Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

الشبابُ في “حماس”

ثلاثةُ عقودٍ ونصفٍ؛ مارستْ فيها “حماس” العملَ الدعويَّ والاجتماعيَّ والسياسيَّ والعسكريَّ؛ خاضتْ غمارَ البناءِ والتأسيسِ والتأثيرِ في الواقعِ، عبرَ أجيالِها المختلفةِ ، اعتمدتْ في سنواتِ بنائها على شبابِ المساجدِ، وروَّادِها، والنُّخبِ المجتمعيةِ الملتزِمةِ دينيًّا، ، كان عصبُ قوامِها دماءَ الشبابِ أصحابِ الهِمَّةِ  ، “إنهم فِتيَةٌ آمنوا برَبِّهم وزِدْناهم هُدى” ، فالالتزامُ الدينيُّ كان معيارَ الانضمامِ لصفوفِ العملِ الحَركي ، ثُم الارتقاءُ به لِيَليقَ بكادرٍ عاملٍ ومنظَّمٍ  في حركةِ مقاومةٍ وتحريرٍ .

وبقيَ دَيدنُ الحركةِ على ما هو عليه؛ استقطابُ الشبابِ والنهوضُ به، ثُم اختيارُ الراحلةِ من كلِّ قافلةٍ ، ووَضعُها في المكانِ الذي يستطيعُ  حملَ مَهامِّه، أو أنْ يخدمَ  الدعوةَ والقضيةَ حيثُ  مكانِ وجودِه وعملِه ، حتى عامِ (2006) هذا العامِ الذي قسمَ تاريخَ “حماس” لقِسمَينِ؛ وقسمَينِ مختلفَينِ، وبدأت مرحلةٌ جديدةٌ في واقعِ حركةِ “حماس” السياسيةِ والتنظيميةِ ،فوَجدتْ في بنيانِها لَبناتٍ صلبةً تستطيعُ أنْ تستندَ عليهِ في تلك المرحلةِ .

  وبعدَ أحداثِ(2007)  وُضعتْ “الشيلة” كلُّها في حِضنِها ، تلكَ الحركةُ التي لم يَسبِقْ لها ممارسةَ الحُكمِ من قبلُ  ، حصارٌ واسعُ المدَى ، ظروفٌ معقّدةٌ  ،استنكافُ موظّفينَ، مفاجآتٌ متلاحقةٌ ، كانت فترةً عصيبةً وصعبةً لحركةِ تحريرٍ؛ تُقدِمُ على العملِ السياسيِّ للمرّةِ الأولى؛ فتُرمى لها الكُرةُ في ملعبِ أشواكٍ ، جُرحتْ أقدامُها ولكنها لم تُبتَرْ،

 تعثَّرتْ  وبقيتْ واقفةً ، فغراسُ الأمسِ  على امتدادِ مُدنِ ومخيماتِ القطاعِ حملوا “الشيلة”،  أخطأوا وأصابوا ،  وأصابوا وأخطأوا؛  ولكنّ الوزراتِ بقيتْ واقفةً، وخدماتِ المواطنينَ لم تتوقفْ، تَنظرُ يَمنةً ويسرةً؛  تجدُ جيلاً من الشبابِ لا يتجاوزونَ الخامسةَ والأربعينَ  ، فرئيسُ الوزراءِ في حينِها السيد “إسماعيل هنية”  كان صاحبَ (43) عامًا، والوزراءُ والمُدراءُ العامّونَ  يَكبُرونَه بقليلٍ أو  يصغُرونَه ، كانت تجربةً فريدةً من نوعِها بظروفِها وتَسييرها؛ تستحقُّ الدراسةَ بما لها و وما عليها .

تَبلغُ نسبةُ الشبابِ في حركةِ “حماس” تبعًا لإحصائيةِ  دائرةِ الشبابِ فيها  في شهرِ “ديسمبر” هذا العامَ، أي الشهرِ الحالي نحوَ (84%) ما بينَ (18-45)عامًا رجالاً ونساءً، كما  تَجدُ حضورًا لافتًا لهم في مجالسِ الشورَى المَحلّيةِ (40% )من إجمالي        (  1300) عضوٍ في  قطاعِ غزةَ رجالاً ونساءً .

لو نظرتَ في قائمةِ  متقلّدي المناصبِ العليا؛ تجِدُ من رؤساءِ دوائرِ المكتبِ السياسي؛ ما زالوا في العَشرةِ الرابعةِ من أعمارِهم ، فالتدافعُ فيها  يصيرُ بشكلٍ مُنتظَمٍ وآمِنٍ،

والمُلفِتُ أيضًا أنَّ جُلَّ  مُمثِّلي حركةِ “حماس”، ورؤساءِ مكاتبِها  في الخارجِ، والعاملينَ في تلكَ المكاتبِ؛ من جيلِ الشبابِ  ،فلا نجدُ تَغوُّلاً لجيلِ الشيوخِ  على جيلِ الشبابِ؛  كباقي الفصائلِ والأحزابِ الفلسطينيةِ ؛  وهذه علامةُ جَودةٍ تنظيميةٍ  إداريةٍ .

أمّا  جهازُ كتائبِ “عزِّ الدينِ القسامِ” الشبابِ المتجدّدِ الذي لا يَهرمُ ولا يُهزَمُ ، يُضَخُّ فيه دماءٌ وكفاءاتٌ شابّةٌ بشكلٍ دائمٍ؛ لتُشكِّلَ الصورةَ التراكميةَ التي نراها اليومَ .

ومع بدايةِ علاقاتِ “حماس” الدبلوماسيةِ؛ حيثُ حاولتْ أنْ تخترقَ الحصارَ الذي أَحكَمَه المجتمعُ الدوليُّ، والسلطةُ الوطنيةُ، والاحتلالُ الإسرائيلي؛  حيثُ انفتحتْ بعضُ الساحاتِ أمامَها “كتُركيا، وماليزيا، وقطر”، فبدأتْ هجرةُ الشبابِ فيها ، سواءٌ كانت هجرةً موَجّهةً من التنظيمِ،   أو عبرَ قراراتٍ شخصيةٍ من الشبابِ ،للتعليمِ أوِ العملِ  وسطَ ظروفٍ  جَلِيَّةٍ من عدمِ الاستقرارِ في الداخلِ،  والحصارِ،  وتَكدُّسِ البطالةِ، فنَبشوا عن مصالحِهم؛ فوَجودها خارجَ حدودِ الوطنِ ، وإنْ لم تكنْ ظاهرةُ الهجرةِ محصورةً بشبابِ “حماس”، أو غزةَ؛  وإنما هي ظاهرةٌ عربيةٌ عالميةٌ .  

 وَصفَ البعضُ ذلكَ خسارةً لتنظيمِ حركةِ “حماس” في الداخلِ، وخاصةً في قطاعِ غزةَ،  أمّا حركةُ  “حماس” فتَعُدُّ ذلك  امتدادً لها في إقليمِ الخارجِ؛ وهذا الامتدادُ يأتي في  إطارِ مصلحةِ القضيةِ..

ويُراوِدُني قولُ الحبيبِ المصطفَى  _صلى الله عليه وسلم_ “نُصرِتُ بالشبابِ”

فبالشبابِ تقومُ الثوراتُ، وتُبنَى البلادُ،  وحماسُ ثورةٌ.. وطريقُها طريقُ تحريرٍ وبناءٍ. 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى