تستكثروش عالناس فرحتهم!
من الآخر القصة ما بدها اثنين يحكوا فيها، وجع الناس “هُوّا هُوّا” أصلاً بيزيد مبينقصش ،اطلَّع فيهم حتلاقيهم معبيِّين “هم وغم ووجع ومرض ودمار وفلَس وفقر” بيكفيهم لستين سنة جاية.
يعني بلاش نستكتر عليهم روحة البحر بالصيف، والسباحة بالمية المالحة، إللي مش حتدوّب ولا حاجة من هالحاجات إللي شايلينها ،ولا طلعة شاليه لموا حقه وحوشوهم من العيد للعيد ،ولَّا لّما شُفناهم طالعين اليوم إللي فاتوا وبياكلوا فراشيح شاورما، وصافّين ع طوابير البوظة بعد قبضة الشؤون، نستكثر عليهم هذه الفرحة وهذا الانبساط إلّلي فرَّحنا كلنا..
شو بدّك من شعب مسكّرة عليه البلد كلها من تلت شقّات؛ والجهة الرابعة مش صاحة لأي حد منهم يطلع وينزل زي ما بده ،شو بدّك من شب خريج صار له خمسطعشر سنة بستنّى يتوظف، وآخر حاجة بيفرح ع تصريح شغل بالداخل المحتل؛ عشان يشتغل بالطوبار، ولا بالزراعة ،وأحسنهم حال إللي طلعلوا وظيفة حارس عمارة بغزة؛ وهو مخلّص آداب إنجليزي ..
يعني بحياة أبوك، شو شعورك لمّا تشوف راجل طويل وعريض؛ ويوميته ع قد الحال، ولسة طالع من كم حرب وتصعيد، والكهرب قاطعة إلها من مبارح، والمَيَّه بآخر التنك بتشحّط ،وأخته جوزها محبوس ع ذمة مالية، وجاية تقضي كم يوم عنده ، وأخوه مبطل من الجامعة؛ وقاعد حاطط الحزن بالجرّة عشان مَعوش مصاري يدفع رسوم الفصل.
متستكثروش عالناس فرحتهم:
عنجد ومش حبالغ بالحكي، بالعكس حكون مقصّر بحق غزة وشبابها وناسها الصابرين ،بدّي أحكيلكم شو يعني شب طويل وعريض؛ فش بجيبته خَمسَ شيكل، يطلع فيها مواصلات يزور أخته المتجوزة، عشانها ولدت، ويطمئن عليها، وتنفِش حالها قُدام جوزها وسلَفاتها.
ولّا بدكُم أحكيلكم عن شب؛ صار عمره خمسة وثلاثين سنة؛ وهو مش قادر لا يشتغل، ولا حتى يتجوّز.
ولّا بِدكم أحيكلكُم عن الصبية اللي صارت تتسوّل قدام الجامع؛ عشان تجيب حق العلاج لأبوها.
شو بدكم أحكيلكم عن غزة، والناس إللي بِدَّوِر فيها عن الفرح بصور قديمة عالنت؛ بتفتش فيها عشان تنسى ..
مريض ناشَد كل الدنيا؛ عشان يتحوّل للعلاج بالخارج؛ ومحدّش بيسمع صوته، والكُل سكّر جواله،
ولا بدكم أحكيلكم عن كَسر الخاطر؛ لمّا راجل إله عشر سنين؛ نِفسُه يخلّف؛ ولمّا حملت مرته، صار بده إبر “هبارين”؛ وحقها باليوم بيومية معلم مش عامل…ومش قادر يدبّرها..
شو بدّك نحكي كمان عن غزة..
عن الست الكبيرة الأرملة؛ اللي عايشه عالشؤون، ونزلت المانجا وخلصت بموسمين؛ وهيَّا نفسها فيه، ومش قابضة ولا شك للشؤون؛ عشان تِقدر تجيب اللي نفسها فيه..
بدك أحكيلك الراجل اللي بينام مقهور؛ عشان انقطع راتبه ،وهو راتبه بيجيش قد نثرية مسؤول؛ كابونات سيارته أكثر من راتبه ..
شو ضل نحكيلكم عن غزة ..نحكيلك عن أم صارت تبعت بنتها الصغيرة ع دار جيرانهم؛ عشان تطبخ الطبخة عندهم؛ لأنه جرّة الغاز خلصت من الأسبوع إللي فات..
كل اللي حكيته؛ واللهِ موجود بغزة؛ عشان هيك لمّا تشوفوهم مبسوطين؛ انبسطوا أكثر منهم؛ وتستكثروش عليهم فرحتهم..
و #سلامتك_وتعيش