كيف نُنَمِّي مهارةَ التعبيرِ عندَ الأطفالِ؟
كثيرةٌ هي المهاراتُ التي يرغبُ الأهلُ في تَعليمِها لأبنائهم، خاصةً الجديدةَ منها، انطلاقًا من رؤيةٍ استشرافيةٍ تحدّثَ عنها سيدُنا “علي بن أبي طالب” كرّمَ اللهُ وجهَه، قالَ: “علِّموا أولادَكم لزمانٍ غيرِ زمانِكم”، وإيمانًا بقولِ سيدِنا “عمر بن الخطاب” رضيَ اللهُ عنه ” أولادُنا أكبادُنا تمشي على الأرضِ.
المتأمِّلُ في الرأيَّينِ السابقينِ يجِدُهما قِمّةَ اهتمامِ الآباءِ بالأبناءِ، والمتأمّلُ أيضًا في الآباءِ يجِدُهم على أنواعٍ، أوَّلُها أبٌ يستثمرُ لأولادِه، وثانيهِما أبٌ يستثمرُ في أولادِه، وثالثٌ (مَلوش علاقة بأولادِه!) طيّب شو الفرق يا أبو صطيف؟
الأولُ يهتمُّ بتوفيرِ المستلزَماتِ الماديةِ من مأكلٍ ومشربٍ ومأوَى، والثاني بِجانبِ توفيرِه ما سبقَ، يعلِّمُهم ما يراهُ مناسبًا لمستقبلِهم، والثالثُ “رفعَ يدَه عن الموضوعِ “.
وبالعودةِ لعُنوانِ المقالِ، سأتحدّثُ عن مهارةٍ مُهمّةٍ يجبُ تعلِيمَها لأولادِنا؛ وهي “مهارةُ التعبيرِ” التي تساعدُ الطفلَ على البَوحِ بأفكارِه ومشاعرِه ومَواقفِه بشكلٍ رائعٍ.
السؤالُ، كيف يمكنُ تنميةُ هذه المهارةِ؟
لِنَتَّفِقْ أنّ التعليمَ في الصغرِ كالنقشِ في الحَجرِ، وأنّ عقلَ الطفلِ “كالإسفنجةِ”؛ تمتصُّ ما يُسكَبُ فيها من معلوماتٍ وقِيَمٍ وأفكارٍ ومهاراتٍ، وهنا أطرحُ عدّةَ أفكارٍ لتنميةِ هذه المهارةِ عندَ الأبناءِ.
1_ الاستماعُ للطفلِ؛ وهذا أمرٌ مُهمٌّ للغايةِ، فعَدمُ سماعِه، وعدمُ السماحِ له بالحديثِ؛ يعني حرمانَه من تمرينِ لسانِه وعقلِه على استخدامِ المفرداتِ وتركيبِها.
2_ القراءةُ أمامَه، وتشجيعُه عليها، والصبرُ عليه، وتصحيحُ أخطائِه، والقرآنُ خيرٌ مُعلِّمٍ.
3_ تشجيعُه على الاستماعِ لنشراتِ الأخبارِ، والبرامجِ ذاتِ الصِّلةِ، والقصصِ، والأناشيدِ، والأغاني الهادفةِ، خاصةً التي تتحدّثُ بالفُصحَى.
4_ نَعرِضُ عليه رسومَ كاريكاتيرٍ، وصوَرًا، ومقاطعَ فيديو؛ ونطلبُ منه أنْ يصِفَها شفويًّا وكتابيًّا، وكذلكَ وَصْفَ أيِّ حدَثٍ وقعَ معه في “المنزلِ، الحارةِ، المدرسةِ، الزياراتِ، الرحلاتِ المدرسيةِ”؛ فهذا يساعدُه على التركيزِ قبلَ الحدَثِ وأثناءَه وبعدَه، وانتقاءِ المُفرداتِ المناسبةِ.
5_ تعليمُه أكثرَ من مَعنًى لنفسِ الكلمةِ؛ فمَثلاً “الأسدُ” له أسماءٌ كثيرةٌ في اللغةِ العربيةِ، فلو أحضرْنا له صورةَ أسدٍ مُتعدِّدِ الأحوالِ والأماكنِ، وطلبْنا منه أنْ يعبّرَ عن كلِّ صورةٍ باسمٍ من أسماءِ الأسدِ، فهذاVERY NIC)).
6_ السماحُ للطفلِ بالقراءةِ بصوتِ عالٍ، وأنْ يقِفَ على مكانٍ مرتفعٍ في البيتِ؛ ليتحدّثَ ويستمعَ له أفرادُ العائلةِ وهم جلوسٌ؛ كأنهم جمهورٌ دونَ أنْ يهزؤوا به.
7_ الحديثُ أمامَه بموضوعاتٍ حياتيةٍ عامةٍ، وبشكلٍ تدريجيّ؛ يصبحُ مُلِمًّا بالمفرداتِ المهمّةِ، والطلبُ منه المشارَكةَ فيها.
8_ اصطحابُه في المناسباتِ ذاتِ الصلةِ؛ مِثلَ أمسياتٍ شِعريةٍ، ندواتٍ ثقافيةٍ، مُلتقَياتٍ سياسيةٍ، دواوينَ عائليةٍ.
9_ السماحُ له بالترحيبِ بالضيوفِ القادمينَ للمنزلِ، وبدءُ الحديثِ حينما يذهبُ لزيارةِ الآخَرينَ.
10_ تحفيظُه فقرةً معيَّنةً يقولُها في بدءِ لقاءِ أيِّ أحدٍ، وحينَ انتهاءِ اللقاءِ، مَثلاً “اسمي أميرٌ، في الصفِّ الأولِ، في مدرسةِ تلِّ السلطانِ الابتدائيةِ المشترَكةِ، أنا بخيرٍ، كيف حالُكَ؟ فرصةٌ سعيدةٌ.
11_تشجيعُ الطفلِ على المشارَكةِ في الأنشطةِ المدرسيةِ؛ وخاصةً الإذاعةَ، وتصويرُه حتى يرَى نفسَه ويتَحفَّزَ للاستمرارِ.
12_ تشجيعُه على رسمِ أيِّ شيءٍ يرغبُه، والطلبُ منه شَرْحَ فكرةِ الصورةِ.
وأخيرًا: ما سبقَ هي أفكارٌ هداني اللهُ _عزَّ وجلَّ_ لها، وأظنُّها ليستْ حصريةً، فلِكُلِّ واحدٍ مِنّا تجاربُ عاشَها أو عايشَها، والحِكمةُ ضالّةُ المؤمنِ أنَّى وجدَها؛ فهو أحقُّ الناسِ بها.