الرياضاتُ الإلكترونيةُ والذهنيةُ؛ تنتشرُ في أواسطِ الشبابِ الفلسطينيّ
فبطولاتٌ وجوائزُ واحترافٌ وأنديةٌ.

السعادة
باتت الألعابُ الإلكترونيةُ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ والمواقعِ الافتراضيةِ؛ ألعابًا ورياضةً تُحقّقُ عائدًا ومَردودًا ماليًّا، وتُنافِسُ على مستوى العالمِ كمَصدرٍ يرتزقُ منه الشبابُ، إذْ لم تَعُدْ الألعابُ مُجرّدةً لتمضيةِ الوقتِ فقط؛ بل تسيرُ في مسارِ المنافساتِ، وباتتْ تُعرفُ دوليًّا بالرياضةِ الإلكترونيةِ.
وتُشكِّلُ هذه الرياضةُ مُنافساتٍ في ألعابِ الفيديو بينَ مجموعةٍ من اللاعبينَ، سواءً أفرادًا أو فِرقًا ضِمنَ بطولاتٍ محلّيةٍ وعالميةٍ؛ بهدفِ الفوزِ بشيءٍ معنويٍّ أو ماديٍّ، أو لِغَرضِ التسليةِ البحتةِ، وأُطلقَ عليها هذا الاسمُ لأنها تعتمدُ على وجودِ أجهزةٍ إلكترونيةٍ وإنترنت، وواقعٍ افتراضيٍّ من أجلِ أنْ يمارسَ اللاعبُ هذه الهوايةَ.
في البدايةِ، كانت عبارةً عن هوايةٍ للتسليةِ؛ لكنْ مع الانتشارِ الدولي أصبحَتْ مُعترَفًا فيها كرياضةٍ في اللجانِ الأولمبيةِ حولَ العالمِ، ففي عامِ (2003) أُقيمتْ الاتفاقيةُ العالميةُ للرياضاتِ الإلكترونيةِ؛ وهي بطولةٌ دوليةٌ يتنافسُ فيها مُحترفو هذه الألعابِ.
القدراتُ العقليةُ
“عبد الله البدارنة”، أمينُ سرِّ الاتحادِ الفلسطيني للرياضاتِ الإلكترونيةِ والذهنيةِ، يقولُ:” إنَّ الرياضاتِ الإلكترونيةَ هي كلُّ رياضةٍ تعتمدُ على الأجهزةِ الإلكترونيةِ، مِثلَ “الموبايل، الكمبيوتر، PlayStation, Xbox, Nintendo))، والواقعِ الافتراضي” تعتمدُ بشكلٍ كاملٍ على النشاطِ الذهنيِّ والتركيزِ.
ويضيفُ: هي عبارةٌ عن منافساتٍ في ألعابٍ الفيديو مِثلَ “كرةِ القدمِ الإلكترونيةِ، كرةِ السلةِ، ألعابِ القتالِ، وغيرِها”؛ تخضعُ لمجموعةٍ من القوانينِ؛ ويمكنُ أنْ تَتمَّ داخلَ صالاتٍ خاصةٍ في مكانٍ ووقتٍ محدَّدِ، أو عن بُعدٍ عبرَ شبكةِ “الإنترنت” يتمُّ الاتفاقُ على الجدولِ والوقتِ بينَ المنظّمينَ واللاعبينَ.
وتعتمدُ الألعابُ الإلكترونيةُ بحسبِ “بدارنة” بشكلٍ مباشرٍ على القدراتِ العقليةِ؛ كما هو الحالُ في باقي الرياضاتِ البَدنيةِ، فإنّ الألعابَ الإلكترونيةَ تُطوّرُ وتحسّنُ من أداءِ العقلِ البشري باستمرارٍ؛ بِغَضِّ النظرِ عن القدرةِ العقليةِ للشخصِ، وبالتالي هي ممارَسةٌ وتنشيطٌ للعقلِ البشري، وساحةٌ صلبةٌ لإثباتِ النخبةِ الفكريةِ في المجتمعاتِ، وتَسمحُ لكِلا الجنسَينِ المُشارَكةَ بالتساوي.
ويبيّنُ “بدارنة” أنّ الثورةَ الحقيقةَ في تاريخِ الرياضاتِ الإلكترونيةِ؛ بدأتْ عامَ (2020) في نهائي بطولة Blue) Wings Featuring Fortnite )التي نظّمتْها شركةُ الاتصالاتِ الفلسطينيةِ التي شارَكَ فيها أكثرُ من (٤٥٠٠) لاعبٍ، أيْ ما يعادلُ (١١٢٥) فريقًا من مختلفِ الأعمارِ، ومن مختلفِ المناطقِ في الضفةِ والداخلِ المحتلِّ وغزةَ بجوائزَ قيمتُها (٢٤) ألفَ دولارٍ؛ الأمرُ الذي أدَّى إلى تأسيسِ الاتحادِ الفلسطينيِّ للرياضاتِ الإلكترونيةِ كَمظلّةٍ هدفُها زيادةَ الوعيِ بالرياضاتِ الإلكترونيةِ، وتطويرَها، ووضعَ اللوائحِ والقوانينَ لضبطِها، ويقعُ على عاتقِها وضعُ الخُطةِ والرؤيةِ المستقبليةِ والإستراتيجيةِ السنويةِ لتنميةِ هذه الرياضةِ، ونشرِها بينَ الشبابِ من خلالِ إطلاقِ بطولاتٍ وتنظيمِها، وتدريبِ كافّةِ الكوادرِ من لاعبينَ ومدرّبينَ وحُكامٍ وغيرِهم.. وفلسطينُ الآنَ في مرحلةِ تطوُّرٍ من مستوَى الهوايةِ والتسليةِ إلى مستوى الاحترافِ وتشكيلِ فِرقٍ ولاعبينَ مُحترفينَ على مستوى مَحليٍّ ودوليٍّ في مختلفِ الألعابِ.
حملاتٌ توعويةٌ
من جانبِها تقولُ “رشا الرمعة”، مديرةُ العلاقاتِ العامةِ والدوليةِ في الاتحادِ الفلسطيني للرياضاتِ الإلكترونيةِ والذهنيةِ:” إنَّ الاتحادَ مختصٌّ بالرياضاتِ الإلكترونيةِ، حيثُ نبعتْ الفكرةُ من فريقِ الاتصالاتِ التسويقيةِ؛ فبدأوا بترتيبِ كيف ينظِّمونَ هذه الألعابَ الإلكترونيةَ؛ وخاصةً أنّ السوقَ الفلسطينيَّ لا يملكُ أيَّ بياناتٍ وأفكارٍ عن الموضوعِ، وبعدَ ذلكَ تمّتْ المساهمةُ في تنظيمِ البطولاتِ ورعايتِها ورعايةِ اللاعبينَ.
ويوفّرُ الاتحادُ حملاتٍ تَوعويةٍ عن إيجابياتِ وضرورةِ هذه الرياضاتِ، وكيفيةِ استخدامِها بالشكلِ السليمِ، من أجلِ أنْ يكونَ الشبابُ أوعَى بأهميةِ هذه الرياضاتِ؛ فهي لم تَعُدْ مُجردَ لعبةٍ لإمضاءِ وقتِ الفراغِ، إذْ تُعَدُّ الرياضةُ الإلكترونيةُ رياضةً متكاملةً تُحرّكُ الذهنَ والأعصابَ؛ وخاصةً استخدامَ العقلِ والأعصابِ بطريقةٍ مزدوجةٍ.
وتُبيّنُ “الرمعة” أنّ هناكَ مردودًا ماليًّا لهذه الرياضاتِ ولِمَن يمارسُها؛ حيثُ أنها مبنيةٌ على بيئةٍ خاصةٍ تكونُ على شكلِ هرمٍ، فيترأسُ رأسُ الهرمِ الألعابَ وهي أساسُ هذه الرياضاتِ ” الفيفا، والببجي، ولول، وفورت نايت، ودوتا، وغيرها”، وبعدَها يأتي اللاعبُ ثُم يأتي المُموّلونَ، ومَن يحتضنُ هذه الرياضاتِ في الترتيبِ الثالثِ للهرمِ، ويأتي أهمُّ ضلعٍ وهم مَن يرعونَ هذه الرياضاتِ، ويهتمّونَ بها من حيثُ الترويجِ والدعمِ المالي، فأولُ مَن يحصلُ على مردودٍ ماليٍّ؛ هم مَن يخترعونَ الألعابَ وينشرونَها في الوسطِ الافتراضي، ومطوّرُ اللعبةِ يحصدُ الأموالَ، وكذلكَ اللاعبُ يحصلُ على الأموالِ من خلالِ الّلعبِ لساعاتٍ طويلةٍ، وفي كلِّ مركزٍ ومرتبةٍ يُحرِزُها يحصدُ مبلغًا ماليًّا مقابلَ الّلعبِ، وهناك منافساتٌ عالميةٌ ودوليةٌ على جوائزَ بمبالغٍ طائلةٍ؛ وصلتْ إلى ملايينِ الدولاراتِ.
تؤكّدُ “الرمعة” أنّ كلَّ لعبةٍ لها شروطٌ خاصةٌ، فلِهذهِ الألعابُ أخلاقٌ وآدابٌ عامةٌ في كلِّ المجتمعاتِ “عربيةٍ وغربيةٍ”، فيُمنعُ شُربُ الكحولِ، وتناولُ السجائرِ أو مشروباتِ الطاقةِ، فأيُّ شيءٍ مُخِلٍّ بالآدابِ؛ فهو من الخطوطِ الحمراءِ الأُولى، والشرطُ الثاني هو عدمُ الاحتيالِ والاختلاسِ، والدخولِ للألعابِ بطرُقٍ غيرِ شرعيةٍ وغيرِ قانونيةٍ، حيثُ أنّ الاتحادَ يقومُ بشراءِ حقوقِ النشرِ والعلامةِ التجاريةِ الخاصةِ بطرُقٍ وأساليبَ قانونيةٍ، فلا يستطيعونَ في الاتصالاتِ وأسلوبِ حياةِ التواصلِ الاجتماعي؛ اختراقَ هذه الخصوصياتِ، والحصولَ على شعاراتِ الألعابِ دونَ إذنِ المالكِ الأصلي، أو المُموِّلينَ لتلكَ الألعابِ؛ فهذا نظامٌ ضخمٌ وكبيرٌ، وله سياساتٌ كثيرة.
وتُشجّعُ “الرمعة” على ممارسةِ الرياضاتِ الإلكترونيةِ؛ مع أنه لم يَتِمّ استكشافُ كافةِ جوانبِ ومحاسنِ هذه الرياضاتِ؛ لأنها تشكّلُ نقلةً نوعيةً في آليّةِ التواصلِ والاحترافِ في عالمِ التكنولوجيا المفتوحِ.