مَولودٌ جديدٌ “المهاراتُ الناعمةُ” يرَى النورَ
د. مؤمن عبد الواحد "لا تستسلِمْ لمعاركِ الحياةِ واصِلْ حياتَكَ بإصرارٍ

حوار : السعادة
صاحبُ شخصيةٍ مُلهَمةٍ بالتفاؤلِ والتحدي والاستمرارِ، مَنبعُ الأفكارِ الإيجابيةِ، يضعُ أبجدياتِ التخطيطِ للمستقبلِ، ووَضْعِ الأهدافِ، صاحبُ رسالةِ “واجِهْ أحزانَكَ، واستقبِلْ يومَكَ بفرحٍ ووَدِّعْ حزنَكَ، وواصِلْ حياتَك، فالعمرُ لا ينتظِرُكَ حتى تعيشَ حزنَكَ، وتقتُلَ نفسَكَ في معاركِ الحياةِ”. إنه صاحبُ الابتسامةِ الدائمةِ دكتورُ “مؤمن عبد الواحد”، دكتورُ التنميةِ البشريةِ ، كان “للسعادة” وقفةٌ للتعرُّفِ على محطاتِ حياتِه الشخصيةِ والمِهنيةِ.
“مؤمن خلف عبد الواحد) “58) عامًا، متزوجٌ من سيدةٍ أفتخِرُ بصُحبتِها، وأتشرّفُ بشراكتِها، وتقاسُمِ مشوارِ الحياةِ معها، فهي ناظمةُ كلماتي، ومُنضِجةُ أفكاري، وشاحِذُ هِمَّتي المُتَّقِدُ، رزقَنا اللهُ: “عمرو، وفاطمة، وأمل، وسارة، وهُدَى” .
درسَ هندسةَ الحاسوبِ في جامعةِ “بلجراد” في “صربيا”، وماجستيرَ إدارةِ الأعمالِ في الجامعةِ الإسلاميةِ بغزةَ، ثُم الدكتوراهَ من جامعةِ العلومِ والتكنولوجيا في السودانِ، انتقلَ من عالمِ الحاسوبِ إلى عالمِ الإدارةِ ؛لِرَغبِته في تكاملِ التخصُّصِ من جهةٍ، ومن جهةٍ أُخرى حُبًّا في التعاملِ مع الأفرادِ، وإدارةِ الأشخاصِ، وتنميتِهم، والاستثمارِ فيهم؛ لقناعتِه أنِّ تطويرَ الإنسانِ، وتنميةَ مهاراتِه، وإعادةَ بنائهِ؛ مُعضِلةٌ ومتعةٌ وخيرُ استثمارٍ .
محطاتٌ متنوعةٌ عاشَها ضيفُ “السعادة” دكتورُ “مؤمن” في الحياةِ، أنضجتْ عقلَه، ورسَّختْ منهجَه؛ لِيُدرِكَ تمامًا أنَّ الإنسانَ هو جوهرُ الحضاراتِ والارتقاءِ الإداريِّ، والسُّمُوِّ في الأداءِ، لأتعَمَّقَ في قراءتي؛ لأَدرُسَ علمَ النفسِ والاجتماعِ، وتنوُّعَ الشخصياتِ وأنماطَ البشِر، ولُغةَ الجسدِ، ومهاراتِ الكتابةِ الأدبيةِ، وفنونَ الإلقاءِ .
يقولُ د. مؤمن :”بدأ مشواري المِهنيّ في القطاعِ الخاصِّ لِسِتِ سنواتٍ، ومن ثَم في المؤسَّساتِ الأهليةِ لثمانِ سنواتٍ أخرى؛ انتقلَ بعدَها إلى العملِ الحكومي، والعملِ كَمديرٍ لمكتبِ رئيسِ الديوانِ لمدّةِ سِتِ سنواتٍ؛ كانت مليئةً بالإنجازاتِ والخبراتِ المتنوّعةِ، وكُلِّفَ بالإشرافِ على إداراتٍ متعدِّدةٍ؛ كالتدريبِ، والعلاقاتِ العامةِ، والإعلامِ ، إضافةً لمكتبِ رئيسِ الديوانِ، الذي أضافَ لي الكثيرَ من الخبراتِ في التعاملِ مع أنماطِ المراجعينَ المختلفةِ والمُتبايِنةِ من وُزراءَ ووُكلاءَ، إلى موظّفينَ عاديِّينَ، إلى أصحابِ حاجةٍ من البسطاءِ، وامتلكتُ مهارةَ التعاملِ والاستيعابِ لكُلِّ الشرائحِ المجتمعيةِ.
الأبُ الروحيُّ
يضيفُ :”عملتُ مع طاقمِ عملٍ رائعٍ من الشبابِ حديثي العهدِ بالعملِ الحكومي؛ لِيُطلِقَ عليَّ رئيسُ الديوانِ “الأبَ الروحيَّ للموظفينَ” ، لقبٌ أفتخرُ به كثيرًا من شخصٍ أحترِمُه أكثرَ .ثُم انتقلتُ للعملِ في وزارةِ التخطيطِ كَمُديرٍ عام مُكلَّفٍ لمُدّةِ عامَينِ تقريبًا؛ اكتسبتُ فيها مهارةَ التخطيطِ الاستراتيجيّ بشكلٍ عمليٍّ، حيثُ كان من أبرزِ محطّاتي فيها المشاركةُ في إعدادِ الخُطةِ الإستراتيجيةِ لجامعةِ الأقصى.
وانتقلَ د. “مؤمن” إلى وزارةِ الإعلامِ ليَعملَ مديرًا للتدريبِ والعلاقاتِ العامةِ والإعلامِ؛ثُم انتقلَ إلى إذاعةِ الرأيِ؛ كَمديرِ لها ليُجسِّدَ عِشقَه بالجلوسِ خلفَ المايكروفون يوجِّهُ رسالةً للمُستمعينَ تَحملُ في طيّاتِها الكثيرَ من القِيَمِ والأخلاقِ وبناءِ الذاتِ، ومحاولةِ التصدّي للظروفِ الصعبةِ، فيقولُ:” الإذاعةُ فنٌّ لا يُمكِنُ الاستغناءُ عنه؛ لحاجةِ المجتمعاتِ لموادٍ مسموعةٍ؛ لكنْ بحاجةٍ إلى تطويرٍ، وإلى غزوِ الفضاءِ الأزرقِ من خلالِ البثِّ المباشِرِ ومواقعِ التواصلِ الاجتماعي .
ويواصِلُ حديثَه قائلاً :”تلقّيتُ عشراتِ التدريباتِ في مجالاتٍ عدّةٍ، وخاصةً فنونَ التدريبِ لتحقيقِ حُلمي في ممارسةِ التدريبِ، وكانت فرصتي الأولى عامَ (2009) في ديوانِ الموَظَّفين، ثُم واصلتُ المشوارَ، وحصلتُ على دورةٍ تدريبيةٍ مطوَّلةٍ في الدبلوماسيةِ والعلاقاتِ الدوليةِ من وزارةِ الخارجيةِ، والتي منَحتْني العديدَ من المهاراتِ، والتي ساعدتْني على تحديدِ المهاراتِ التي يجبُ أنْ اكتَسِبَها لتكتملَ شخصيتي كَمدرّبٍ مُحترِفٍ.
ويتابعُ :”مارستُ التدريبَ في مجالاتٍ مختلفةٍ، ومؤسَّساتٍ متنوّعةٍ حكوميةٍ وخاصةٍ، وقطاعٍ أهليّ ربحيّ وغيرِ ربحيّ؛ لأُحقِّقَ حُلمي الكبيرَ والتدريبَ الدولي، حيثُ مارستُ التدريبَ في السودانِ بشكلٍ جميلٍ ومتنوِّعٍ، انطلاقًا من الجامعاتِ والوزاراتِ والطلابِ ومراكزِ التدريبِ .
ويُعرِّفُ د. “مؤمن” التنميةَ البشريةَ في جَوهرِها بأنها تنميةُ الإنسانِ، والارتقاءُ، والتعرّفُ على مهاراتِ البشرِ، وتعزيزُ الذاتِ؛ ومن هنا كان الالتقاءُ مع جَوهرِ العملِ الإداري، وقيادةِ الأفرادِ التي كانت أساسَ دراستي وعناوينَ “الماجستير والدكتوراه” .
فيقولُ :”رغبتي في إرسالِ رسالتي لجمهوري، ومُتابعيَّ الكِرامِ؛ جعلتْني أتَّجِهُ للبرامجِ التلفزيونيةِ في استضافاتٍ متعدِّدةِ، وتقديمِ برنامجٍ أسبوعي؛ بعُنوانِ “مفاتيحُ النجاحِ” لمدّةِ ستِ سنواتٍ متتاليةٍ، بَرزتْ فيه قُدراتي على الحوارِ، واستنهاضِ الهِممِ، وتحفيزِ الشبابِ، وتسليطِ الضوءِ على قصصِ نجاحاتِهم .
يضيفُ:”التنميةُ البشريةُ علمٌ جميلٌ ورائعٌ؛ ولكنْ شابَه الكثيرُ من الَّلغطِ والتدنيسِ من جَهلةٍ ومُنتفِعينَ، وسوءِ توظيفٍ، وتجّارِ تدريبٍ، لكنه في حقيقتِه بناءٌ لّلذاتِ وإدارتِها، بل وقيادتِها نحوَ العُلا ، عِلمٌ بينَ طيّاتِه التحكُّمُ بالمشاعرِ الذاتيةِ، والتعاملِ مع الآخَرينَ بمشاعرَ متوازنةٍ تحافظُ على إنسانيَّتِهم، لِتحفّزَهم للمُضي قدُمًا نحوَ تحقيقِ الأهدافِ .
وسطَ ضغوطاتِ الحياةِ والعملِ، يجِدُ د. “مؤمن” نفسَه بينَ عائلتِه وأحفادِه، وبينَ سطورِ كلماتِه يجِدُ مُتعتَه مدرِّبًا ومُرشدًا، زارعًا الرغبةَ في التطورِ في قلوبِهم . يقول: “أرَى نفسي حينَ أرسمُ الابتسامةَ على وجنتَي حزينٍ وفاقدِ أملٍ” .
الحياةُ كلُّها محطةٌ، والحزنُ محطةٌ أصغرُ، لا يجبُ التوقُّفُ عندَها، فيقولُ :”العمرُ قصيرٌ، والرحلةُ تحتاجُ إلى زادٍ طويلٍ مملوءٍ بالثقةِ باللهِ ثُم بالذاتِ، وبدايةُ الحزنِ أمرٌ طبيعيٌّ؛ ولكنَّ استمرارَه وسيطرتَه على مقاليدِ الحياةِ، هو الأمرُ غيرُ الطبيعيّ ، وعلينا الخروجَ من دائرةِ الألمِ، لنجعلَه ماضيًا دافعًا للأمامِ؛ للتخلّصِ من رواسبِه، وجعلِها وقودًا لتحقيقِ الطموحاتِ.
يضيفُ :”الذكرياتُ تسترجعُ بعضَها من نفسِ النوعِ ، فالذكرياتُ الجميلةُ تستحضرُ الجميلَ، و كذلكَ المؤلِمةُ منها، فتَخلَّصْ من أوجاعِكَ أولَّاً بأوَّل .
وينصحُ دكتورُ التنميةِ البشريةِ قائلاً :”على الشخصِ أنْ يُقبِلَ على الحياةِ بحَيويّةٍ، لِسبَبينِ الأول: لأنّ ما يَحدثُ فيها هو قَدرُ اللهِ، والآخَرُ إنّ الحياةَ قصيرةٌ، ولا مجالَ للانتظارِ، فمازالَ أمامَنا الكثيرُ لتحقيقِه والوصولِ إليه؛ لذلكَ أُخاطِبُ غيرَ المتفائلينَ فيها؛ “الحياةُ ماضيةٌ بِحُزنِنا وسعادتِنا، وقضاءُ اللهِ نافذٌ برِضاكَ أو سخطِكَ، فكُنْ راضيًا عن اللهِ، سعيدًا بقَدرِه ، رافضًا الخضوعَ للواقعِ المُرِّ، ساعيًا لتغيِّيرهِ، فإنْ نجحتَ فبفضلِ اللهِ، وإلا ستَنشغِلُ في تغييرِ واقعِكَ لتنسَى أوجاعَ الدنيا، وفي كِليهِما خيرٌ .
ولأنّ الشبابَ عمادُ المستقبلِ، وحضارتُها المُشرقةُ، يوَجّهُ حديثَه للشباب فيقول:” تَعرّفْ على قدراتِكَ ومهاراتِكَ جيدًا، وحدِّدْها بدِقّةٍ مدَى امتلاكِكَ لها ، ثُم قارِنْها بهدفِكَ، ومدَى مواءَمتِها له، وانسجامِها معه، فإنْ تناغَمتْ فامضِ مستعينًا باللهِ؛ وإلا فابحثْ عن جَدوَلةِ أهدافِكَ، أو تنميةِ مهاراتِك وفي كلٍّ خيرٌ، ثِقْ بنفسِكَ وقدرتِك على تحقيقِ هدفِك، واثبُتْ عليهِ، ولا تنظرْ للوراءِ، أو لصرخاتِ المحبطينَ، ورافِقْ المُحبّينَ والداعمينَ دومًا.
يتابعُ حديثَه لهم: عليكم بتقيّيمِ خُطواتِكم باستمرارٍ، وقِفْ لحظاتٍ لِتعيدَ المسارَ، وتَشحذَ الهِمّةَ، وانطلِقْ من جديدٍ، وتمتّعْ بمسيرِك، وأنت تقتلعُ الشوكَ؛ لترسمَ طريقَ العزِّ والتفوّقِ والنجاح .
ومن مختاراتِ الخبراتِ والكتاباتِ، ولتعزيزِ الأفكارِ، ولأنّ الكتابَ خيرُ ما يُخلِّدُ الإنسانَ، ويُبقي على أثرِه؛ سجِّلَ ما حاضرَ به، وما قامَ بتدريبِهم من المئاتِ من الأشخاصِ؛ وجمعَ دكتور “مؤمن” خبراتِ العملِ، والمواقفِ والسنينَ في كتابٍ بعنوانِ؛ “المهاراتُ الناعمةُ”؛ تَناولَ فيه مهاراتِ ووظائفَ القرنِ الحادي والعشرين، والذي تكوَّنَ من بابَينِ، حيثُ تَناولَ في البابِ الأولِ تعريفَ المهاراتِ وخصائصَها وأنواعَها، والتأكيدَ على كونِها مُكتسَبةً بمحطاتٍ كثيرةٍ وموروثةٍ في نطاقٍ ضيّقٍ ، كما تَناولَ وظائفَ القرنِ الحادي والعشرينَ، والمهاراتِ اللازمةَ لها .
في حين، تَناولَ البابُ الثاني من الكتابِ، ثلاثةَ أقسامٍ؛ القِسمُ الأولُ: مهاراتُ التعلّم والذي تَناولَ فيه مهاراتِ التفكيرِ الناقدِ، وحلِّ المشكلاتِ، ومهاراتِ الاتصالِ والتشبيكِ، ومهاراتِ الإبداعِ والابتكارِ، أمّا القسمُ الثاني مهاراتُ الثقافةِ الرقميةِ ؛تحدّثَ فيه عن مهاراتِ الثقافةِ الرقميةِ، والثقافةِ المعلوماتيةِ، ومهاراتِ الثقافةِ الإعلامية ِ، أمّا القسمُ الثالثُ مهاراتُ المهنةِ والحياة ؛تناولَ فيها مهاراتِ الإنتاجيةِ والمساءلةِ، ومهاراتِ القيادةِ الرقميةِ، ومهاراتِ العملِ الحُرِّ مع الثقافاتِ المتعدّدةِ ،ومهاراتُ المرونةِ والتكيّفِ، بالإضافةِ لمهاراتِ كتابةِ المبادَراتِ .