Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

مرآتي

صديق..

تقضي حياتك تظن أنك محاط بمئات الأصدقاء، تدخل في حيرة من كثرة عددهم عند دعوتهم لمناسبة ما، ولا تتوقف عن المصافحات في نشاط أو فعالية ما، تُضيف إلى القائمة أشخاصاً جدداً كل مرحلة، فيتكاتف أصدقاء الطفولة مع صحبة الجامعة، ويتزاحم زملاء العمل مع أقارب العائلة، ويختلط شركاء الاهتمامات بالعلقات الافتراضية..

لكن مهما حاول عقلك تكديس هذه القوائم في خانة “الصديق”، يبقى للقلب تصنيف آخر، وله –قطعاً- السطوة على كل شيء!

يعرف القلب الصديق من نبرة صوته حين يرد على مكالمتك، ومن لمعة عينيه حين يستقبلك، يعرفه بجملة “جبتلك هاي” وهو عائد من الدكان، وبقوله “شكلك مش عاجبني” في اجتماع عمل، يميز القلب الصديق وهو يسألك ما الحل؟ بدلاً من كيف أخطأت؟، ويرسل لك عند أبسط مناسبة “محتاج إشي؟”، يلمسه حين يحضرك كأن لم يغب، ويلتقيك كأن لم يفترق، حين يعرف ما وراء كلامك، ويحسّ بما بين اقتباساتك، وحين يرى أشباه صديقك وأذواقه وأماكنه وأنت تسير فيبتسم، وتتحول ابتسامته لنص ترسله إليه مساءً “اليوم شفت حدا شبهك”.. 

يعرف القلب الصديق بأنه من تبادره بلا مقدمات: “هات 20 شيكل”! من تضحك معه من أعماقك، وتبكي بكل حرقتك، وقد تفعلهما معاً في جلسة واحدة!

يتخذ الناس كلمة “صديق”، كتعريف لكل شخص يعرفونه، غير أن التعريف الحقيقي -وحده القلب- من يحدده

طفولة..

غلاف مميز، بإطار أخضر مبهج، مزركش بزخارف ذهبية متقنة، موسوم بعنوان “المكتبة الخضراء”، كان كفيلاً بصنع سعادتنا، كانت كل قطعة من المجموعة بمثابة رحلة لا تقدر بثمن إلى عالم الخيال، الإثارة، الطموح، والأحلام.. صنعت عوالمنا الصغيرة، ولونت طفولتنا بألوان لم نكن ندركها من قبل.. كانت أروع الهدايا، وأحب المكافآت، وأمتع الأوقات..

قبل أيام في الشارع قفز في وجهي طفل بمجموعة منها وهو يتوسل لأشتري منها، قلت في نفسي يا إلهي! هل أصبح هذا الغلاف السحري بحاجة للتوسلات؟!

اخترت منها لأطفالي ما ينقص من المجموعة التي يقتنونها، ثم قلتُ للصغير: هذه الحكايات يجب أن تقرأها، لا أن تبيعها..

في ساعات المساء، كنت في بيت أهلي، واستغلالاً لانقطاع الكهرباء، اخترت إحدى القصص وبدأت قراءتها لأطفالي، بعد لحظات، كنت محاطة بإخوتي وأخواتي ووالديّ، جميعهم ينصتون للقصة، ولم أنتبه لذلك إلا حين توقفت عن القراءة لأتكلم مع طفلتي، فبادرني الجميع بعبارات: أكملي، لمَ توقفتِ، وماذا بعد..

لازال لهذا الغلاف سحره المعتاد، مهما مرّت عليه، وعلينا، السنوات..

اكتشاف..

كثيراً ما نكتشف أننا نجهل أشخاصاً كنا نظن أننا نعرفهم، وكثيراً ما نحدث المقربين منا بضرورة قضاء وقت أكبر معهم لتعميق معرفتنا بهم، وكثيراً ما نقول عن أناس أنهم “تغيروا”

لكن ما نجهله حقاً هو أنفسنا، أجل، نحن مليئون بالبقع المجهولة التي علينا الوصول إليها واكتشافها، ونحن أكثر من نحتاج أن تقضي أكبر وقت معه، وأنفسنا هي أهم ما تعرّض للتغيير في مسيرة الحياة..

إن بعض البشر يموتون وهم لا يعرفون أنفسهم! لذلك من الضروري تخصيص وقت لذاتك، تقضي وقتاً في التعرف إليها، متأملاً، مفكراً، مقوماً أو مشجعاً، لأن ذلك أهم بكثير من متابعة الناس ومحاولة فهمهم، لأنك حال تفهم نفسك وتتوافق وتتصالح معها، لن تصبح بحاجة لمعرفة أحد آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى