Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أريد حلا

لم تَمُتْ جوعًا؛ وإنما قتلَها طعامُ المطاعمِ الفاخرُ

 

السعادة

 

ضاقتْ بها كلُّ سبُلِ الحياةِ أمامَ مسؤولياتِها الكبيرةِ في الحياةِ؛ حيثُ لم يُنصِفْها أحدٌ، أُجبرتْ على الزواجِ في سنٍّ صغيرةٍ؛ للتخلصِ من عبئِها، زوَّجتْها عائلتُها لأولِ طارقٍ للبابِ؛ دونَ السؤالِ عن أخلاقِه أو إمكاناتِه، أو حتى سلوكِه العام، فجأةً وجدتْ نفسَها زوجةً لشابٍّ يعاني من مشكلةٍ عقليةٍ، ومشكلةٍ بالنطقِ، لا يعرفُ من الحياةِ الزوجيةِ شيئًا، مُدمِنٌ على الموادِ المُخدِّرةِ التي تجعلُه خارجًا عن الفكرِ لأيامٍ طويلةٍ، يغيبُ عن المنزلِ حتى ساعاتِ الليلِ الأخيرةِ.

تعيشُ أيامًا طويلةً داخلَ منزلٍ آيِلٍ للسقوطِ؛ لا يوجدُ فيه أيُّ مَعالِمَ تجعلُه صالحًا للحياةِ الآدَميةِ دونَ طعامٍ أو شرابٍ، وكُلّما عادتْ إلى أهلِها باكيةً شاكيةً؛ أعادوها لزوجِها مرةً أخرى! استمرتْ عامًا كاملاً على هذه الحياةِ؛ زوجٌ مغيَّبٌ، حياةٌ بائسةٌ، جسدٌ متعَبٌ، أيامٌ تمشي إلى المجهولِ.

حتى اكتشفتْ أنّ في بطنِها جنينًا مُقبلاً إلى الحياةِ؛ هذا الجنينُ دفعَها للبحثِ عن حلٍّ لهذه الحياةِ، فخرجتْ من منزلِها قاصدةً بعضَ الجمعياتِ الأهليةِ والإغاثيةِ؛ لتساعدَها بأيِّ شيءٍ يسدُّ رمقَ جوعِها، وتدَهورِ أوضاعِها الصحيةِ بفعلِ الحملِ، في كلِّ مرّةٍ طرقتْ بابًا من هذه الأبوابِ؛ كانت تواجَهُ بالمُماطلةِ والتسويفِ والتأجيلِ؛ بعبارةِ سنتواصلُ معكِ قريبًا.

أثناءَ سيرِها في شوارعِ المدينةِ؛ التقتْ بأصنافٍ كثيرةٍ من البشرِ؛ قلّةٌ منهم كانوا عونًا لها؛ وكثيرونَ كانوا موتًا يسحبُها إلى الهاويةِ، وفى غلَبةِ الكثيرينَ سارت إلى هاويتِها؛ حيثُ تبدأُ قصتُها عندما عرضَ عليها صاحبُ أحدِ المحلاتِ التجاريةِ _ويُدعَى رمزي_ مساعدتَها مقابلَ الجلوسِ معها؛ والتحدّثِ إليها بأوقاتِ الفراغِ؛ حيثُ وفّرَ لها جهازَ جوال للتواصلِ معه باستمرارٍ؛ ويحادثُها متى شاءَ بكلامٍ لا حصرَ له.

في الأيامِ الأولى كان يصحبُها إلى المطاعمِ؛ ويرسلُ لها الطعامَ إلى منزلِها مراتٍ عديدةً؛ حتى تيقّنتْ تمامًا أنها باتت في حظيرةِ الساقطاتِ اللواتي يَعرفُهنَّ، بعدَ أقلَّ من شهرٍ طلبَ منها أنْ تنتظرَه في أحدِ الأماكنِ العامةِ؛ ليشتريَ لها ملابسَ وأحذيةً، وبالفعلِ اشترى لها ما أرادتْ؛ ثم صحبَها إلى أحدِ الشققِ السكنيةِ لتناولِ الطعامِ، وهناك أخذَ منها ما يريدُ مراتٍ عديدةً.

في الأيامِ التاليةِ كان يطلبُ منها المجيءَ إلى الشقةِ بشكلٍ يومي، لتقضيَ اليومَ برفقتِه، وكانت راضيةً بالأمرِ؛ طالَما يوفّرُ لها كلَّ سبُلِ الحياةِ التي تريدُها، تفاجأتْ في أحدِ الليالي بحدوثِ نزيفٍ دمويٍّ أفقدَها الجنينَ الذي تَحمِلُه في أحشائها؛ ما دفعَها للتغيّبِ عن زياراتِها للشقةِ الفاخرةِ أيامًا طويلةً إلى أنْ استعادتْ عافيتَها.

وعادتْ إلى الشقةِ برغبتِها بعدَ اتصالِها على صاحبِها “رمزي”؛ لكنّ هذه المرّةَ جاء “رمزي” مع ثلاثةِ أشخاصٍ آخَرينَ؛ عرفتْ لاحقًا أنهم أصدقاؤه، وأنهم جاءوا ليأخذوا منها ما أخذَ هو منها، وما هي إلا أشهرٌ حتى بات العملُ بجسدِها هو شكلُ حياتِها الدائمُ، في حين يعطيها “رمزي” في نهايةِ اليومِ شواكلَ معدودةً.

في أحدِ الأيامِ قررتْ أنْ تتركَ المنزلَ بلا عودةٍ؛ وأنْ تعيشَ في شقةِ “رمزي” في الحياةِ التي رسمَها لها؛ وأخبرتْهُ بذلكَ؛ وسرعانَ ما رحّبَ بالأمرِ؛ فالعملُ النهاري سيكونُ متّصلاً خلالَ (24) ساعةً، في أحدِ الليالي كان زبونُ “رمزي” مدمنٌ للمخدّراتِ؛ فاعتدى عليها عدّةَ مراتٍ؛ وعندما رفضتْ الانصياعَ لرغباتِه كاملةً؛ قامَ بضربِها بشكلٍ مستمرٍّ؛ ثم تركَها تنزفُ وغادرَ الشقةَ.

في اليومِ الثاني جاء “رمزي” ليجدَها جثةً هامدةً، في ذاتِ الليلةِ حملَ جثتَها مع واحدٍ من أصدقائه؛ وألقاها في البحرِ لترصدَه عدساتُ الكاميراتِ؛ وتكشفَ القصةَ كاملةً، في واحدةٍ من أبشعِ قضايا الدعارةِ في المجتمعِ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى