نَجحْنا في الرِّهانِ، ونَجحْنا كثيرًا يومَ قُلنا: “إنَّ التطبيعَ مع الاحتلالِ لن ينجحَ بأيِّ شكلٍ من الأشكالِ”، فالشعوبُ العربيةُ تعيشُ في قلبِ فلسطينَ؛ وتدركُ أنّ الحقَّ الفلسطينيَّ سيَضيعُ؛ إنْ هي سلَّمتْ لِوَجهِ الاحتلالِ المُطبِّع، وتدركُ أيضًا أنّ الدمَ العربيَ يَسري في الشعوبِ من المحيطِ إلى الخليجِ؛ ولا يُمكِنُ أنْ تتغيّرَ كثافتُه أو لونُه أو انتماؤه.
في كأسِ العالمِ بقطرَ؛ كانت فلسطينُ حاضرةً في الملاعبِ والمدرّجاتِ، في الملابسِ والشاراتِ، في المطاعمِ والشوارعِ، في الاحتفالات والافتتاحيات، في القلوبِ والعقولِ، بينَ المشجِّعينَ واللاعبينَ، في كلماتِ المُعلِّقينَ، وفى فرحةِ الفائزينَ، في التغطياتِ الصحفيةِ وفى التحليلاتِ السياسيةِ.
في كأسِ العالمِ بقطرَ، أدركتْ دولةُ الاحتلالِ أنَّ العربِ لا يُطبِّعونَ، وأنهم مرفوضونَ من المحيطِ إلى الخليجِ، وأنَّ فلسطينَ أكبرُ من دولةِ الوَهمِ خاصتِهم، التي شرَعوا منذُ عِدّةِ سنواتٍ في نشرِ صوَرٍ وفيديوهاتٍ عن نجاحِها في التطبيعِ مع العربِ؛ لكنْ في هذا الكأسِ أدركتْ دولةُ الاحتلالِ أنَّ كلَّ شيءٍ يتعلّقُ بقضيةِ وشعبِ فلسطينَ؛ سيَبقَى حيًّا في قلوبِ وعقولِ العربِ، فلا كبارُهم يموتونَ، ولا صغارُهم ينسَونَ.
في كأسِ العالمِ بقطرَ، أدركَ الجميعُ معنَى وجمالَ أنْ تكونَ عربيًّا، رُبما هي المرّةُ الأولَى التي نكونُ فيها المُضيفينَ، وأصحابَ الأرضِ والماءِ والسماءِ، أصحابَ الهواءِ، نقولُ للجميعِ: كيف يأكلونَ، وماذا يأكلونَ، وماذا يشربونَ، نعلِّمُهم ثقافتَنا ودِينَنا وكرَمَنا العربي، يُجرِّبونَ نمطَ حياتِنا الذي يَعُدُّونَه أقلَّ درجةً من حياتِهم؛ لكنّهم في التجرِبةِ يُدرِكونَ أنَّ نمطَ الحياةِ العربيةِ أفضلُ من كلِّ أنماطِهم.
في كأسِ العالمِ بقطرَ؛ فلسطينُ الدولةُ والقضيةُ؛ صاحبةُ الكأسِ والنصرِ، ونحن الفائزونَ في المباراةِ النهائيةِ الكبيرةِ، وأيُّ فوزٍ يساوي أنْ يَسقُطَ التطبيعُ سقوطًا لا رَجعةَ فيه، يسقطُ بكُلِّ ما أوتِيَتْ الكلمةُ من قوّةٍ .
