمِ كافةِ المُنشآتِ في الخانِ الأحمرِ، ولجأَ الأهالي إلى محاكمِ الاحتلالِ للالتماسِ ضدّ القرارِ على مدارِ سنواتٍ، وكان يَتِمُ خلالَها الحصولُ على قراراتِ تأجيلٍ للهدمِ.

موقفٌ حاسمٌ

في أيار/ مايو (2018)، قرّرتْ سُلطاتُ الاحتلالِ هدمَ القريةِ، وتهجيرَ سكانِها؛ ولكنّها فشلتْ بسببِ الصمودِ الأسطوري لهم، وأيضًا بسببِ صدورِ قرارٍ من الجنائيةِ الدوليةِ؛ حذَّرَ الحكومةَ الإسرائيليةَ من القيامِ بتهجيرِ أو هدمِ القريةِ، والتجمُعاتِ المحيطةِ بها في المنطقةِ التي تُسمى (E1)، وعدَّتْ ذلكَ “جريمةَ حربٍ”، إضافةً إلى الجهدِ الدبلوماسي والموقفِ الدوليّ الكبيرِ الداعمِ لبقاءِ الفلسطينيينَ في أراضيهم، وأيضًا الموقفِ الحاسمِ من الأهالي أنفُسِهم الرافضِ للتعاطي مع أيِّ حلولٍ، دونَ البقاءِ والاعترافِ بالقريةِ.

ويقعُ الخانُ الأحمرُ ضِمنَ الأراضي التي تستهدفُها سلطاتُ الاحتلالِ لتنفيذِ مشروع “E1” الاستيطاني، الهادفِ للسيطرةِ على (12) ألفَ دونمٍ مُمتدَّةٍ من أراضي القدسِ الشرقيةِ، حتى البحرِ الميتِ، وتفريغِ المنطقةِ من أيِّ تَواجدٍ فلسطينيّ، كَجزءٍ من مشروعِ فصلِ جنوبِ الضفةِ عن وسطِها.

وتمثّلُ قريةُ الخانِ الأحمرِ البوّابةَ الشرقيةَ للقدسِ المحتلةِ، وإفشالُ المُخطَّطِ الاستيطانيّ يعني إفشالَ تقسيمِ الضفةِ الغربيةِ “لكانتونات”، كما تفيدُ هيئةُ مقاومةِ الجدارِ والاستيطانِ.

في مطلعِ أكتوبر/ تشرين الأول(2018)، وصفتْ منظماتٌ دوليةٌ مختلفةٌ؛ أنّ تهجيرَ أهالي الخانِ الأحمرِ جريمةُ حربٍ، وطالبتْ هذه المؤسساتُ الحقوقيةُ مُنَسِّقَ أعمالِ الحكومةِ الإسرائيليةِ في الأراضي الفلسطينيةِ بِعدَمِ إعطاءِ الضوءِ الأخضرِ لارتكابِ جرائمَ؛ لأنّ العالمَ يشاهدُ… _حسبَ تعبيرِها_.

وأمامَ صلابةِ موقفِ الدفاعِ عن الأرضِ، الذي جَسَّدَتْهُ المقاومةُ الشعبيةُ، وتحتْ وطأةِ التهديداتِ القانونيةِ، والمواقفِ الدبلوماسيةِ العربيةِ والدوليةِ، أعلنتْ الحكومةُ الإسرائيليةُ إرجاءَ إخلاءِ وهدمِ قريةِ الخانِ الأحمرِ؛ بِداعي إعطاءِ الفرصةِ لـ”مفاوضاتٍ تهدفُ إلى تنظيمِ قضيةِ إخلاءِ التجمُعِ السَّكَني بالتوافقِ”.

تضمُّ قريةُ الخانِ الأحمرِ حاليًّا مدرسةً وحيدةً، أُقيمتْ عام (2009) بالتعاونِ مع منظمةِ مساعداتٍ إيطاليةٍVento Di Terra”  من موادِ الطينِ والإطاراتِ؛ بسببِ قيودِ الاحتلالِ على البناءِ الإسمنتي أو (الكرفانات) في المنطقةِ، وأصدرَ الاحتلالُ عدّةَ قراراتٍ بِهَدمِها، رغمَ أنّها تخدمُ (5) تجمُّعاتٍ سكنيةٍ مجاورةٍ.

بؤرةُ الأحداثِ

وتحيطُ بالخانِ الأحمرِ مستوطنتا “معاليه أدوميم” و”كفار أدوميم”، وتسعَى إسرائيلُ لتوسيعِهما، وتنفيذِ المشروعِ الاستيطاني (( E1، الذي يقضي على خيارِ قيامِ دولةٍ فلسطينيةٍ متواصلةٍ جغرافيًّا، كما سيَبتلِعُ أجزاءً واسعةً من مناطقَ “ج” المُمتدّةِ على أكثرَ من (60% )من مساحةِ الضفةِ.

من جديدٍ عادَ “الخانُ الأحمرُ” إلى بؤرةِ الأحداثِ، وهذه التحرُّكاتُ تشيرُ إلى أنّ الخانَ الأحمرَ، في القدسِ الشرقيةِ المحتلةِ، أصبح بؤرةَ المواجهةِ الجديدةِ بالأراضي المحتلةِ، في ظِلِّ حكومةِ “السوابقِ” الإسرائيليةِ التي تضمُّ أبرزَ زعماءِ المستوطنينَ المتطرِّفينَ، ومواقفَهم المعلَنةَ من السعيِّ لِهَدمِ المسجدِ الأقصى، وتهويدِ القدسِ، وتهجيرِ الفلسطينيّينَ الذين يعيشونَ تحتَ الاحتلالِ.

وهكذا انضَمَّ الخانُ الأحمرُ إلى حيِّ “الشيخِ جرّاح” ،وبطنِ الهوَى، وبابِ العامودِ، وغيرِها من الأحياءِ والقُرى الفلسطينيةِ في القدسِ المحتلةِ، حيثُ تسعَى إسرائيلُ إلى “تهويدِ” القدسِ، وإزالةِ المَعالمِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ فيها، بحسبِ تقاريرَ دوليةٍ، وليس فقط اتهاماتِ الفلسطينيّينَ، فالدولةُ العِبريةُ تهدفُ إلى جعلِ القدسِ، بشَطرَيها الغربيِّ والشرقيِّ، عاصمةً موَحَّدةً وأبَدِيةً لها، بينما يتمسّكُ الفلسطينيونَ بالقدسِ الشرقيةِ عاصمةً لدولتِهم المأمولةِ، استنادًا إلى قراراتِ الشرعيةِ الدوليةِ، التي لا تعترفُ باحتلالِ إسرائيلَ للمدينةِ عامَ (1967)، ولا بِضَمِّها إليها في (1981).

لن يَمُرُّوا

من جانبِه أكّدَ “مؤيد شعبان”، رئيسُ هيئةِ مقاومةِ الجدارِ والاستيطانِ، أنَّ وزراءَ حكومةِ الاحتلالِ المتطرِّفةِ، سيَذهبونَ إلى مزابلِ التاريخِ، كما ذهبَ “شارون”، وكلُّ قادةِ الإجرامِ، وإنّ “أهالي الخانِ الأحمرِ لن يكونوا وحدَهم أمامَ آلَةِ الإجرامِ الإسرائيليِّ، وأنّ كلَّ الشعبِ الفلسطينيّ سيكونُ معهم، ولن يسمحَ بتمريرِ قرارِ الهدمِ”.

وَوجَّه “شعبان” رسالةً لَوفدِ حكومةِ الاحتلالِ وأعضاءِ الكنيست، الذين اقتحموا المكانَ، وتَجمَّعوا في مكانِ قريبٍ من الوقفةِ الفلسطينيةِ، قائلًا: “الخانُ الأحمرُ لن يُهدَمَ، ولن تَمُرَّ جرّافةٌ إسرائيليةٌ واحدةٌ إلّا على جُثَثِنا وجُثثِ أبناءِ شعبِنا، فالشعبُ الفلسطينيّ لن يسمحَ بالتهجيرِ القَسريِّ، ولن يسمحَ بتحقيقِ الحُلمِ الصهيونيِّ القديمِ الجديدِ بتنفيذِ مُخطَّط ِ”القدسِ الكبرى”.

ويتابعُ: “إذا جرى فِعليًّا ترحيلُ سكّانِ التجمّعِ من منطقةِ سكناهم – أو اضطرّوا إلى الرّحيلِ عنها مُرغَمينَ، عقبَ الظروفِ المعيشيةِ القاسيةِ التي أنشأها الاحتلالُ – سيكونُ هذا بمَنزلةِ خَرْقٍ لحَظرِ النقلِ القسريّ، المنصوصِ عليه في القانونِ الإنساني الدولي.

ويضيفُ: “يتحمّلُ المسؤوليةَ الشخصيّةَ عن ارتكابِ هذه الجريمةِ؛ ليس فقط واضِعو السياساتِ – ومنهم رئيسُ الحكومةِ، وكبارُ الوزراءِ، وقائدُ الأركانِ، ورئيسُ الإدارةِ المدنيّةِ؛ وإنّما أيضًا أولئكَ الذين مَهّدوا قضائيًّا لتنفيذِ الجريمةِ، فَهدمُ منازلِ السكّانِ؛ يشكِّلُ جريمةَ حربٍ، وفي حالِ تنفيذِ الهدمِ، يتحمّلُ قُضاةُ “محكمةِ العدلِ العليا” أيضًا المسؤوليةَ عن ارتكابِها”.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى