Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

الفكرُ النسوي وإلغاءُ القوامةِ

دأَبَ الفكرُ النسويُّ على تعزيزِ الفرديةِ داخلَ الأسرةِ، وتعزيزِ الفرديةِ يفرضُ المساواةَ التامةَ بينَ أفرادِ الأسرةِ، ما من شأنِه إسقاطُ مفهومِ القوامةِ داخلَ الأسرةِ، والقوامةُ مُصطلَحٌ شرعيٌّ، أمّا المفهومُ العامُّ والحقيقُ للقوامةِ؛ هي عمليةٌ تنظيميّةٌ للشراكةِ الزّوجيّةِ، كما عرَّفتْها العمريةُ “شايب رُبا” في ورقةٍ بحثيةٍ بعنوانِ ” قوامةُ الرجلِ بينَ مقاصدِ الشّريعةِ الإسلاميةِ، وواقعِ الحالِ في المجتمعِ الإسلامي اليومَ” في مجلّةِ الشريعةِ والاقتصادِ عامَ(2017) م.

  والقوامةُ مسؤوليةُ وجوبٍ وتكليفٍ لرعايةِ الأسرةِ وحمايتِها وصيانتِها، وضمانِ مصالحِها الماديةِ، وكفالتِها بالمالِ والكسبِ والتحصيلِ، تطبيقًا لقولِه تعالى:﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾، وللقوامةِ مقاصدُ شرعيةٌ تتمثّلُ في حفظِ مقصدِ حدودِ اللهِ – عزَّ وجلَّ -من الانتهاكِ، وبالتالي حِفظُ عرضِ المرأةِ وكرامتِها، وكذا تحقيقُ مقصدِ التكافلِ الأُسريِّ في الإسلامِ.

أمّا الوثائقُ الدوليةُ الناتجةُ عن المؤتمراتِ الدوليةِ الخاصةِ بقضايا المرأةِ، و من خلالِ اتفاقيةِ “سيداو”، واتفاقيةِ منعِ كلِّ أشكالِ التمييزِ ضدَّ المرأةِ، فإنها تَعُدُّ القوامةَ ظلمًا وقهرًا وتسلُّطًا، وانعدامًا في المساواةِ داخلَ الأسرةِ، ودونيّةً للمرأةِ، كما وتُحمِّلُ القوامةَ مسئوليةَ العنفِ داخلَ الأسرةِ، وخاصةً العنفَ ضدَّ المرأةِ، وتسعَى من خلالِ برامجِها المختلفةِ لإلغاءِ القوامةِ، وتفكيكِها وتجزئتِها من خلالِ عدّةِ مَحاوِرَ أهمُّها: تقسيمُ المهامِّ الأُسريةِ بينَ الرجلِ والمرأةِ بالتساوي، وبغَضِ النظرِ عن الفوارقِ البيولوجيةِ بينَ الرجلِ والمرأةِ، وإلغاءِ طاعةِ الزوجةِ لزوجِها من خلالِ القَدْحِ في بعضِ الأُسُسِ داخلَ الحياةِ الزوجيةِ؛ كالاستئذانِ، والالتزامِ بمَسكنِ الزوجيةِ، والمعاشرةِ الزوجيةِ، والعملِ على إلغاءِ التعدُّدِ، وإلغاءِ العِدّةِ، والدعوةِ إلى التساوي في سُلطةِ الطلاقِ، واستحداثِ جريمَتي “الاغتصابِ الزوجي”، و”العنفِ الجنسيِّ” بينَ الأزواجِ.

إنَّ ما سبقَ هو تَعدِّي على التوزيعِ الفِطري للمَهامِّ، وفيه فَرْضُ أعباءٍ جديدةٍ وإضافيةٍ على المرأةِ؛ لا يتناسبُ مع فطرتِها وطبيعتِها وتكوينِها النفسيِّ والبَدنيِّ، وفيه ظلمٌ لِدَورِ المرأةِ المتكاملِ مع قوامةِ الرجلِ في مسئوليتِها ذاتِ التأثيرِ المَعنويِّ والأخلاقيِّ في رعايةِ البيتِ والأولادِ، خاصةً في ظِلِّ السماحِ لها بممارسةِ جميعِ الأدواِر التي تَتناسبُ مع فِطرتِها، والتي تجعلُها قادرةً على إحداثِ التوازنِ والشعورِ بالفخرِ في الجمعِ بينَ دورِها داخلَ المنزلِ وخارجَه؛ دونَ أنْ يؤَثِّرَ أحدُهما سلبًا في نظرتِها لِدَورِ الآخَرِ.

و في واقعِنا اليومَ، تَكالَبتْ أسبابٌ عِدّةٌ أدّتْ إلى ضعفِ القوامةِ في العالمِ الإسلاميّ عمومًا، وفي المجتمعِ الفلسطينيِّ خصوصًا، أبرزُها: الأوضاعُ الاقتصاديةُ الصعبةُّ التي سَبَّبَها الاحتلالُ سواءٌ عن طريقِ الحصارِ المفروضِ على قطاعِ غزةَ، أو الملاحقةِ والاعتقالِ والسياساتِ التي يُطبِّقُها في الضفةِ المحتلةِ، وكذلكَ التطوّرُ التكنولوجيُّ، والانفتاحُ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ التي تُعزِّزُ الثقافةَ النسويةَ المتعلقةَ بالفرديةِ والتمَركُزِ حولِ الأُنثَى، وانتشارُ المؤسساتِ النسويةِ التي تحظَى بدعمٍ ماليٍّ دوليٍّ، وتُطبِّقُ الأجِندةَ الأُمميةَ في التعاملِ مع قضايا المرأةِ؛ مُستَغِلةً الظروفَ الماديةَ الصعبةَ التي يمرُّ بها المجتمعُ الفلسطينيّ، وهنا لابدَّ أنْ نشيرَ إلى أنَّ هذه المؤسَّساتِ تنقسمُ إلى قِسمينِ: القِسمُ الأولُ يَعي جيدًا مخاطرَ ما يقومُ به، ويتَبنَّى الفكرَ النسويَّ وتطبيقاتِه، أمّا العددُ الأكبرُ من هذه المؤسساتِ؛ فهي مؤسساتٌ لاهثةٌ خلفَ التمويلِ الذي تُوفِّرُه هذه البرامجُ.

لذلكَ يجبُ علينا تكثيفُ جهودِنا في كلِّ المؤسّساتِ؛ من الأسرةِ إلى المسجدِ إلى المدرسةِ، إلى الجامعةِ …، حتّى نحافظَ على الأسرةِ الَّلبِنةِ الأولى للمجتمعِ، في صفائها ونقاءِ فكرِها، حتى تستطيعَ القيامَ بالدَّورِ المَنوطِ بها في المشروعِ الوطنيِّ الأكبرِ؛ وهو النصرُ والتحريرُ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى