
السعادة
ستَبقَى “عملياتُ الثأرِ المُقدّسِ” خالدةً في التاريخِ، تروي للأجيالِ قصةَ إرادةٍ تَجاوزتْ المستحيلَ، وصنعتْ المعجزاتِ، وفضحتْ الكيانَ الصهيونيَّ، وأوضحتْ للعالمِ أجمعَ هشاشةَ الجيشِ الذي لا يُهزَمُ، في حينٍ أحيَتْ في قلوبِ الفلسطينيينَ جميعًا أملًا في أنَّ تحريرَ الأرضِ والإنسانِ مهمَّةٌ باتت قريبةً.
كتابُ “الحافلاتُ تحترقُ” واحدٌ من كتبِ الأسيرِ المُحرَّرِ “حسن سلامة”، الذي صدرَ قبلَ أيامٍ قليلةٍ في مدينةِ “خانيونس”، في حفلٍ رفيعٍ ثقافيًّا وسياسيًّا وتنظيميًّا في ذكرى استشهادِ المهندسِ “يحيى عيّاش”، ضمَّ المئاتِ من قادةِ العملِ الوطنيّ والإسلامّي والأَسرَى المُحرَّرينَ، والشخصياتِ الاعتباريةِ، والوُجهاءِ، والنوابِ، بحضورِ عائلةِ القائدِ “حسن سلامة”، وعائلاتِ بعضِ الشهداءِ والأسرى، الذين شارَكوا في عملياتِ الثأرِ المُقدَّسِ التي قادَها الأسيرُ “حسن سلامة”؛ انتقامًا لاغتيالِ المهندسِ “عيّاش” .
أصحابُ التاريخِ
في كلمتِه قالَ الأسيرُ حسن سلامة: “في هذه المناسبةِ، وفي هذا التاريخِ الذي تَجذّرَ على أرضِ غزةَ بدماءِ المهندسِ “يحيى عياش”، نجتمعُ اليومَ لِنُحْيِيَّ هذه الذكرى التي ما زالت شاخصةً أمامي، وكأنّها بالأمسِ، وقد دخلتُ إلى ذلكَ البيتِ المُسَجَّى على أرضِه المهندسُ؛ غارقًا في دمائه، وحولَه إخوانُه، ورفاقُ دَربِه يبكونَه وينتَحِبونَ، وهم مَن هم، أصحابُ التاريخِ، ومَن لهم صولاتٌ وجولاتٌ في ميادينِ الجهادِ، ولكنْ على أمثالِ المهندسِ فلْتَبكِ الرجالُ دمًا؛ أشعلَ بركانًا، تقاذفتْ حِمَمُهُ على هذا العدوِّ حرقًا وقتلاً وأشلاءً مُقطَّعةً، فكانَ الثأرُ المُقدسُ الذي أرعبَ كيانَهم، وزلزلَ أركانَ دولتِهم المزعومةِ”.
وتابعَ: “خرجتُ بأمرٍ من “أبي خالد محمد الضيف”، وبدأنا العملَ وخَطَوْنا خُطوَتَنا الأولى بإشرافِ ومساعدةِ ثُلَّةٍ من القادةِ؛ أمثالَ الشهيدِ “عدنان الغول”، والشهيدِ “سهيل أبو نحل”، والقائدِ “محمد السنوار”، وغيرِهم الكثيرِ، وسِرنا متَوكِّلينَ على اللهِ في طريقٍ محفوفةٍ بالمخاطرِ، لا نمتلكُ سِوَى قليلٍ من المتفجراتِ، ومبلغٍ من الدولاراتِ لا يتجاوزُ الألفَ دولارٍ “دَيْنًا”.
وأعربَ عن تمنِّياتِه بصفقةِ تحريرٍ مُشرِفةٍ قريبةٍ، يتمكّنُ من خلالِها الأسرى من العودةِ إلى ساحاتِ الجهادِ، مضيفًا: “مجاهدينا الأبطالَ، أبناءَ كتائبِ القسّامِ، اسمَحوا لنا أنْ نموتَ في ساحاتِ الوَغَى جنودًا في جيشِ التحريرِ، حتى نَجِدَ أرضًا تضُمُّنَا، وقبرًا يُكتبُ عليه اسمُنا، لا ثلاجةً تُجَمِّدُ أجسادَنا، مُعرَّفةً برَقمٍ، نريدُ استعادةَ أسمائنا بتحريرِنا قبلَ أنْ نموتَ”.
من جانبِه، يقولُ عضوُ المكتبِ السياسي لحركةِ حماس صلاح البردويل: “إنَّ الحديثَ عن “حسن سلامة” وطفولتِه وشبابِه وجهادِه وبطولاتِه يَطولُ ويَطول..، فقد خَبِرْناه طفلًا متمرِّدًا، وشابًّا ذا عُنفوانٍ لا يخافُ..، ومجاهدًا يبتدعُ كُلَّ الطرُقِ لينجحَ وينتصرَ، يخاطِرُ بحياتِه، ولا يَعرفُ الحساباتِ الكثيرةِ؛ ولهذا فقد استطاعَ أنْ يحرقَ قلوبَ قادةِ العدوِّ بعملياتِه الجريئةِ”.
الوَجعُ والمُطاردةُ
ويؤكّدُ أنَّ كتائبَ القسّام التي خرجتْ من رَحمِ الوجعِ والمطاردةِ والمعاناةِ، ستُحرِّرُ الأسرى، ولا يمكنُ لها إلّا أنْ تنتصرَ في هذه المعركةِ مع الاحتلالِ، وقال: “من حقِّ الأسرى أنْ يشعروا بالألمِ من تقصيرِنا، وهم يموتونَ رُويدًا رويدا في السجونِ، لكنّنا على ثِقةٍ أنَّ لدَى القسّامِ ما تُقدِّمُه للأسرى”.
يضيفُ: “لدَى القسّامِ ما تَفعلُه، وما تُقدِّمُه في لحظةٍ، ولدَيها ما يحقّقُ أهدافَنا وطموحاتِنا، لدَيها ما تُقدِّمُه في هذه المرحلةِ، وفي المرحلةِ القادمةِ، وهي قادرةٌ على الانتصارِ، ولن تكونَ مُماطَلةُ العدوِّ أقوَى من صبرِنا ومن مُفاجآتِنا، والحريةُ قادمةٌ شاءَ مَن شاءَ، وأبَى مَن أبَى”.
وتابعَ: إنّ الاحتلالَ يحاولُ أنْ يُطفئَ جذوةَ الثورةِ المشتعلةَ في الضفةِ المحتلّةِ؛ لكنه لن يستطيعَ، وستكونُ الضفةُ ساعِدًا مساعِدًا لغزةَ ومقاومتِها، لافتًا إلى أنَّ غزةَ اليومَ تُعِدُّ عدَّتَها على المستوى الكميِّ والنوعيِّ، وهي قادرةٌ على أنْ تُلحِقَ الهزيمةَ بهذا العدوِّ الفاشي.
وزادَ: “يظنونَ أننا نخافُ أو نتراجعُ؛ لكنّنا نقولُ لهم: “للمقاومةِ حساباتُها، وللقسامِ حساباتُه، ونحن نفعلُ ما نريدُ، متى نريدُ”، مُخاطِبًا القائدَ “حسن سلامة” بالقولِ: “هذه خان يونس تنتظِركَ، ونحن على بُعدِ عشراتِ الأمتارِ من بيتِكَ، ووالدتُك معنا في نفسِ المكانِ، وبإذنِ اللهِ سيَتزيَّنَ بيتُكَ بكَ قريبًا، ولن يَطولُ الزمنُ، ونحن واثقونَ ممّا نقولُ”.
في حينٍ نشرتْ هيئةُ البثِّ الرسميةِ الإسرائيليةِ تقريرًا؛ تناوَلَ الإصدارَ الأخيرَ للأسيرِ “حسن سلامة”، وكيف يشرحُ ويَصِفُ في الكتابِ “كيف نفّذَ سلسلةَ العملياتِ التي في إطارِها قُتلَ (46) يهوديًّا”، لافتةً إلى أنّ العمليةَ الأقوَى هي التي وقعتْ على خَط(18) في عامِ (1996) في القدسِ المحتلّةِ.
وتساءلتْ مذيعةُ القناةِ في تقريرِها؛ كيف يَحدثُ هذا؟ قيادي في “حماس” داخلَ السجونِ الإسرائيليةِ؛ ينجحُ في كتابةِ كتابٍ وكذلكَ يَنشُره، ويُخرِجُه للخارجِ، فيما يؤكِّدُ جهازُ الأمنِ العام الإسرائيلي “شاباك”؛ إنه “يحاربُ بِحَزمٍ كلَّ محاولةٍ لتهريبِ الكُتبِ والرسائلِ بواسطةِ السجناءِ الأمنيّينَ إلى خارجِ السجنِ وأكثرَ من ذلكَ”.
وقدْ أوعزَ وزيرُ الأمنِ القومي، ورئيسُ حزبِ “قوة يهودية” في حكومةِ الاحتلالِ، المتطرّفُ “إيتمار بن غفير”، إلى إدارةِ السجونِ، بفَتحِ تحقيقٍ، يتعلّقُ بتسريبِ كتابِ الأسيرِ القياديِّ بحركة “حماس”، “حسن سلامة” المُعنوَنِ بـ “الحافلاتُ تَحترقُ”، مُطالِبًا “بن غفير” بتشديدِ الإجراءاتِ بحقِّ الأسيرِ “سلامة”، وبِحقِّ أيِّ أسيرٍ يحاولُ كتابةَ مِثلِ هذه الكتبِ، ومَنْعِهم من ذلكَ.