أهلي يعاملوني كطفل صغير .. ماذا أفعل؟

السعادة
أنا شابٌّ أبلغُ من العمرِ عشرينَ عاماً؛ مشكلتي في تَحكُّمِ والدِيَّ بتفاصيلِ حياتي بشكلٍ كبيرٍ؛ حيثُ يُعاملاني على أنني طفلٌ صغيرٌ، لا يتركونَ لي مجالاً لأختارَ بنفسي؛ أو أفعلَ ما أريدُ.. يجبُ أنْ أُنفّذَ ما يقولانِ؛ وإلا فأكونُ قد أغضبتُهما، فلم يتركاني أخوضُ تجربةَ أيِّ قرارٍ بمُفردي، فلو تأخّرتُ ربعَ ساعةٍ عن الموعدِ المحدَّدِ لعودتي؛ يَقلبونَ الدنيا عليَّ؛ و كأنني طفلٌ صغيرٌ! أتمنّى أنْ يعاملاني كرجلٍ؛ وليس كطفلٍ صغيرٍ، فماذا أفعلُ؟ وكيف أتصرّفُ معهما؟
عزيزي صاحب المشكلة
ما تطالبُ به يُعَدُّ حقاً طبيعياً لكَ على والديكَ؛ فمن حقِّكَ أنْ تمارسَ كاملَ حقوقِك وحريتِك بينَ أهلِك؛ ومن واجبِك أنْ تكونَ على قدرٍ المسئوليةِ؛ وأنتَ في هذا العمرِ؛ وأنْ تحافظَ على وقتِك.. وألّا يخرُجَ منك سلوكاً منافياً للأدبِ؛ أو يتعارضَ مع القيَمِ السائدةِ في مجتمعِك؛ وأنْ تكونَ قدوةً لمَن هو أصغرُ منكَ عمراً، وهنا نتوجّه إلى الأهلِ، وننصحُ بأنْ يعطيَ الأبُ مساحةً كافيةً للأبناءِ لممارسةِ حرياتِهم في حدودِ المسموحِ به ؛ مع عدمِ إظهارِ الخوفِ الزائدِ، وبدونِ مراقبةٍ واضحةٍ وصريحةٍ، وفي هذه المرحلةِ يجبُ أنْ تكونَ المتابعةُ بطريقةٍ غيرِ مباشِرةٍ؛ بحيثُ لا يشعرُ بها الأبناءُ، وأنْ تكونَ التوجيهاتُ أيضاً غيرَ مباشرةٍ؛ لأنّ هذه المرحلةَ التي يمرُّ فيها الأبناءُ هي مرحلةُ بدايةِ الرجولةِ والخروجِ من مرحلةِ الطفولةِ المتأخرةِ؛ لذلكَ يرى الأبناءُ الصوابَ في كلِّ ما يفعلونَ؛ وعليه يجبُ على الوالدينِ تعزيزُ ثقةِ الأبناءِ بأنفسِهم، وإشراكُهم في اتخاذِ القراراتِ على صعيدِ البيتِ، وأنْ يقرّرَ أيضاً على الصعيدِ الشخصي، بتوجيهٍ من الوالدينِ، ويجبُ أنْ نُعِدَّ أبناءَنا لأنْ يكونوا رجالَ المستقبلِ؛ ولهم القدرةُ على اتخاذِ القرارِ؛ بدَلاً من تهميشِهم وتجاهُلِهم.. وفي النهايةِ يكونونَ عاجزينَ عن مواجهةِ الحياةِ؛ لأنهم معتمدونَ على الوالدَينِ في كلِّ شيءٍ؛ لذا ننصحُ بتَرْكِ مساحةٍ من الثقةِ يمنحُها الوالدانِ للأبناءِ ليتحركوا فيها؛ مع متابعةٍ ومراقبةٍ غيرِ مباشِرة، والتدخُلِ في الوقتِ المناسبِ إذا لزمَ الأمرُ، أمّا أنتَ عزيزي صاحب المشكلةِ، يجبُ أنْ تكونَ على قدرٍ كبيرٍ من المسئوليةِ، وتقدّرَ مساحةَ الثقةِ التي تتحركُ فيها، وأنْ تجعلَها متبادَلةً حتى يطمئنَّ الوالدانِ عليكَ أيضاً، بحيثُ لا يَظهرُ منكَ أيُّ تصرُّفٍ مريبٍ، وأنْ تكونَ باستمرارٍ في محلِّ الثقةِ الممنوحةِ.