Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

الفمينزم (النسوية)

بدأتْ حركةُ “الفمينزم” النسويةِ في أوروبا، في تلكَ الفترةِ التي كان الدِّينُ _وخاصةً الكنيسةَ_ تُشكِّلُ العدُوَّ الأولَ للمرأةِ؛ نظرًا لِما تَحمِلُه من أفكارٍ دُونيةٍ تُجاهَ المرأةِ، و التي كانت تحمي الرجالَ وتَحثُّهم على ظُلمِ النساءِ، والتسَبُّبِ في معاناتِهنَّ، حينَها وجدتْ المرأةُ في الدعواتِ العَلمانيةِ _التي استَبدَلتْ الدِّينَ بالعِلمِ؛ ودَعَتْ إلى فصلِ الدِّينِ عن الدولةِ_ سبيلاً لها للتحرُّرِ من القيودِ التي فرضتْها عليها الكنيسةُ، والتي جعلَتْها تدفعُ ضريبةَ الانتماءِ الدِّيني في هذا الواقعِ، وتَحمِلُ مآسِيهِ أكثرَ من الرجالِ.

لقد مرّتْ الثورةُ الفكريةُ في القرنِ التاسع عشرَ بِمرحَلتَينِ، المرحلةُ الأولى: كانت في إطارِ إبقاءِ المرأةِ داخلَ البيتِ، وأنَّ دَورَها الوحيدَ “إسعادُ الرجلِ وخدمتُه”، ومن أبرزِ مفكِّري هذه المرحلةِ “بردون، وبالزاك، وأوجست كونت”.

ثُم كانت المرحلةُ الثانيةُ: والمتمثلةُ في الاشتراكيةِ التي ربطتْ حريةَ المرأةِ بحريةِ (البروليتاريا)، وعزَتْ التراجعَ في أوضاعِ المرأةِ إلى فكرةِ الملكيةِ الخاصةِ، التي استَبدلتْ الحقَّ المرتكزَ للأمومةِ بالحقِّ الأَبَوي، وأنّ تحريرَها مرتبطٌ بمدَى مشاركتِها في الإنتاجِ على نطاقٍ اجتماعيٍّ واسعٍ، والتقليلِ من دَورِ العملِ المَنزليّ وتضييقِه؛ وكان أبرزَ الداعينَ لذلكَ “ماركس وانجلز”.

لقد كانت قضايا المرأةِ دائمًا أداةً في أيدي السياسيّينَ؛ لتحقيقِ الأهدافِ الشخصيةِ، ولم تكنْ الحركةُ النسويةُ يومًا مستقلّةً في مَطالبِها وأطروحاتِها.

تدرّجتْ مطالبُ الحركةِ النسويةِ؛ فبدأتْ بالمطالبةِ بالتعليمِ والتثقيفِ؛ ثُم تطوَّرتْ لِتصبحَ الدعوةَ للمساواةِ بينَ الجنسَينِ، وتحريرَ المرأةِ أُسوَةً بالزنوجِ والعمالِ، وكانت “ماري ولتسون كرافت” هي مَن تبَنَّتْ هذه الفكرةَ؛ ودعَتْ لها؛ ثُم تلَتْها “سيمون دوبفوار” عامَ (1949)م، والتي استعرضتْ تاريخَ المرأةِ ومعاناتِها داخلَ مجتمعاتِها؛ وعدَّتْ أنّ الحلَّ يَكمُنُ في المساواةِ في التربيةِ؛ على اعتبارِ أنّ التربية هي التي تَغرِسُ وتُعزِّزُ في نفسِ كلِّ إنسانٍ صفاتِ الرجولةِ والأنوثةِ، وكانت مَقولتُها الشهيرةُ (إنّ المرأةَ لا تُولَدُ امرأةً، بل تصبحُ كذلكَ).

وفي عامِ (1963)م تبَنَّتْ الأمريكيةُ “بتي فريدن” تحريَر المرأةِ في أمريكا، وأسَّستْ منظمةً قوميةً للمرأةِ؛ أَطلقتْ عليها (حقوقُنا الآنَ)، ودَعتْ إلى خروجِ المرأةِ من منزلِها، وشنّتْ حملةً على أتباعِ العالمِ “فرويد”، الذي تَحدّثَ عن تطوُّرِ البشرِ، ودعوا إلى تقييدِ دَورِ المرأةِ.

ثُم تطوّرتْ هذه المَطالبُ النسويةُ التي بدأتْ بالحقِّ في التعليمِ والتمَلُّكِ؛ ثُم رفضِ سلوكِ المجتمعِ، إلى أنْ وصلتْ إلى إنكارِ وجودِ اختلافاتٍ “بيولوجية” بينَ الرجلِ والمرأةِ، وأصبحتْ مَطالبُ المساواةِ في كافةِ الحقوقِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ.

كل ُّما سبقَ أدَّى إلى انبثاقِ حركةِ (الفمينزم)النسويةِ، أو التمَركُزِ حولَ الأُنثى، فقالتْ “لويز توبان” النسوية الكَندية: “إنَّ النسويةَ هي انتزاعُ وعيٍّ فرديٍّ بدايةً ثُم جَماعيٍّ”، وبالتالي كان الرفضُ لوجودِ مرجعيةٍ مشترَكةٍ بينَ الرجلِ والمرأةِ، وأصبحَ ازدراءُ الأمومةِ جزءًا من هذه الثقافةِ الجديدةِ، وحلّتْ الفرديةُ (مصلحةُ المرأةِ) بدَلَ التعاقديةِ (مصلحةُ المرأةِ والأُسرةِ والمجتمعِ)، فكان تحقيقُ المَجدِ الذاتي للمرأةِ خارجَ الإطارِ الاجتماعي هو الأولويةُ، والصراعُ والندّيةُ ما يَحكمُ العلاقةَ بينَ الرجلِ والمرأةِ بدَلَ التكاملِ والتراحمِ داخلَ المجتمعِ.

لقد انقسمتْ النسويةُ لِعدّةِ تياراتٍ، منها (النسويةُ الإصلاحيةُ الليبراليةُ) التي ركّزتْ على التشابُهِ المُطلَقِ بينَ النساءِ والرجالِ، ودَعتْ إلى تغييرِ القوانينِ المميِّزةِ بينَهما، وإدخالِ النساءِ في المِهنِ الرجاليةِ، أمّا (النسويةُ الماركسيةُ) فنادتْ بالنضالِ من أجلِ المساواةِ بينَ الجنسينِ؛ بالتزامنِ مع النضالِ ضدِّ الفقرِ والتهميشِ والعنصريةِ، بل وطالَبوا بأجورٍ للنساءِ مقابلَ ما تقومُ به من أعماٍل منزليةٍ.

أمّا (النسويةُ الراديكالية) فقد تبَنَّتْ الصراعَ الجندريَّ، وجنَحتْ حدَّ الدعوةِ إلى الانفصالِ عن الرجالِ، والعيشِ في مجتمعاتٍ نسائيةٍ مستقلّةٍ.

نجحتْ الحركةُ النسويةُ (الفمينزم) من الوصولِ في علاقاتِها لأصحابِ القرارِ والمراكزِ الحساسةِ، وعقدتْ عدّةَ مؤتمراتٍ لمناقشةِ ما تَقدَّمَ؛ إلّا أنَّ المؤتمرَ العالمي الرابعَ في بيجين(بكين)، الصين، هو أهمُّ المؤتمراتِ الأربعةِ المَعنيّةِ بالمرأةِ، والتي عقدتْ بينَ عامَي (1975- 1995)، فقد بَلوَرَ خمسةُ عقودٍ من التقدُّمِ القانوني الذي يهدفُ إلى ضمانِ المساواةِ بينَ المرأةِ والرجلِ، من وِجهةِ نظرِ (النسويةِ) في القانونِ والمُمارَسةِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى