أساليبُ تخويفِ الطفلِ تُدمِّرُ حياتَه النفسيةَ والصحيةَ

المستشارةُ الأُسريّة “سماح أبو زينة”
يلجأُ بعضُ الأهالي لأسلوبِ تخويفِ الأطفالِ ببعضِ الأشياءِ؛ لغايةِ ردِّهِم عن سلوكٍ مُعيّنٍ، أو لِمنعِهم من القيامِ بأمرٍ ما يُمكِنُ أنْ يَضُرَّهم لو فعلوهُ، فيَستخدمُ الأهلُ لغايةِ التخويفِ بعضَ الأشياءِ؛ مِثلَ “الظلامِ، الشرطيِّ، الغولِ، بعضِ الحيوانات”، وغيرِها كلٌّ حسبَ بيئتِه، ظنًا منهم أنَّ الأمرَ عاديٌّ؛ ولكنهم فعلاً يَجهلونَ ما قد يترتبُ عنه من تأثيراتٍ سلبيةٍ على نفسيةِ الطفلِ وبناءِ شخصيتِه بشكلٍ عام.
المستشارةُ الأُسريّةُ تُقدّمُ لأُمهاتِ “السعادة” أبرزَ الأضرارِ التي تَلحقُ بالطفلِ جرّاءَ استعمالِ أسلوبِ التخويفِ معه.
رَجفةٌ في القلبِ
سرعانَ ما نَجدُ الطفلَ قد بدأَ يتنفسُ بسرعةٍ أو بصعوبةٍ؛ مع تغيُّرِ لونِ شفتَيهِ إلى اللونِ الأزرقِ؛ وذلكَ عندما يتعرضُ لخوفٍ كبيرٍ، أو تهديدٍ بالتخويفِ، ويَحدثُ ذلك بسببِ عدمِ قدرةِ القلبِ على الضخِّ؛ نتيجةَ تأثُّرِه بالعاملِ النفسي والخوفِ؛ لذا يجبُ أنْ لا نستهينَ بذلكَ أبدًا؛ لأنه قد يكونُ موقفًا عاديًّا جدًّا، وقد نَعُدُّ التخويفَ علاجًا لموقفٍ مُعيّنٍ؛ وبعدَها يتحولُ الأمرُ إلى أزمةٍ حادّةٍ ؛ قد تكونُ مُميتَةً للطفلِ.
التأثيرُ المباشرُ على الذاكرةِ
تخويفُ الأطفالِ الذي قدْ يؤثِّرُ بشكلٍ مباشرٍ على أجزاءٍ مُعيّنةٍ من الدماغِ؛ ما يسبّبُ القلقَ والتوتُرَ؛ فعندَما يصبحُ العقلُ غيرَ قادرٍ على استخدامِ ذاكرتِه بشكلٍ جيّدٍ ؛ قدْ يفقِدُ الطفلُ ذكرياتِه وذاكرتَه؛ ويصبحُ غيرَ قادرٍ على الاحتفاظِ بأيِّ معلوماتٍ يتَلقّاها؛ لأنّ مشاعرَ القلقِ والتوتُرِ كفيلةٌ بعدمِ السماحِ للذاكرةِ أنْ تعملَ كما يجبُ .
التوترُ العصبي
يشعرُ الطفلُ بأنه مُسيطَرٌ عليه طوالَ اليومِ، وعاجزٌ عن الدفاعِ عن نفسِه؛ وعندَما يَحينُ موعدُ النومِ يصبحُ غيرَ قادرٍ على النومِ مباشرةً، ولا يريدُ أنْ ينامَ في غرفتِه بمُفردِه، وإذا نامَ يشعرُ بعدمِ الارتياحِ؛ وهذا يسبّبُ له الأحلامَ المزعجةَ التي توقِظُه من نومِه، ويصبحُ من الصعبِ أنْ يعودَ إلى النومِ مجدَّدًا الأمرُ الذي يُسبّبُ له التعبَ والإرهاقَ؛ فيؤثِّرُ على يومِه التالي؛ ويُصاحِبُه عدمُ التركيزِ.
العدوانيةُ والعنادُ
وهذا شيءٌ مُتوَقَّعٌ؛ بل هو أقلُّ شيءٍ يُمكِنُ أنْ يقومَ به الطفلُ؛ ليُعبِّرَ عن رفضِه للخوفِ الذي يتعرّضُ له؛ فيُصبحُ عدوانيًّا في مكانٍ بعيدٍ عن المكانِ الذي تعرّضَ فيه للخوفِ، ويُمارِسُ العنادَ والعدوانيةَ هناكَ، فالأطفالُ الذين تَعرَّضوا للخوفِ في صغرِهم من والدِيهم؛ هم الأكثرُ عرضةً للعدوانيةِ عندما يكبَرونَ؛ وقد تتحولُ تصرُّفاتُهم تلكَ إلى جرائمَ بشعةٍ تعبِّرُ عمّا يدورُ بداخلِهم.
التبوّلُ غيرُ الإرادي
هذه الظاهرةُ لا تَحدثُ فقط في الليلِ مع الطفلِ؛ ولكنْ قد تَحدثُ في أيِّ وقتٍ من اليومِ؛ لأنَّ المَثانةَ هي واحدةٌ من الأعضاءِ التي تتأثّرُ كثيرًا في حالةِ الشعورِ بالخوفِ؛ لأنها تصبحُ تحتَ تأثيرِ ضغطٍ كبيرٍ قد يؤدِّي إلى فقدانِ الإحساسِ بالحاجةِ إلى التبوُّلِ؛ فتَقومُ المَثانةُ بالعملِ لوَحدِها؛ ما يُعرِّضُ الطفلَ إلى مشكلةِ التبوّلِ غيرِ الإرادي.
أمراضُ سُكّرِ وضغطِ الدم
وهنا فعلاً تكونُ ردودُ بعضُ الآباءِ غيرَ صحيحةٍ؛ فهُم أطفالٌ ولا يتعرّضونَ لأمراضِ السُّكرِ وضغطِ الدمِ في هذا العمرِ، ولكنْ _للأسفِ_ الخوفَ لا يعرفُ العمرَ؛ وقد يكونُ السببُ المباشرُ لتعرُّضِ الطفلِ لأمراضِ السُّكرِ وضغطِ الدمِ، وأمراضٍ عديدةٍ في القلبِ نتيجةَ خفقانِه السريعِ عندَ التعرُّضِ لموقفِ خوفٍ أو تخويفٍ من أحدِهم.
مشاكلُ في الجهازِ الهضمي
مِثلَ القولونِ والقرحةِ؛ لأنّ الخوفَ يؤثّرُ تقريبًا على جميعِ الأجهزةِ في جسمِ الإنسانِ بطرُقٍ مختلفةٍ؛ ما يؤدِّي إلى إضعافِ جهازِ المناعةِ لدَى الأطفالِ، والأوعيةِ الدمويةِ، ومشاكلَ في الجهازِ الهضمي؛ مِثلَ متلازمةِ القولونِ والقرحةِ التي لا يَعرفُ الأطفالُ التعبيرَ عن نوعِ الألمِ الذي يشعرونَ به معها؛ ولكنْ ما قد يَجهلُه الأهلُ أنّ ذلكَ قد يؤدّي إلى الإصابةِ بجلطاتٍ في تلكَ المناطقِ.
هروبُ الطفلِ من الواقعِ
قد يعتقدُ الطفلُ أنه غيرُ مرغوبٍ به بينَ عائلتِه؛ ولأجلِ ذلك يخوّفونَه؛ فهو لا يرى في تصرُّفاتِه أيَّ شيئٍ يستدعي أنْ يكونَ الخوفُ والتخويفُ سببًا لعقابِه، ولأنّ الطفلَ خيالُه واسعٌ؛ قد يعتقدُ أنّ هناكَ بيتًا آخَرَ، وعائلةً أخرى تنتظرُه ليُكملَ حياتَه معهم، فيَخرجُ من البيتِ؛ ولا يعودُ.. وهذا قد يعرِّضُه للخطفِ، أو الاغتصابِ، أو الاستغلالِ بشتَّى أنواعِه.
نوباتُ الفزعِ
قد تكونُ بدونِ أيِّ سببٍ، أو عندما يشاهدُ والداه برنامجًا على التلفازِ؛ وفجأةً يبدأُ الطفلُ بِتذَكُّرِ مواقفَ خوفٍ تَعرّضَ لها سابقًا، فيبدأُ فجأةً بالصراخِ؛ وتصيبُه نوباتٌ من الفزعِ والهلعِ، ويخيفُ إخوتَه وحتى والدَيهِ؛ لأنهم لا يعتقدونَ بأنّ صراخَهم عليه، وتخويفَهم له؛ قد يؤثِّرُ عليه لاحقًا؛ ويسبّبُ له نوباتِ فزعٍ وهلعٍ؛ تؤثّرُ عليه وعلى مَن هم حولَه .
أهمُّ العلاماتِ التي تدلُّ على أنكِ تُفسدينَ تربيةَ طفلِكِ، وأفضلُ البدائلِ السحريةِ لتَجنُّبِ ذلك :
أحيانًا وبدونِ وَعيٍّ؛ نُمارسُ بعضَ السلوكياتِ مع أطفالِنا؛ تساهمُ بشكلٍ كبيرٍ في إفسادِ تربيتِهم؛ ولا نُدرِكُ ذلكَ إلاّ بعدَ مرورِ الوقتِ؛ لِذا علينا التحلِّي بالاتِّزانِ والحكمةِ في التربيةِ؛ لأنها ليستْ بالأمرِ الهيِّنِ .