Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

المؤنساتُ الغالياتُ

كثيرًا ما يحزنُ بعضُ الأزواجِ بعدَ إنجابِهم الإناثَ تباعًا، فيسعَونَ بكُلِّ الطرُقِ والوسائلِ الطبيةِ الحديثةِ لإنجابِ الذكورِ؛ رغبةً منهم في حملِ اسمِ العائلةِ ؛ هذا الأمرُ يأتي ضِمنَ إطارِ التنشئةِ الأُسريةِ للأزواجِ؛ فالبعضُ يكونُ لدَيهِ حِرصٌ شديدٌ لإنجابِ الذكورِ، والبعضُ الآخَرُ يتقبّلُ عطاءَ اللهِ دونَ حزن. قبلَ أشهُرٍ رأيتُ فيديو جميلاً لأستاذٍ جامعيٍّ يستقبلُ ابنتَه الطبيبةَ  بالورودِ والغناءِ في المطارِ؛ بعدَ تخرُّجِها وعودتِها لأرضِ الوطنِ ، لقد وصفَها بأنها السعدُّ له ولأُمِّها وأخواتِها ، لم أستغربْ فِعلَ هذا الأبِ؛ بل تذكّرتُ ما كُتبُ في تاريخِ السيرةِ النبويةِ من حُبِّ رسولِ اللهِ _صلى اللهُ عليه وسلَّمَ_لبناتِه ، زينبَ، رُقيَّةَ ، أُمِّ كُلثوم  ، فاطمةَ ) عليهنَّ السلامُ، وكيف كان حبُّه لفاطمةَ، وكيف ودَّعَها  قبلَ وفاتِه.. وهو الذي شبَّهَ البناتِ فقالَ:” إنهُنَّ المؤنِساتُ الغالياتُ”  عليهِ الصلاةُ والسلام.

هذا وقد كان هناكَ رأيٌّ للحُكماءِ في البناتِ؛ فقدْ قيلَ في الأثرِ : لا يزالُ الرجلُ عقيمًا من الذراري؛ حتى يوهَبَ البناتِ ، وإنْ كان له مائةٌ من الأبناءِ ، ولم يكنْ هذا إلّا بسببِ حنانِهنَّ وجمالِهنَّ ودلالهِنَّ على آبائهِنَّ.

ورغمَ ما عُرفَ عن وأدِ البناتِ في الجاهليةِ _أي دفنُهُنَّ أحياءً_ إلّا أنه كانت العربُ في الجاهليةِ تهنِّئُ بالبنتِ بالقولِ: هنيئًا لكَ النافجةَ؛ والنافجةُ  وعاءُ المِسكِ، والسحابةُ كثيرةُ المطرِ”.

قال يعقوب بن بختان : ( وُلدَ لي سَبعٌ من البناتِ؛ فكنتُ كُلّما وُلدَ لي بنتٌ؛ دخلتُ على أحمد بن حنبل؛ فيقولُ لي : “يا أبا يوسفَ الأنبياءُ آباءُ البناتِ” ، فكان قولُه يُذهِبُّ همِّي  فتخيّلوا معي أيّها الأزواجُ جمالَ أنْ توصَفوا وتُشَبَّهوا بالأنبياء

يقولُ المصطفى _صلى الله عليه وسلم_ في الحديثِ المُتفَقِ على صحتِه، من حديثِ أمِّ المؤمنينَ عائشةَ _رضي الله عنها وأرضاها_: ((مَن ابتُليَ من هذه البناتِ بشيءٍ فأحسَنَ إليهِن كُنَّ له سترًا من النارِ)) .

ويقولُ عليه الصلاةُ والسلامُ أيضًا: ((من كان له ثلاثُ بناتٍ فصبرَ عليهِنَّ وكساهُنَّ من جدّتِه كُن له #حجابًا من النارِ)) تخيّلوا أيّها الرجالُ كم حجابًا من النارِ لدَيكم !

 إنّ البناتِ ذخائرٌ من رحمةٍ، وكنوزُ حبٍّ صادقٍ ووفاءِ.

فالبنتُ زينةٌ وأُنسٌ وسعادةٌ لِمنْ أحسنَ إليها، وأحسنَ تربيتَها؛ فأحسِنوا إليهِنَّ لأنهُنَّ شموعُ البيوتِ .

كان لأعرابي زوجتانِ شاعرتانِ ؛ فولدت إحداهما ولدًا؛ وولدتْ الأخرى بنتًا، فكانت أُمُّ الولدِ تَحمِلُه وتُرَقِّصُه أمامَ ضرّتِها، وتنشدُ بصوتٍ مرتفعٍ لتغيظَها و تقولَ:

الحمدُ للهِ الحميدِ العالي

أكرمَني ربي وأصلحَ حالي

ولم ألِدْ بنتًا  كَجِلدٍ  بالي

لا تدفعُ الضَّيْمَ عن العيالِ

فاغتاظتْ أمُّ البنتِ ، وراحت تشكو لزوجِها ضرّتَها ؛ فقالَ لها : “كلامٌ بكلامٍ ، فقولي لها كما تقولُ” فنظَمتْ أبياتًا ثُم أصبحتْ تُرقِّصُ بنتَها أمامَ ضرّتِها وتنشدُ :

وما عليَّ أنْ  تكونَ  جارية

تغسلُ رأسي وتراعي حاليَه

وترفعُ  الساقطَ من  خِمارِيَه

حتى إذا ما أصبحتْ كالغانية

زوّجتُها مروانَ أو مُعاوية

أصهارُ صدقٍ ومُهورٌ  عالية .

فشاعتْ أبياتُها في الناسِ، ولَما كبرتْ البنتُ؛ قال الأميرُ مروانُ بنُ الحَكمِ :أكرِمْ بالبنتِ وبأُمِّها، ولا يجبُ أنْ يخيبَ ظنُّ الأمِ،فخطبَ منها ابنتَها؛ وقدّمَ مائةَ ألفِ درهمِ مهرًا.

 فلَمّا عَلمَ معاويةُ بنُ أبي سفيان قال :”لولا أنَّ مَروانَ سبقَنا إليها؛ لَضاعَفْنا لها المَهرَ؛ ثُم بعثَ للأُمِّ بمائتَي ألفِ درهمٍ هِبةً من عندِه ..

لذا خيرُكم من بُشِّرَ بأُنثَى؛ تراعيهِ وتَحنو عليه كبيرًا، وتكونُ أنيسَةً وصديقةً لأُمِّها صغيرةً، وراعيةً لها في الكِبَرِ.. طوبَى للإناثٍ ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى