شبابُنا وسوقُ العملِ
لَغطٌ كبيرٌ، واستفساراتٌ أكبرُ حولَ اختيارِ التخصُّصاتِ الجامعيةِ والوظائفِ المستقبليةِ ، وفرصةِ الحصولِ عليها وسطَ منافَسةٍ شديدةٍ ، وفُرصِ عملٍ محدودةٍ سواءٌ كانت حكوميةً أو خاصةً ، في ظِلِّ قناعاتٍ متفاوتةٍ بضرورةِ توَفُّرِ الواسطةِ القويةِ لنَيلِ الفرصةِ ، ومن جهةٍ أخرى اتهامُ الجامعاتِ بالتجارةِ والحِرصِ على الكسبِ الماديّ فقط؛ بعيدًا عن جودةِ التعليمِ وقدرةِ الخرّيجِ على المنافسةِ والحصولِ على وظيفةٍ يقتاتُ منها، ويبني من خلالِها مستقبلَه .
نختلفُ أو نتّفِقُ في كثيرٍ ممّا يقالُ حولَ العناوينِ السابقةِ ؛ لكنْ نتّفقُ مؤكَّدًا حولَ نُدرةِ الفرصِ، وصعوبةِ الحصولِ عليها؛ ما يدفعُني للخوضِ في فلسفةِ البحثِ عن الفرصِ ؛ ومنهجيةِ التفكيرِ في تعزيزِ الفرصةِ للمنافسةِ بقوّةٍ، ووضعِ قدَمٍ قويةٍ في مُربّعِ البحثِ، بل والتقدُّمِ نحوَ الحصولِ على الفرصةِ ، لكنّ ذلكَ يحتاجُ إلى خطوتَينِ أساسيتَينِ؛ أولُّهما : الاستعدادُ الشخصيّ الكاملُ من خلالِ الحصولِ على معدّلٍ دراسيٍّ محترمٍ مَبنيٍّ على معرفةٍ تراكُميةٍ، وتحصيلٍ علميٍّ جيّدٍ مبنيٍّ على رغبةٍ حقيقةٍ، وحُبٍّ عميقٍ للتخصُّصِ الجامعي الذي اخترناهُ في البدايةِ .
أمّا الخطوةُ الثانيةُ، والتي لا تقِلُّ أهميةً _إنْ لم تكنْ الأهمَّ_ وهي امتلاكُ مجموعةِ المهاراتِ الحياتيةِ اللازمةِ لتعزيزِ قدراتِك العلميةِ، والمعارفِ التراكميةِ التي حصلتَ عليها من خلالِ دراستِكَ الجامعيةِ ، حيثُ يتَّجِهُ العالمُ اليومَ بكُلِّ قطاعاتِه وشركاتِه العامةِ والخاصةِ نحوَ اعتبارِ المهارةِ الناعمةِ أساسًا للحصولِ على فرصةِ عملٍ ؛ الأمرُ الذي يجبُ أنْ تبدأَ به خلالَ دراستِكَ_ وتحديدًا في نهايةِ السنةِ الثانيةِ_ وليس بعدَ تَخرُّجِك من الجامعةِ ، إضافةً إلى تحديدِ المهاراتِ الملائمةِ، والتي بحاجةٍ لها على مستواكَ الشخصيّ والمِهنيّ على حدٍّ سواءٍ .
لكنْ ومن وجهةِ نظري الشخصيةِ، ومن خلالِ خبرتي في الحياةِ العمليةِ، ومع قفزاتِ التطوّرِ التكنولوجيّ في العالمِ من حولِنا؛ على شبابِنا الخرّيجينَ التفكيرَ بطريقةٍ مختلفةٍ، وتوسيعَ دائرةِ البحثِ عن فرَصٍ خارجَ إطارِ العملِ الحكومي والخاصِّ، والسفرَ بعيدًا بعقولِنا لتأمينِ فرصةِ عملٍ عبرَ العملِ عن بُعدٍ ، وأنْ لا نُقصِرَ البحثَ على الواقعِ المَحليّ الأليمِ فقط .
انطلِقْ يا صديقي؛ وعزِّزْ قدراتِكَ ومهاراتِكَ؛ لتَتناسَبَ مع العالمِ الخارجي، ولا تَبقَ أسيرًا لواقعٍ مُرٍّ، وضِيقِ عَيشٍ، وفُرَصٍ مَحدودةٍ وهزيلةٍ ، ابحثْ عن الارتقاءِ بعيداً من خلالِ تطويرِ مهاراتِك بما يتلاءَمُ مع سوقِ العملِ الخارجي؛ فتَضرِبُ عصفورَينِ بحجرٍ واحدٍ ، إنْ جاءت فرصةٌ حكوميةٌ أو خاصةٌ؛ فبِحَمدِ اللهِ ؛ وإلَّا نشُقُّ طريقَنا عبرَ العملِ الحرِّ، وتكونُ جاهزيتك في أفضلِ أحوالِها، تنتظرُ الفرصةَ الممكِنةَ متى تأتي ، بل ستَنزعُ الفرصةَ، وستصنعُها بيدَيكَ أنت .
واعلَمْ تمامًا صعوبةَ الحالِ وضِيقَ المَعاشِ ؛ لِذا وَجبَ الجِدُّ، والاجتهادُ، والأخذُ بالأسبابِ، والتفكيرُ بطريقةٍ مختلفةٍ، والجاهزيةُ القصوَى؛ ثم التوَكُلُ على المَولَى عزَّ وجلَّ ، لتكونَ الفرصةُ بينَ أحضانِكَ ، فاللهُ لا يُضيعُ جهدَ المجتهدينَ ، كان اللهُ في عَونِكم، وتَوفيقِكم لتحقيقِ طموحاتِكم وبناءِ مستقبلِكم .