Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

بابُ الفقرِ

للأسفِ، تَصرُّفٌ انتشرَ في هذه البلادِ، ويكادُ يصبحُ عادةً، وهي سيئةٌ، وأصحابُها يتذرّعونَ بخَوفِهم من الحسدِ، ويستخدمونَها كتَحصينٍ للنفسِ، وهي عادةُ إنكارِ النّعمِ، وكثرةِ الشكوَى.

تدخلُ إلى بيوتٍ، لا تجدُ فيها مقعدًا مناسبًا لتجلسَ عليه، الفقرُ الظاهرُ على أصحابِها يجعلُكَ تُخرجُ ما في جَيبِكَ؛ وتدفعُ به إليهم، ثُم تُفاجَأُ بأنهم يملكونَ عشراتِ الأراضي، التي تساوي عشراتِ الآلافِ، ويعيشونَ عيشةَ البهائمِ!!

ثُم يتصنّعونَ الفقرَ والعَوزَ من خلالِ الشكوى، شكوَى من الأبناءِ، من قلّةِ المالِ، حتى لو رأيتَ شيئًا جميلاً لدَى أحدِهم، وأردتَ أنْ تَمدحَه، فإذا بصاحبِه ينهالُ على ما يمتلكُه طعنًا وذمًّا وتكريهًا وتقليلاً من قدْرِ نعمةِ اللهِ، ويدَّعي الشقاءَ، وهو ليس بِشقيّ، ويدَّعي الفاقةَ، وقد أغناهُ اللهُ، ويحاولُ إخفاءَ النعمِ إنِ استطاعَ، حتى أنّ البعضَ يَحرمُ نفسَه من كلِّ ملذّاتِ الحياة ِ؛ خوفًا من العينِ، ويعيشُ عيشةَ المتسوِّلِ!

يا عزيزي، حينَما تَحمدُ اللهَ، لا تَحمَدْه قولاً فقط، بل اجعلْ هذا الحمدَ يظهرُ على حياتِك على هيئةِ تَنَعُمٍ، وحاولْ أنْ تُحصِّن َنفسَكَ بالأذكارِ، وتطلبَ من اللهِ الحمايةَ، إنْ كنتَ تخافُ العينَ والحسدَ.

وأُراقِبُ بعضَ الناسِ، كُلّما مرُّوا بِضيقٍ؛ قالوا حُسِدْنا، والحسدُ لدَيهِم كابوسٌ مخيفٌ، مع أنّ أغلبَهم ليس لدَيه فعليًّا ما يُحسَدُ عليه!!

 

وإنَّ أسوأَ الناسِ عندي _بدونِ مبالَغةٍ_ هو شخصُ يَكفُرُ بالنّعَمِ، وُينكِرُ فضلَ اللهِ عليه، ولا يرَى الخيرَ والأفضليةَ إلّا فيما يملكُه غيرُه من نِعمٍ، ويحاولُ قدْرَ الإمكانِ أنْ يُكثِرَ الشكوَى؛ مخافةَ أنْ يطمعَ الناسُ فيه، ويحسدونَه، وهذا هو أفقرُ الناسِ فعليًّا.

هذا الشخصُ، حينَما أجلسُ معه لخمسِ دقائقَ، يُعطيني طاقةً سلبيةً لخمسةِ أيامٍ، وقد تعوّدتُ تَجُّنبَه ما أمكَنَ، وإنْ فُرضَ عليَّ، يجبُ أنْ أُذَكِّرَه بالحمدِ والثناءِ والشكرِ، وبأنني شخصيًّا لن أساعدَه في شيءٍ، فلا داعيَ للشكوَى أمامي.

وفي الحديثِ الشريفِ:” ” لا يَفتحُ الإنسانُ على نفسِه بابَ مسألةٍ، إلا فتحَ اللهُ عليه بابَ فقرٍ، يأخذُ الرجلُ حَبلَه، فيَعمدَ إلى الجبلِ، فيَحتَطِبَ على ظهرِه فيأكلَ به، خيرٌ له من أنْ يسألَ الناسَ مُعطًى أو ممنوعًا ”

هذا وهو محتاجٌ، فماذا عن الغنيِّ المتسوّلِ؟! وقد منعَه اللهُ أنْ يسألَ الناسَ، أو يفتحَ بابًا للسؤالِ من خلالِ الشكوَى، فالشكوَى لا تَعني سِوَى شيءٍ واحدٍ، التسوُّل، فأنْ تشكوَ قلّةَ المالِ، يعني أنك تتسوّلُ من الآخَرينَ المساعدةَ، وهذا هو بابُ المسألةِ الحقيقِ، وهو بابُ الفقرِ يا صديقي الغنيّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى