الزواج ما بين “غلطة” و”حظي حلو”
يُقالُ بأنّ قرارَ الزواجِ هو آخِرُ وأخطرُ قرارٍ يتَّخِذُه الإنسانُ بِمُفردِه؛ لأنَّ نتيجةَ هذا القرارِ سيَترَتَّبُ عليها؛ إمَّا أنْ يقولَ أحدُهما أوكِلاهُما “غلطةٌ وندْمانٌ عليها”، أو يقولَ أحدُهما أوكِلاهُما ” يا حلو، حظي حلو، أنا شفت عيونك”.
ولأنه كذلكَ، فيجبُ على الطرَفَينِ أنْ يستخيرا اللهَ، وأنْ يستشيرا الناسَ؛ ثُم يقرِّرا _ولسانُ حالِهما يقولُ كما وردَ في الآيةِ القرآنيةِ_ “فإذا عزَمتَ فتوَكَّلْ على اللهِ”، حتى تقولَ العروسُ للعريسِ تَفضَّلْ يا شريكَ العمرِ، أو “كلُّ شيءٍ قِسمةٌ ونصيبٌ”، واللبيبُ بالإشارةِ يَفهمُ.
جرتْ العادةُ في عمليةِ جمعِ رأسَينِ بالحلالِ على عِدّةِ طرُقٍ، أشهرُها وأكثرُها حضورًا؛ أنْ تبحثَ سِتُّ الحبايب _باعتبارِها المُمَثلَ الشرعيَّ والوحيدَ لفِلذةِ كَبدِها_ عن نِصفِه الثاني، حتى تفرحَ، أو ترتاحَ منه، أو يَعقِلَ ويهدأً إنْ لم يكنْ كذلكَ، والطريقةُ الثانيةُ هي أنْ يختارَ الشابُّ شريكتَه بنَفسِه، وما على سِتِّ الحبايبِ إلَّا الذهابَ لبيتِ العروسِ، وهنا دَورُها كما دَورِ الوسيطِ.
وبالعودةِ لعُنوانِ المقالِ، فهو مقولةٌ للشاعرِ “نزار قبّاني”، وفيها إعلاءٌ من شأنِ الطريقةِ وأصحابِها على حسابِ الطريقةِ الأُخرى وأصحابِها، وبرؤيةٍ نقديةٍ للمقولةِ؛ فهي ليستْ صادقةً على إطلاقِها، ولا يمكنُ الجزمُ على أيِّ الطريقتَينِ بأنها رائعة أو العكسُ؛ بل المَنطِقُ يتطلبُ الإنصافَ والموضوعيةَ، والقولُ بأنَّ لكُلِّ طريقةٍ ما يُبرِّرُ وجودَها له سلبياتُه وإيجابياتُه، فليس مؤكَّدًا أنْ يحالفَ الإنسانَ النجاحُ؛ إنْ سارَ على الخريطةِ التي رسمتْها له الطقوسُ المجتمعيةُ، وليس شرطًا أنْ يُحالفَه الفشلُ؛ إنْ خرجَ عن طَوعِها، وتَمرَّدَ على ما هو سيِّئٌ منها.
فكثيرٌ من حالاتِ الزواجِ التقليدي؛ زادَ الحبُّ فيها بعدَ الزواجِ، وكثيرٌ من حالاتِ الزواجِ عن سابقِ حُبٍّ ومعرفةٍ وانسجامٍ؛ تمَّ الحُكمُ على الحُبِّ بالإعدامِ، فالمسألةُ نِسبيَّةٌ، ولا قواعدَ ثابتةٌ لإنجاحِ أيِّ زواجٍ، إلَّا:
1_ الاستعانةُ باللهِ _عزَّ وجلَّ_ على رحلةِ الزواجِ الأبَديةِ.
2_ نظرةُ كُلِّ طرَفٍ للآخَرِ على أنه مُكَمِّلٌ له، وليس منافِسًا.
3_ النظرُ للزواجِ على أنه آيةٌ من آياتِ اللهِ، فيها كُلُّ الخيرِ.
4_ رغبةُ الطرَفينِ في الصبرِ على رياحِ البحرِ، وقسوةِ الأمواجِ؛ بما لا يَخرِقُ شراعَ السفينةِ، ويَمنعُها من الوصولِ إلى برِّ الأمانِ.
5_النظرةُ للزواجِ على أنه مساهَمةٌ في بناءِ المجتمعِ المسلمِ، فرُبما خرجَ من الأسرةِ إنسانٌ عظيمٌ يُضيفُ للإسلامِ ما يرفعُ شأنَه.
6_ الأهلُ ودَورُهم الكبيرُ في الهدمِ أو البناءِ، وخاصةً أُمَّ كُلٍّ من الطرَفَينِ؛ حيثُ تَنظرُ أمُّ العريسِ للعروسِ على أنها خطفتْ ابنَها، وتبقَى تنظرُ أمُّ العروسِ للعريسِ على أنه إرهابيٌّ مُتَعَصِّبٌ.
وقبلَ أنْ أستَودِعَكم اللهَ الذي لا تضيعُ وَدائعُه، وَجَبَ التأكيدُ أنَّ وِجهةَ نظرِ إنسانٍ، ما في مسألةٍ ما؛ هي وليدةُ ظروفِه الخاصةِ، ومَهما بلغَ من الشهرةِ والتأثيرِ؛ فلا يُمكِنُ تعميمُها على كلِّ زمانٍ ومكانٍ، فكُلٌّ يؤخَذَ منه؛ ويُرَدُّ عليهِ؛ إلا صاحبَ هذا القبرِ.
يا سيدي تَزوَّجْ.. و لو حصلتَ على زوجةٍ جيدةٍ؛ ستَكونُ سعيدًا، ولو حصلتَ على زوجةٍ سيئةٍ ستُصبِحُ فيلسوفًا. – على رأيِ “سُقراط”.