Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
من الحياة

أعادَ ميراثَ شقيقاتِه مضاعَفًا؛ بعدَ أنْ تنكَّرتْ له البناتُ والزوجاتُ بمَرضِه

 

السعادة

“اجرِ جريَ الوحوش، وغير رزقك ما بتحوش”، احتاجَ صاحبُ قصةِ اليوم ” أبو محمد “62 عامًا” عمرًا طويلاً، وثلاثَ زوجاتٍ؛ ليُدرِكَ معنى هذه العبارةِ؛ ويرضَى بواقعِها، ومئاتِ المعاصي، وعشراتِ القضايا في المحاكمِ من شقيقاتِه؛ إذْ أعماهُ حُبُّ المالِ عن عيشِ حياتِه برِضا، في ريعانِ شبابِه، تُوُفِّيَ والدُه صاحبُ الأملاكِ والأطيانِ، واجتمعَ مع أشقائهِ لتوزيعِ الميراثِ، وكان أشدَّهم اعتراضًا على توريثِ البناتِ.

تَجادلَ مع والدتِه وإخوتِه وشقيقاتِه البناتِ؛ لسنواتٍ طويلةٍ كانت كلُّ محاولاتِه تسعَى فقط لمنعِ توريثِ شقيقاتِه البناتِ من الأراضي، والأملاكِ والمالِ؛ بحُجّةِ أنّ مالَنا لن يذهبَ إلى الغرباءِ! حاولتْ والدتُه أنْ تغيّرَ رأيَّه بكُلِّ الطرُقِ؛ لكنه ظلَّ رافضًا فكرةَ توريثِ البناتِ، وأقسمَ يومَها أنه لن يورثَ بنتًا مترًا واحدًا من الأرضِ، وأنّ أرضَه ومالَه إرثٌ لأبنائهِ الذكورِ؛ وستبقَى الأرضُ في عائلتِه حتى قرونٍ قادمةٍ، فقطعَه اللهُ من أخواتِه سنواتٍ طويلةً.

شاءتْ الأقدارُ أنْ تُنجبَ زوجتُه الأولى خمسَ بناتٍ فقط؛ ثُم توقّفتْ عن الإنجابِ بإرادةِ اللهِ؛ فتزوّجَ من امرأةٍ أخرى ليس لشيءٍ؛ وإنما ليجلبَ من نسلِه رجلًا يحملُ مالَه وأرضَه؛ فلا يورِثُها للبناتِ، فأنجبتْ زوجتُه سبعةَ بناتٍ أيضًا، وفي عمرِ الخمسينِ تزوّجَ من امرأةٍ ثالثةٍ لتنجبَ هي الأخرى تسعَ بناتٍ ليصبحَ أبًا لإحدى وعشرينَ بنتًا!!

في سنواتِ حياتِه الأخيرةِ؛ أصابَه المرضُ؛ وأقعدَه طريحَ الفِراشِ، في هذه المحنةِ شاهدَ (21) قطةً مع أمهاتهِنَّ ينهشنَ في جسدِه وهو حيٌّ، فكُلُّ واحدةٍ من الزوجاتِ تريدُ أنْ تستوليَ على النصيبِ الأكبرِ من أموالِه لها ولبناتِها، فَهُنَّ في سباقٍ للاستيلاءِ على إرثِ المريضِ الجُثةِ، حاوَلَ بكُلِّ قوّتِه منْعَ ما يَحدثُ من زوجاتِه؛ إلَّا أنّ اعتراضَه الدائمَ على زوجاتِه ومصاريفَه قوبلَ من قِبلهِنَّ بالإهمالِ والرفضِ والشديدِ.

لم تكنْ واحدةٌ من (21) بنتًا على استعدادِ لأنْ تُلقيَ عليه التحيةَ؛ وهو مُسَجَّى في غرفةٍ داخلَ منزلِه الكبيرِ، الأيامُ كانت أسرعَ من أنْ يوقِفَها أحدٌ، وتدَهوُرُ صحتِه كان أسرعَ من أنْ تتخيّلَ عيناهُ، فخلالَ سنةٍ واحدةٍ فقط؛ باتَ غيرَ قادرٍ على التحرّكِ بأيِّ شكلٍ من الأشكالِ، كان يعتمدُ في أمورِه الشخصيةِ والعامّةِ على الآخَرينَ، لم تكنْ واحدةٌ من زوجاتِه أو بناتِه من هؤلاءِ الأشخاصِ الذين يعتمدُ عليهم، أو يقدِّمونَ له أيَّ مساعدةٍ تُذكَر!!

حاولَ “أبو محمد” بكُلِّ قدرتِه تقريبَ المسافاتِ بينَه وبينَ بناتِه؛ لكنَّ جُحودَهُنَّ كان يزدادُ يومًا بعدَ يومٍ، وجميعهُنَّ ينتظِرنَ رحيلَه؛ حتى يستطِعنَ التمتُعَ في مالِه، وطيلةُ فترةِ مرضِه لم يطرُقْ بابَه أحدٌ من إخوتِه؛ فقَسوتُه في سنواتِ العمرِ الأولى؛ بِحرمانِه شقيقاتِه الثلاثةِ من الميراثِ؛ كان وَبالًا عليه؛ حيثُ سيتوزّعُ ميراثُه على البناتِ (21) وأمهاتِهِنَّ، وسيَبِعنَه في أيامٍ قليلةٍ، وسرعانَ ما سيُدفَنُ ويضيعُ كلُّ أملِه في امتدادِ اسمِه.

في أحدِ الأيامِ اتّصلَ “أبو محمد” بأحدِ أصدقائه القدامَى طالبًا منه معروفًا؛ وسرعانَ ما جاءَه صديقُهُ مُهروِلاً؛ فطلبَ منه أنْ يعيدَ من ميراثِه بالبيعِ والشراءِ والعقودِ القانونيةِ كلَّ فلسٍ رفضَ إعطاءَه لشقيقاتِه الثلاثِ؛ حتى لو لم يتبَقَ له قوتُ يومِه؛ وبالفعلِ في اليومِ الثاني، قامَ صديقُة _بمساعدةِ محامي_ بتسجيلِ مالِ شقيقاتِه الثلاثِ كاملاً مكمّلاً، وتعويضِهِنَّ عن رأسِ المالِ في الأرباحِ.

في الأيامِ التاليةِ أرسلَ في طلبِ أخواتِه الثلاثِ؛ عبرَ أحدِ الأقاربِ؛ وأبلغَهنَّ أنه يحتاجُهنَّ جدًّا؛ فهو مريضٌ جدًّا؛ وبحاجةٍ إلى مساعدتِهنَّ؛ ولم تَمضِ ساعاتٌ حتى كانت الأخواتُ الثلاثُ بأولادِهنَّ وبناتِهنَّ وأنسبائهنَّ في بيتِ “أبو محمد” يَمدُدْنَ يدَ العونِ والحبِّ والحنانِ لسَندِهنَّ؛ حتى إذا ما انتصفَ النهارُ، وقبلَ أنْ يتناولَ طعامَ الغداءِ معهنَّ؛ أخبرَ أخواتِه أنّ مالَهنَّ رُدَّ إليهِنَّ مضاعَفًا؛ طالبًا منهنَّ السماحَ والمغفرةَ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى