عامُكم خيرٌ..
في الواقعِ، لستُ مُتيَّمًا ببداياتِ الأعوامِ ونهايتِها ، فهي ليستْ أكثرَ من أرقامٍ وتعدادٍ ؛ ورُبَما محطاتٍ نتوقّفُ عندَها قليلاً؛ لتكونَ نقطةَ انطلاقٍ من جديدٍ ، وشَحذِ هِمَمٍ للمُضيّ قُدمًا نحوَ الغاياتِ والطموحاتِ .
فالأيامُ تمضي بنا سريعةً بكُلِّ تفاصيلِها تُسعِدُكَ تارةً ، لتشعرَ أنكَ ذاكَ البطلِ المغوارِ وفارسِ الأحلامِ، وسيّدِ المكانِ ، وتؤلِمُكَ أُخرى لتشعُرَ بِثِقَلِ السنينَ، وآهاتِ الأيامِ، ووَجعِ الزمانِ مع حركةٍ بطيئةٍ وشَعرٍ أبيضَ ، وتَراكُمِ أوجاعٍ جسديةٍ؛ تَتْبَعُها حُزماتٌ من وجعِ قلبٍ مُتتاليةٌ لِتُنهِكَ ما تبقَّى من الجسدِ .
صراعٌ مع واقعٍ، وذكرياتٌ مؤلمةٌ؛ يتخلَّلُها لحظاتُ أملٍ بعامٍ أكثرَ إشراقًا وبهاءً ، لِتَجِدَ نفسَكَ مسافرًا عبرَ الزمنِ؛ هناكَ حيثُ تتمنَّى وتحلَمُ .
عامٌ جديدٌ يعني النظرَ دومًا لأعلى مُستبشِرًا ، لتستقبلَ خيوطَ الشمسِ من مَنبعِها؛ لِيَنعمَ قلبُكَ بيقينِ الدفءِ؛ بلا محطاتِ خيبةٍ أو يأسٍ أو فقدانِ أملٍ ، بل هو الطموحُ نحوَ قيادةِ الأيامِ والسنينَ ورضًا بقَدرِ اللهِ، وانشغالٌ لتغييرِ واقعٍ.. ، فهو مخزونُ طاقةٍ كامنةٍ تفصلُ بينَ الناجحينَ وغيرِهم؛ لتكتشفَ لاحقًّا أنّ الأيامَ والسنينَ صورةٌ مُفرَغةٌ بلا ألوانٍ، أو مَضامينَ واضحةٍ ، وأنتَ من يمتلكُ الخيارَ ، أنتَ من يَقبلُ السوادَ، ويرسمُ العنوانَ، ويكتبُ التفاصيلَ كاملةً ، أنتَ من يجعلُها بألوانٍ زاهيةٍ ومشرقةٍ ، أنتَ من يرسمُ معالمَ الصورةِ، أو يسافرُ بها بعيدًا إلى مُربّعِ الأحلامِ؛ لِتُجسِّدَ واقعًا طالَما حلمتَ به، وتمنّيتَ تحقيقَه .
الأيامُ والسنونُ انطلاقٌ نحوَ ما نريدُ؛ ولِتقيّيمِ ذاتِكَ دونَ مقارناتٍ مع الآخَرينَ ، وإنْ كنتَ لا مَحالَ فاعلاً؛ فقارِنْ نفسَكَ مع نفسِكَ ، قارِنْ اليومَ بالأمسِ؛ مُستَحضِرًا نقاطَكَ المضيئةَ؛ لتؤكّدَ لِعقلِكَ الباطنِ أنك قادرٌ للوصولِ حيثُ حُلُمِكَ ، فأنتَ بحاجةً لإثباتِ نفسِكَ لنفسِكَ، ولستَ مُجبَرًا على إثباتِ نفسِكَ للآخَرينَ .
فقط يا عزيزي، عليكَ أنْ تهزمَ خوفَكَ، وتُبدِّدَ تَردُّدَكَ، وأنْ تتقدّمَ بلا وَجَلٍ ، وتبذُلَ جهدًا بلا كسلٍ، وتُتقِنَ بلا مَلَلٍ، وتعطيَ بلا كَلَلٍ .
الطموحُ عيونٌ مُترقِّبةٌ إلى السماءِ مُبصِرةٌ ، للتجديدِ ساعيةٌ ، للأوجاعِ مُبَدِّدةٌ ، وللذكرياتِ الجميلةِ ناشرةٌ ، وللروحِ داعمةٌ، وللنفسِ عن الذنوبِ ناهيةٌ ؛ رغبةً أنْ يكونَ غدٌ أجملَ بقدرةِ ربِّ أعظمَ .
عامٌ جديدُ يعني أنْ تنهضَ ثانيةً ، فالطامحونَ لا يحبّونَ الالتصاقَ بالأرضِ ، فعيونُهم تَرصُدُ شعاعَ الشمسِ، وضَوءَ القمرِ؛ لتحديدِ هدفٍ غيرِ فَضفاضٍ ؛ مُحَدَّدٍ ، تَغمرُه الثقةُ والقناعةُ بالقدرةِ على التحقيقِ والاستمرارِ .
فابدأْ يا صديقي بما لم تُحقِّقْ العامَ الماضي؛ ليكونَ على رأسِ طموحاتِك وخُطَّتِكَ لهذا العامِ ، لِيُمثِّلَ لكَ رِفعةً ودعمًا معنويًّا ؛ لأنّ تَراكُمَ الإخفاقاتِ، وعدمِ النجاحاتِ، مَحطاتُ تَراجُعٍ وإحباطٍ ، بل ادْعَمْ ذاتَكَ، وثِقْ أنكَ قادرٌ على تحقيقِ ما لم يتَحقّق لكَ ، وأنّ الأيامَ ما هي إلا نقاطُ انطلاقٍ جديدةٌ، ولن تُثنيَكَ يومًا عن تحقيقِ ما تَقدِرُ وتَرغبُ؛ فقط انطلِقْ.. وثِقْ بِمهاراتِكَ، واكتسِبْ مهارةً جديدةً مع إشراقِ عامٍ جديدٍ؛ لتكونَ مختلِفًا متميِّزًا في محطاتِ حياتِكَ القادمةِ .
كُنْ ما تتمنَّى وترغبُ، كُنْ عنوانًا لِذاتِكَ، مُحقِّقًا طموحاتِها ، ناشرًا لبذورِ الأملِ والسعادةِ في الأرجاءِ كُلِّها ، بمَعيَّةِ اللهِ ساعيًّا ، حُبًّا وعِرفانًا وإجلالاً ، كُنْ سعيدًا راضيًا ، عامُكَ خيرٌ وسعادةٌ.