Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

القرارُ (1325) ما بينَ السطورِ

ذهبْنا لأحدِ المخيماتِ الإعلاميةِ؛ وكُنّا مجموعةً من الإعلامياتِ العاملاتِ في مؤسَّساتٍ صحفيةٍ متنوِّعة، ما بينَ المَرئي والمكتوبِ والمسموعِ، ومواقعِ التواصلِ الاجتماعي، جلسْنا بهدوءٍ ننتظرُ ما سيقولُه أحدُ المحاضِرينَ حولَ حمايةِ المرأةِ في القراراتِ الدوليةِ.

بدأَ بالسَّرْدِ والتفصيلِ حولَ حقوقِ النساءِ، التي كفِلتْها المواثيقُ والقراراتُ الدوليةُ ، وعندَ الوصولِ للقرارِ (1325)، والذي من المُفترَضِ أنْ يكونَ هدفُه وهمُّه حمايةَ النساءِ، والأمنَ والسلامَ، ودَورَ المرأةِ في منعِ الصراعاتِ وحلِّها؛ فوجدْنا المحاضِرَ يَمدحُ القرارَ؛ ويُثني عليه بوَصلاتِ مُتتابعةٍ من الغَزَلِ ، وعندما تمَ سؤالُه ماذا قدّمَ هذا القرارُ للمرأةِ الفلسطينيةِ التي لا تزالُ تُعاني من إجراءاتِ الاحتلالِ التعسُّفيةِ، وممارساتِه العنصريةِ، والانتهاكِ المستمرِّ لحقوقِها الإنسانيةِ البسيطة؟، تلَعثَمَ فتاهتْ المُفرداتُ، وفشلَ في تقديمِ إجابةٍ؛ حتى لو كانت غيرَ مُقنِعةٍ، أو غيرَ منطِقيّةٍ؛ ليس لأنه ضعيفٌ عِلميًّا، أبدًا؛ ولكنّ هذا الزيفَ الذي يُروِّجُ له؛ فيه عَوارٌ واضحٌ يَعلمُه ولا يتحدّثُ عنه!

لذلكَ قرَّرتُ أنْ أوَضِّحَ عَوارَ هذا القرارِ في هذا المقالِ، فمشكلةُ القرارِ أنه مُجرَدُ صياغةٍ قانونيةٍ تفتقرُ للأجِندةِ الزمنيةِ، والآلياتِ اللازمةِ لتطبيقِه، فهو لا يستطيعُ أنْ يمنعَ حربًا؛ تكونُ ضحيَّتُها عددًا من النساءِ؛ وهو ما عايشناهُ في قطاعِ غزةَ خلالَ أربعةِ عدوانات متتاليةٍ، ولا يستطيعُ أنْ يُلزِمَ دولةً كَدولةِ الاحتلالِ  بِوَقفِ العدوانِ، أو معاقبتَها على سقوطِ ضحايا من النساءِ؛ على الرغمِ أنَّ هذا القرارَ صادرٌ عن مجلسِ الأمنِ؛ ولا يستطيعُ مجلسُ الأمنِ حتى إدانةَ العدوانِ! وفي الكثيرِ من القراراتِ التي تتعلقُ بفلسطينَ وغيرِها؛ كان مجلسُ الأمنِ يَنصُرُ المُجرمَ على الضحيةِ، ويَتمُّ استخدامُ حقِّ النقضِ (الفيتو) لحمايةِ المجرمِ؛ ومساعدتِه للإفلاتِ من العقابِ.

لذلكَ، فالقرارُ (1325) لا يخدمُ تحقيقَ العدالةِ، وصُنعَ الأمنِ والسلامِ؛ كونَه النظامَ الذي وضَعتْهُ الدولُ المنتصرةُ في الحربِ العالميةِ الثانيةِ لمصلحتِها، فأصبحتْ الدولُ الخمسُ دائمةُ العضويةِ تتحكّمُ في قراراتِ مجلسِ الأمنِ وفقًا لمصالحِها السياسيةِ؛ فهي مؤسَّسةٌ مُسَيَّسةٌ لا تملكُ أدواتِ التنفيذِ.

لقد فشلَ القرارُ الذي نَصَّ على زيـادةِ تمثيـلِ المـرأةِ علـى جميـعِ مسـتوياتِ صُنـعِ القـرارِ في المؤسّسـاتِ، والآليـاتِ الوطنيـةِ والإقليميـةِ والدوليـةِ لمَنـعِ الصراعـاتِ، وإدارتِها وحلِّها في حمايةِ البرلَمانياتِ الفلسطينياتِ المُنتخَبات اللاتي تعرَّضنَ للاعتقالِ على يدِ قواتِ الاحتلالِ، ولم تَصدرْ حتى إدانةٌ لهذه الإجراءاتِ.

لكنّ أصعبَ ما يَحمِلُه هذا القرارُ بالنسبةِ للحالةِ الفلسطينيةِ؛ هو تشجيعُ التطبيعِ من خلالِ مشاركةِ النساءِ في دولةِ الاحتلالِ مع النساءِ الفلسطينياتِ  والعربياتِ في مشاريعَ ثقافيةٍ واجتماعيةٍ تحتَ مُسمَّى “دعمِ التعايشِ على أرضِ فلسطينَ”، وما يَمنحُه هذا القرارُ من أرضيةٍ خصبةٍ للاحتلالِ من اختراقِ المجتمعاتِ العربيةِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى