Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
عيشها صح

لماذا نُصابُ بالاكتئابِ بعدَ الإجازةِ؟

إعداد : السعادة

قد يظنُّ البعضُ أنّ الإجازاتِ دومًا ما تستطيعُ أنْ تُجدّدَ الطاقةَ، وتملكَ القدرةَ على إعادةِ الشخصِ إلى عملِه منتعِشًا مُتحمِّسًا لاستئنافِ العملِ؛ لكنّ هذا قد لا يَحدُثُ أحيانًا؛ وبدَلاً من ذلكَ قد يَحدثُ العكسُ؛ فقد تشعرُ عندَ العودةِ إلى العملِ بعدَ الإجازاتِ بالقلقِ والتوَتُرِ والخمولِ؛ ويُمكِنُكَ أنْ تلاحظَ الأمرَ بعدَ إجازاتِ الأعيادِ والإجازاتِ السنويةِ، التي تمتدُّ لعدّةِ أيامٍ متواصلةٍ، هذا الشعورُ بالاكتئابِ ورُبما القلقِ، ورُبما الأرَقِ والشعورِ بالضيقِ خلالَ الليلةِ التي ستعودُ فيها إلى استئنافِ العملِ صباحًا.

لا يقتصرُ الأمرُ على الإجازاتِ الطويلةِ فحسْب، فقد تشعرُ بهذا أسبوعيًّا بعدَ إجازتِك الأسبوعيةِ؛ فإذا كُنتَ تشعرُ بهذهِ المشاعرِ؛ فأنتَ لستَ وحدَك، هذا أمرٌ مُتعارَفٌ عليه، ويتشاركُ في الشعورِ به العديدُ من البَشرِ، ويُطلقُ عليه اسمُ “اكتئابُ ما بعدَ الإجازة”.

بالطبعِ لا يُمكِنُ إنكارُ أنَّ الإجازاتِ مفيدةٌ عمومًا للصحةِ العقليةِ، فقد وجدتْ إحدى الدراساتِ أنّ سياساتِ مكانِ العملِ التي تسمحُ بإجازةٍ لمُدّةِ (10) أيامٍ مدفوعةِ الأجرِ؛ استطاعتْ تحقيقَ انخفاضٍ بنسبةِ (29%) من خطرِ الاكتئابِ بينَ النساءِ.

يُعرَفُ “اكتئابُ ما بعدَ الإجازةِ” أيضًا باسمِ “متلازمةُ ما بعدَ الإجازةِ”، على الرغمِ من كَونِ أعراضِ اكتئابِ ما بعدَ الإجازةِ تختلفُ من شخصٍ إلى آخَرَ، فإنّ هناكَ العديدَ من الأعراضِ المميّزةِ المشترَكةِ، مِثلَ: الأرَقُ، انخفاضُ الطاقةِ، التهيّجُ والعصبيةُ، صعوبةُ التركيزِ، والقلقُ .

ما سبب أصابتنا بالاكتئابِ بعدَ الإجازةِ؟

يرى بعضُ الباحثينَ أنّ المُتسبِّبَ الرئيسَ في حدوثِ اكتئابِ ما بعدَ الإجازةِ هو ​​”الأدرينالين”، فيوضحُ الدكتورُ “آدم المغربي” دكتورُ علمِ النفسِ قائلاً: إنّ الانسحابَ المفاجئَ لهرمونِ “الأدرينالين” بعدَ حدَثٍ كبيرٍ، سواءً كان حفلَ زفافٍ، أو موعدًا نهائيًّا مُهِمًّا، أو الإجازاتِ؛ يُمكِنُ أنْ يكونَ له تأثيرٌ عميقٌ على صحتِنا البيولوجيةِ والنفسيةِ.

ويضيفُ:”هناكَ سببٌ آخَرُ؛ هو أنّ الإجازاتِ هي الوقتُ الوحيدُ الذي تنقطعُ فيه الحياةُ المُعتادةُ؛ ويتوقّفُ الروتينُ الثابتُ الذي يتكرّرُ كلَّ يومٍ وليلةٍ؛ لذلك خلالَ هذا الوقتِ يُبالِغُ العقلُ في رؤيةِ حقائقِ الحياةِ اليوميةِ بشكلٍ قد يكونُ سلبيًّا أو ثقيلًا؛ ما يجعلُ العودةَ إلى الحياةِ اليوميةِ تبدو أكثرَ إثارةً للقلقِ والاكتئابِ بشكلٍ غيرِ متناسِبٍ ممّا هي عليه في الواقعِ؛ يَحدثُ هذا حتى وإنْ لم تكنْ عطلتُكَ سعيدةً ومشرقةً.

“من المفارَقاتِ إلى حدٍّ ما؛ أنّ القدرةَ على خداعِ أنفسِنا كلَّ يومٍ؛ هي مؤَشِّرٌ على الأداءِ العقليّ والنفسيّ الجيّدِ”، موضِّحًا أنّ بعضَ الأشخاصِ يستمتعونَ بالفعلِ عندَ العودةِ إلى العملِ؛ لأنّ هذا الأمرَ بالنسبةِ للكثيرينَ يوفّرُ روتينًا وقابليةً للتنَبؤِ وأُلفةً؛ ما يساهمُ في شعورِ البعضِ بالسيطرةِ على واقعِهم وحياتِهم. على الرغمِ من أننا نتوقُ إلى التغييرِ؛ فإنّ دماغَنا في الواقعِ يُفضِّلُ الاتِّساقَ، ويحاولُ استعادةَ الاستقرارِ؛ كُلّما تعرَّضَ روتينُنا العادي للتهديدِ .

وثمةَ عامِلٍ مُحتمَلٍ آخَرَ في حدوثِ اكتئابِ ما بعدَ الإجازاتِ؛ هو الضغطُ النفسي الذي قد يتعرّضُ له البعضُ بسببِ رغبتِهم في إظهارِ أنهم يشعرونَ بالسعادةِ للمحيطينَ بهم، دونَ أنْ يكونَ هذا حقيقيًّا أو مُعبِّرًا عمّا يشعرونَ به فِعلًا، فإنّ التظاهُرَ بالسعادةِ يُمكِنُ أنْ يكونَ مرهِقًا بشكلٍ لا يُصدَّقُ.

كيفيةُ التعاملِ مع اكتئابِ ما بعدَ الإجازةِ ؟

تتمثَّلُ أولُ خُطوةٍ من التعاملِ الفعّالِ مع اكتئابِ ما بعدَ الإجازةِ في إدراكِ أنَّ ما تُعاني منه هو أمرٌ مؤقَّتٌ؛ فتَحَلَّ بالصبرِ، ولا تضغطْ على نفسِكَ أو تَشعرَ بالذنبِ بسببِ مشاعرِ الضيقِ أو الاكتئابِ؛ وخُذِ الوقتَ الذي تحتاجُ إليهِ؛ حتى تستطيعَ العودةَ والانخراطَ في روتينِكَ المُعتادِ.

لا ينبغي أنْ يستمرَّ اكتئابُ ما بعدَ الإجازةِ أكثرَ من بضعةِ أيامٍ؛ فإذا لم تَتحَسّنْ الأعراضُ في غضونِ أيامٍ قليلةٍ؛ ففَكِّرْ في استشارةِ أخصائي؛ لكنْ في بعضِ الأحيانِ، يمكِنُ أنْ تساعدَكَ بعضُ الجلَساتِ على إعادةِ ضبطِ حالتِكَ المزاجيةِ، وقد يُعبِّرُ استمرارُ الاكتئابِ عن أنَّ مشاعرَكَ ناتِجةٌ عن مشكلةٍ أكبرَ.

يُمكِنُكَ التعاملُ بفعاليةٍ معَ اكتئابِ ما بعدَ الإجازةِ؛ من خلالِ المزيدِ من التنظيمِ في الفترةِ التي تَسبِقُ الإجازةَ ذاتَها، وقد يكونُ من السهلِ النظرُ إلى المَهامِّ وقَولُ: “سأتعاملُ مع ذلكَ عندما أعودُ”؛ لكنْ من الأفضلِ الاستعدادَ لمرحلةِ المشاعرِ الثقيلةِ التي تلي العودةَ من الإجازاتِ بإنجازِ هذه المَهام.

عندَ العودةِ من الإجازةِ، إذا كان بإمكانِكَ، امنَحْ نفسَكَ يومًا أو نحوَ ذلكَ؛ للتكيُّفِ قبلَ أنْ تضطَّرَ إلى العودةِ إلى العملِ؛ وخلالَ هذا اليومِ سيكونُ لدَيكَ الوقتُ للشراءِ ، وتفريغِ الأمتعةِ، والغسيلِ، والتعاملِ معَ أيِّ شيءٍ غيرِ متوَقَّعٍ حدثَ أثناءَ غيابِك.

يتطلَّبُ الخروجُ من حالةِ اكتئابِ ما بعدَ الإجازاتِ إلى التركيزِ بشكلٍ إضافيٍّ على أساسياتِ الرفاهيةِ الجسديةِ والعقليةِ. فيجبُ أولًا الاعتناءُ بنفسِكَ من خلالِ الحصولِ على قسطٍ كافٍ من النومِ الجيّدِ، بالإضافةِ إلى المواظبةِ على ممارسةِ التمارينِ الرياضيةِ المنتظَمةِ، والحرصِ على تناولِ نظامٍ غذائيٍّ غنيٍّ بالمُغذِّياتِ.

قد تَجِدُ نفسَكَ خلالَ أوقاتِ الإجازاتِ؛ تُهمِلُ الأشياءَ السابقةَ، أو قد لا تَجدُ في نفسِكَ الرغبةَ لممارسةِ التمارينِ الرياضيةِ؛ لكنْ يجبُ معرفةُ أنّ إعادةَ تأسيسِ هذه الركائزِ _بوَصفِها عنصرًا أساسًا غيرَ قابلٍ للتفاوضِ في روتينِكَ_ أمرٌ ضروريٌّ للعودةِ إلى المسارِ الصحيحِ؛ إذا كنتَ تريدُ التغلُّبَ على الاكتئابِ .

يُمكِنُ تقليلُ اكتئابِ ما بعدَ الإجازةِ؛ من خلالِ الخروجِ في الهواءِ الطلقِ، وقد أظهرتْ الدراساتُ أنَّ معظمَ الناسِ يَقضونَ ما يزيدُ على (90%) من حياتِهم داخلَ المباني؛ بينما تُشيرُ الأبحاثُ إلى أنه عندما يقضي الناسُ وقتًا في الطبيعةِ؛ فإنَّ مزاجَهم يتحسّنُ، ومستوياتِ التوتُرِ تنخفضُ؛  فينامونَ بشكلٍ أفضلَ، كما تتحسّنُ صحتُهم الجسديةُ، وقد يكونُ للنزهاتِ القصيرةِ المنتظَمةِ في الطبيعةِ التأثيرُ المُهدِّئُ للنفسِ لقضاءِ إجازةٍ جيدةٍ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى