Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

الفنانةُ الفلسطنيةُ “تيماء سلامة” فنُّ وريشةٌ فيه إبصارٌ للمَكفوفينَ

 

تقرير : ديانا المغربي

اختارتْ الفنانةُ الفلسطينيةُ “تيماء سلامة” طريقًا وفئةً  لتُكرّسَ من خلالِ احتياجاتِهم أفكارَها الفنيةَ المُفعمةَ بالتميُّزِ والحياةِ، عبرَ لوحاتٍ مجسّمة، تدمجُ فيها الرسمَ والنحتَ، ما يُكسِبُ اللوحاتِ البارزةَ قيمةً فنيةً إضافيةً، تسعَى من خلالَها للخروجِ عن نمطيةِ اللوحاتِ التشكيليةِ التقليديةِ.

تسعَى الفنانةُ العشرينيةُ، ابنةُ مدينةِ غزةَ، عبرَ لوحاتِها المُجسّمةِ، إلى توسيعِ مجالِ المُتلقّينَ؛ إذْ تستهدفُ شريحةَ المكفوفينَ، والتي يمكنُها تذوقُ ذلكَ الفنِّ، ومعرفةُ فكرةِ اللوحةِ وتفاصيلِها عن طريقِ اللمسِ، وقد شجّعَها على ذلكَ تفاعلُ بعضِ المكفوفينَ من زوّارِ المعارضِ التي شاركتْ فيها خلالَ مشوارِها الفني.

الحطّابُ والشجرةُ

تؤمن سلامة بنتُ الـ (24) عامًا، وخريجةُ كليةِ الفنونِ الجميلةِ من جامعةِ الأقصى بغزة، بأنّ مَن لا يمتلكُ البصرَ يمتلكُ البصيرةَ؛ من هنا سَعتْ لخلقِ بصيصِ أملٍ في حياةِ ذَوي الإعاقةِ البصريةِ؛ تعزيزًا لأهميةِ العملِ الفنيّ لدعمِ ذَوي الاحتياجاتِ الخاصةِ في المجتمعِ، والذي استغرقَ منها أشهرًا طويلةً؛ عانت فيها من صعوبةِ توفيرِ الموادِ الخامِ التي تتناسبُ مع هيئةِ الكتابِ؛ ما أدَّى إلى تأخُّرِها عن إنجازِ المطلوبِ، وسحبِ مِنحةِ التمويلِ للمشروعِ منها؛ لكنها أصّرتْ على إنجازهِ بمفردِها.

وتقولُ “سلامة” إنها كانت تسعَى إلى عملِ نُسخٍ من قصةِ “الحطّابِ والشجرةِ”، التي تجمعُ بينَ الأدبِ الممزوجِ بالتراثِ الفلسطيني الشعبي والفنونِ التشكيليةِ، وتوزيعِها وإثراءِ المكتباتِ بهذا النوعِ من القصصِ؛ لكنّها لم تتمكنْ سِوَى من إنتاجِ النسخةِ الأولى فقط؛ لارتفاعِ تكلفةِ الإنتاجِ.

وتضيفُ: إنها تسعَى لدمجِ ذوي الإعاقةِ البصريةِ في عمليةِ الإنتاجِ؛ عبرَ تدريبِهم وتقديمِ الخبراتِ اللازمةِ لهم؛ ليتمكّنوا من إنتاجِ مخرجاتٍ متنوّعةٍ؛ كالأعمالِ الفنيّةِ التي تتضمنُ الأعمالَ النحتيةَ، واللوحاتِ الجماليةَ والأدبيةَ التي تتضمنُ الأعمالَ القصصيةَ المنحوتةَ للأطفالِ، لافتةً إلى رغبتِها في إقامةِ معارضَ فنيةٍ تطويرًا لعمليةِ الإنتاجِ وزيادةِ المنتَجاتِ؛ لتوفيرِ مصدرِ دخلٍ مستقِلٍّ لهم.

وتستدركُ: “الحطّابُ والشجرة”، هو عنوانُ القصةِ التي نفّذتْها “تيماء”؛ وهي من القصصِ الشعبيةِ الفلسطينيةِ؛ عددِ صفحاتِها (١٢) صفحةً؛ تحتوي على صورٍ نحتيةٍ بارزةٍ؛ والنصُّ مكتوبٌ بطريقةٍ عاديةٍ وبرايل. النصُّ المعمولُ عليه مأخوذٌ من القصةِ الشعبيةِ الفلسطينيةِ؛ وهو نوعٌ من تعزيزِ القصةِ الشعبيةِ، ونشرِها بشكلٍ أوسعَ، إضافةً إلى نشرِ الثقافةِ الفلسطينيةِ بينَ فئةِ الأطفالِ.

محطاتُ فشلٍ

وتتابعُ: “هذه القصةُ ليست إنتاجي الوحيدَ من أعمالٍ فنيةٍ خاصةٍ بفئةِ المكفوفينَ، فقدْ سبقَ وأنتجتُ خلالَ السنتَينِ الماضيتَينِ ما يزيدُ على (٥٠) قطعةً فنيةً؛ لكنّ الجديدَ في هذا العملِ الفني؛ أنه يجمعُ بينَ الأدبِ والفنونِ التشكيليةِ في عملٍ فنيٍّ من خلالِ كتابٍ واحدٍ”؛ استغرقَ مني أشهرًا، “مرّت خلالَها بمحطاتِ فشلٍ كثيرةٍ.

وتضيفُ: “ما وصلتُ إليه هو إنتاجُ النسخةِ الأولى، وتسخيرُ كلِّ السُّبلِ لسهولةِ طباعةِ نسخٍ نحتيةٍ؛ ولكنّ تكلفةَ إنتاجِ النسخِ عاليةً مُقارنةً بأسعارِ قصصِ الأطفالِ، فتحتاجُ إلى مموّلٍ للتخفيفِ من الأعباءِ، منوّهةً أنّ المعيقاتِ في البدايةِ لم تقتصرْ على التمويلِ فقط؛ بل كنتُ أواجِهُ صعوبةً مع المجتمعِ في إقناعِهم بالفكرةِ، وكثيرونَ كانوا  يَسخرون من أفكاري الفنيةِ التي تشغلُ حيزًا كبيرًا من حياتي؛ ولكنّ إيماني بأنّ الفنَّ هو لخدمةِ المجتمعِ، ولدعمِ الأسرةِ وأصدقائي المكفوفينَ، وهذا ما أوصَلني لهذه المرحلةِ التي أَعدُّها نقلةً نوعيةً، ما يَحدثُ الآنَ بعدَ إنتاجِ “الحطاب والشجرة” دعمٌ كبيرٌ من المجتمعِ، وإيمانُهم بالفكرةِ الصغيرةِ”.

ترَى “سلامة” أنّ النحتَ هو المساحةُ التي تدخلُ على اللوحةِ الفنيةِ، ولا يمكنُ طمسُها أو إخفاءُ ملامحِها، وتصبحُ بفضلِه الأشكالُ أكثرَ وضوحًا، إذْ تشكّلُ من خلالِه عالمَها الخاصَّ، إلى جانبِ أنه يجمعُ بينَ عددٍ من الفنونِ التشكيليةِ، علاوةً على كونِه محفِزًا قويًّا للتغييرِ والتفاعلِ الاجتماعي.

قابلةٌ للتحقيقِ

وتشيرُ “تيماء” إلى أنّ الأعمالَ الفنيةَ التي تحتويها القصةُ يمكِنُ للمكفوفينَ قراءتَها من طريقِ اللمسِ، ويمكِنُ لبقيةِ المجتمعِ إبصارَها حيثُ يستهدفُ المشروعُ المكفوفينَ بالدرجةِ الأولى، وبقيةَ المجتمعِ كفئةٍ مستهدَفةٍ ثانيةٍ. وتسعَى كذلكَ للبحثِ في جميعِ جوانبِ المشروعِ، سواءٌ ما يتعلقُ بإمكانيةِ قراءةِ المكفوفينَ للعملِ الفنيّ، أو تفاعُلِهم معه، ويعدُّ ذلكَ الأرضيةَ الأساسيةَ التي سينطلقُ منها المشروعُ إلى المرحلةِ الثانيةِ بعملِ منتَجاتٍ جديدةٍ.

وتُبيّنُ: إنّ ذلكَ سيتِمُّ من خلالِ إدماجِ المكفوفينَ في عمليةِ الإنتاجِ بعدَ تدريبِهم وتقديمِ الخبراتِ اللازمةِ؛ ليتمكّنوا من إنتاجِ مخرجاتٍ بصريةٍ (أعمالٍ فنيةٍ) تجاريةٍ يُمكِنُ شراؤها، لافتةً إلى أنها مُخرجاتٌ متنوّعةٌ تنقسمُ إلى نوعينِ؛ الأولُ فنيٌّ، والثاني أدبيٌّ فنيٌّ. وتأملُ أنْ يقودَها هذا المشروعُ لعملِ معرضٍ فنيٍّ للأعمالِ النحتيةِ التي يصمِّمُها المكفوفونَ، إضافةً إلى السعي ليكونَ لبعضِ المكفوفينَ مصادرُ دخلٍ مستقلةٌ من خلالِ عمليةِ الإنتاجِ.

فكرةُ “تيماء” الجديدةُ التي تُلِحُّ عليها، وترى أنها قد تنجحُ في تطبيقِها يومًا ما؛ أنْ تنجحَ في تمكينِ المكفوفينَ من رسمِ لوحاتٍ فنيةٍ هادفةٍ، تَحملُ جماليةً في مكوّناتِها، “رغمَ جنونِ الفكرةِ؛ إلّا أنّ “تيماء سلامة” تؤمِنُ بأنّ أحلامَها قابلةٌ للتحقيقِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى