Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

المستمر منتصر

في عالمِ الأمومةِ لا شيءَ يحاربُ حبَّكِ لأبنائكِ وخوفَكِ عليهم؛ أنتِ سيدةُ هذا العالمِ في العطاءِ والتضحيةِ، مصدرُ الأمانِ، صانعةُ النجاحاتِ والإبداعِ، أمومتُكِ تشكّلُ عالَمًا أنتِ مَن تصنعينَه بكُلِّ حبٍّ ورضا، ولا أحدَ يختلفُ على مكانتِكِ، فأنتِ من تقومُ البيوتُ بها، وتضيءُ بصوتِها ..

لا يختلفُ اثنانِ على أنّ الأمومةَ مَدرستُكِ؛ تُديرينَها حسبَ رؤيتِكِ ووَعيِّكِ وفهمِكِ، تصيبينَ في الكثيرِ؛ وقد تُخطئينَ في بعضِ المواقفِ؛ وهذا واردٌ.. ولكنْ أحيانًا نقعُ في فخِّ الدلالِ وترْكِ الأبناءِ يفعلونَ ما يريدونَ، فنحن في زمنٍ ندَّعي فيه أنه جيلُ التكنولوجيا والحرياتِ، ولا نستطيعُ السيطرةَ عليه؛ وهنا تقَعينَ في أخطاءٍ لا تُدركينَها إلاّ بعدَ فواتِ الأوانِ ..

حينَ تربّينَ من تُحبينَ رؤيتَهم في أحسنِ الأماكنِ؛ ربِّيهِم على أُسُسٍ ومبادئَ راسخةٍ لا تَهاونَ فيها، ازرعي فيهم قوةَ الشخصيةِ، اخلق منهم أصحابَ قرارٍ ، وتحمّلَ المسؤوليةِ، والمشاركةَ والتعاونَ، علّميهِم معنَى الاحترامِ والتقديرِ  لِمَن هم أكبرُ منهم، ومَن حولَهم، فحينَ تسقطُ من ابنِكِ بعضُ الألفاظِ الخارجةِ عن النصِّ، أو تصرفات غير لائقة؛ لا تُبدي سعادتَكِ وتُعلي صوتَ ضحكاتِك؛ وكأنّكِ تُصفِّقينَ له، فهو قامَ بعملٍ بطوليٍّ.. تذكري أن النتائج ستكون وخيمة عليك وعليه .

دائمًا ربِّي أبناءَكِ على قاعدةِ المُستمِرِّ منتصِرٌ؛ حتى لو بالقليلِ عوِّديهِم على جَمعةِ العائلةِ، على لمَّةِ الغداء أو العَشاءِ، على انتظارِ الأبِ أوِ الأخِ لو تأخّرَ على زيارةِ الأقاربِ والأصدقاءِ تلكَ العاداتُ تخلقُ فيهم انتماءً وحبًّا، فأنتِ تؤسسِّينَ لمفهومِ “إنَّ الأسرةَ أولاً وأخيرًا” ..

حاوِلي أنْ تُحافظي على هذا النسيجِ الأُسَري؛ حتى لو أشغَلتْكِ الظروفُ، وألهَتْكِ الحياةُ، لا تنقطِعي وداوِميِ على تجميعِ عائلتِكِ؛ فهي الضمانُ في ظِلِّ تفكُّكٍ أسَريٍّ تعيشُه الكثيرُ من البيوتِ..

المستمرُّ منتصرٌ، نَعمْ منتصرٌ، حينَ تتعاملينَ مع طفلِكِ الصغيرِ على أنه كبيرٌ، فكُلُّ الذي تغرسينَه فيه من حلالٍ وحرامٍ _حسبَ الشريعةِ الإسلامية_ ويجوزُ ولا يجوزُ _حسبَ عاداتِ وتقاليدِ مجتمعٍ نحنُ جزءٌ منه؛ اجتهدي على أنْ تربِّي، وتصحِّحي، وتبني منذُ اللحظاتِ الأولى لولادتِه، وتذكّري جيدًا أنتِ مَن ترسمينَ خريطةَ تربيتِك لأبنائكِ فارسميها بخطوطٍ عريضةٍ، وقواعدَ سليمةٍ في التربيةِ، ولا تكوني عشوائيةً؛ حتى لا تُخرجي طفلاً عشوائيًّا لا مكانَ له في الحياةِ .

لحظاتُ العمرِ تمرُّ أسرعَ من البرقِ، اليومَ ترَينَ طفلَكِ الصغيرَ في حِضنِك، يَدورُ في فلكِكِ، يَتبَعُ خطواتِك، ويجلسُ بجوارِك في كلِّ الأماكنِ، وبلحظةٍ سوفَ تقفينَ تًراقِبيهِ بينَ صفوفِ الخرّجينَ؛ يلوّحُ لكِ بيدِه؛ ويلبس روبُ التخرُّجِ، وعيونُه تلمعُ امتناناً لكِ، إذا كنتِ رفيقةَ دربِه، ومشجِّعتَه، مُلهِمتَه، ومستمرّةً في دعمِه؛ سوف تشاهدينَه عريسًا ببَدلتِه التي اختارَها حسبَ مَشورتِك، إذا كنتِ صديقتَه؛ ويأخذُ برأيِّكِ .. طفلُكِ الصغيرُ اليومَ ينادَى عليه “دكتورٌ،  مهندسٌ،  أستاذٌ، مستشارٌ، محامي،  صحفي؛ عندَها فرحتُك لن تسَعَها الأرضُ بكِبَرِها، والسماءُ بعُلوِّها؛ لأنّ زرعتَكِ أنبتتْ نباتًا حسنًا؛ لذلكِ ربِّي ابنَكِ لأجلِ أنْ تعيشي تلكَ اللحظاتِ؛ وأنتِ ترفعينَ رأسَكِ فخورةً بنجاحِكِ وتربيتِكِ، فمِشوارُ عُمرِك لم يضِعُ هباءً منثورًا ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى