Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سوشيال ميديا

حكي سوشيال ميديا

 

عادةً ما أتطرّقُ في حديثِ “السوشيال ميديا” إلى الأوضاعِ والأحداثِ المتعلّقةِ بالوطنِ والقضيةِ الفلسطينيةِ؛ كونَها القضايا الأكثرُ تأثيرًا على المستوياتِ المختلفةِ، وتحتلُّ مساحةً كبيرةً من تفاعلِ النشطاءِ والعامةِ عبرَ “السوشيال ميديا”، خاصةً في الأوقاتِ التي تزدحِمُ فيها الذاكرةُ الفلسطينيةُ بالشهداءِ؛ إلَّا أنني هذه المرّةَ قرَّرتُ أنْ أتَّجِهَ في الكتابةِ إلى حادثٍ عرَضيٍّ، أو جزءٍ م كثيرٍ من السلوكياتِ الغريبةِ، التي بدأتْ تجتاحُ قطاعَ غزةَ في السنواتِ الأخيرةِ، وتتصاعدُ  بوَتيرةٍ عاليةٍ كمًّا وكيفًا.

بالأمسِ انقلبتْ مواقعُ التواصلِ رأسًا على عَقِبٍ؛ بعدَ انتشارِ مقطعٍ لفتاةٍ تجلسُ على جزءِ من الرافعةِ لإتمامِ جلسةِ تصويرٍ؛ رُبما تكونُ خاصةً بزفافِها أو خطوبتِها، المقطعُ المُثيرُ للجَدلِ؛ أثارَ موجةَ غضبٍ كبيرةً تُجاهَ تقليعات الفتياتِ المتعلّقةِ بالزفافِ، وتحديدًا ما يتعلّقُ بجلساتِ التصويرِ التي باتتْ ظاهرةً لا يمكنُ التغاضي عنها في ظِلِّ ترَدِّي منظومتِها، وسوءِ استعراضِها، وغرابةِ الثقافةِ التي تنشرُها للأجيالِ القادمةِ.

أحدُ النشطاءِ كتبَ في معرِض حديثِه عن الظاهرةِ قائلاً: قبلَ عَقدٍ من الزمنِ، كان تَداوُلُ صوَرِ الزفافِ بينَ عائلةِ العروسِ، وعائلةِ العريسِ؛ أمرًا سِريًّا للغايةِ، وحدَثًا يمكنُ أنْ يشكّلَ مشكلةً تَصِلُ إلى المخاتيرِ وأهلِ الإصلاحِ، حتى يتمَّ حلُّها، وكانت أكثرُ توصياتِ الأزواجِ لزوجاتهِنَّ الجُدُّدِ “إيّاكِ أنْ يشاهدَ الصوَرَ أيُّ شخصٍ قريبٍ أو بعيدٍ، وفى كثيرٍ من المرّاتِ كان يرفضُ الزوجُ أنْ تصطحبَ زوجتُه ألبومَ الصوَرِ إلى منزلِ عائلتِه، أو منزلِ عائلةِ زوجتِه، وكانت القاعدةُ تقولُ: ” الذي يريدُ مُشاهدةَ صوَرِ الزفافِ؛ فعليهِ بداخلِ البيتِ”، أمّا اليومَ فأنتَ تستطيع الدخولَ بضغطةِ زرٍ على صفحاتِ المصوّرينَ والمصوّراتِ؛ لتشاهدَ كلَّ صوَرِ العرسانِ في قطاعِ غزةَ!!

والحقيقةُ إنَّ جلساتِ التصويرِ في قطاعِ غزةَ باتت تشكّلُ ترَفًا سيئًا للمُقبِلينَ على الزفافِ؛ أولَّاً بارتفاعِ أسعارِها؛ حيثُ تكلّفُ جلسةُ التصويرِ الواحدةُ قرابةَ الألفِ شيكل؛ بينَ أُجرةِ المُصوّرةِ،  وأُجرةِ المكانِ، وطباعةِ جزءٍ من الصورِ؛ وهذا الأمرُ مقدورٌ عليه في ثقافةِ المجتمعِ، إلى جانبِ ما يَحدثُ من استخفافٍ بلقطاتِ التصويرِ، وإلغاءِ الخصوصيةِ، والتعدِّي على حدودِ الدِّينِ في خصوصيةِ النساءِ الدينيةِ والشرعيةِ.

الصورةُ التي انتشرتْ بالأمسِ؛ فتحتْ جبهةَ نقاشٍ عريضٍ بينَ جمهورِ الأشخاصِ الذين شاهدوا هذه اللقطةَ في إطارِ الحريةِ الشخصيةِ؛ في حين شاهدَها آخَرونَ؛ وهذا يشكِّلُ تَعدِّيًا على الحقوقِ الدينيةِ والمجتمعيةِ، وهذه الجبهةُ لم تُغلَقْ بعدُ، ولم تنتهِ بأيِّ حالٍ من الأحوالِ؛ لأنَّ عوامَّ الناسِ كثيرٌ ما تخلطُ بينَ الحلالِ والحرامِ في عبارةِ الحريةِ الشخصيةِ، ويتغاضونَ في جزئيةِ “إنَّ للهِ حدودَه الواضحةَ والمعروفةَ، والتي تنفصلُ بشكلٍ تامٍّ عن الحريةِ الشخصيةِ.

الحدَثُ الآخَرُ الذي لا بدَّ أنْ نُعرِّجَ عليه؛ هو ما حدثَ في فلسطينَ عامةً بالمنخفضِ الأخيرِ؛ حيثُ سقطَ على البلادِ        (  11%) من حجمِ الأمطارِ التي تَسقطُ سنويًّا خلالَ فصلِ الشتاءِ في يومٍ واحدٍ؛ ما أدَّى إلى غرقِ كافّةِ الأحياءِ والمناطقِ؛ بدءًا من مُدنِ الضفةِ الغربيةِ وقطاعِ غزةَ؛ وحتى الداخلِ المحتلِّ، بَيدَ أنَّ موجةَ الغضبِ تركّزتْ حولَ بلديةِ غزةَ التي نشرتْ قبلَ أيامٍ قليلةٍ من بدءِ المنخفضِ “أنها جاهزةٌ لاستقبالِ الشتاءِ”!

جهوزيةُ البلديةِ زادتْ من حجمِ السخريةِ من أداءِ البلديةِ أثناءَ المنخفضِ، وفتحتْ جبهةً كبيرةً على المجلسِ البلدي واللجنةِ القطريةِ، وكلِّ القائمينَ على مشاريعِ البِنَى التحيةِ؛ في حين تَناسَى المواطنُ دورَه الحقيقَ الذي يتسبَّبُ في كُلِّ مرّةٍ، وكلِّ منخفَضٍ في غرقِ المدينةِ، إذْ تُشكِّلُ القمامةُ والقاذوراتُ سببًا رئيسًا في إغلاقِ كل منافذِ مياهِ الأمطارِ في البِنَى التحتيةِ؛ إضافةً إلى إغلاقِ المصافي وسرقتِها، والتدخُلِ المباشرِ وغيرِ المباشرِ في عملِ المختصّينَ بالبلدياتِ.

الحقيقةُ إنّ حديثَ “السوشيال ميديا” باتَ يعكسُ حراكًا حقيقًا على الأرضِ؛ نحوَ كافةِ القضايا والأحداثِ المجتمعيةِ؛ إلَّا أنّ هذا الحراكَ بحاجةٍ إلى إدارةٍ حقيقةٍ؛ تُعطي آراءَ الناسِ واهتمامَهم بعضَ الزّخمِ، وتطويرَها في سياقِ خدمةِ هذه القضايا، وليس فتحَ بابٍ واسعٍ للتنغيصِ والسخريةِ والاستهزاءِ بالقدراتِ والمقدّراتِ، أو الخوضِ في حياةِ المسؤولينَ الشخصيةِ بشكلٍ مهينٍ ومُتعِبٍ للمُتابعِ وصاحبِ الحدَثِ نفسِه.

لا خلافَ أنّ الظواهرَ الغريبةَ باتت آثارُها تتصاعدُ  في قطاعِ غزةَ بشكلٍ مَهولٍ؛ حتى بِتنا ندركُ أنَّ مجتمعَنا ذا العاداتِ والتقاليدِ، المجتمعَ المُلتزِمَ الذي يحترمُ حدودَه؛ باتَ مجتمعًا آخَرَ؛ لا نُدرِكُ لونَه أو سلوكَه، وإلى أينَ سيَصلُ في تدَهوُرِ سلوكياتِه السيئةِ في أزمةِ الأخلاقِ التي نعيشُها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى