Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

في غزةَ شوكُ الحصارِ يُنبِتُ زهرَ صفوةِ الصفوةِ

 

سنواتٌ عديدةٌ عنيدةٌ من حصارٍ قاتلٍ لألوانِ الحياةِ، ظالمٍ لكُلِّ حيٍّ يُرزَقُ في مدينةِ العجائبِ غزةَ؛ ولأنها مدينةُ العجائبِ؛ نرى بين فينةٍ وأخرى لوحاتٍ ذهبيةً نُقشِتْ بهِمّةِ أصحابِها، أو بجراحِ صاحباتِها، وتجلّتْ  للعالمِ،  وشكّلتْ  أُسوةً حسنةً ..

 وتلبسُ هذا الثوبَ المُزَركَشَ  بجلالِ الطموحِ وجمالِ الإنجازِ ، وسَطَ وسْطٍ مليءٍ بالحاجةِ والفقرِ  والبطالةِ،  ومشكلاتٍ متراكمةٍ في بعضِ الأحيانِ؛ تعجزُ قواكَ عن الإنصاتِ لآثارِها   .

 في عامِ (2021)، ضربتْ مقاومةُ غزةَ أروعَ لوحاتِ البسالةِ والقوةِ ؛ لأجلِ الأقصى وما بارَكَه اللهُ حولَه،  بقوةٍ  تراكمتْ في سنواتٍ عجافٍ؛  و نُزِعتْ  من بينِ أنيابِ الحصارِ ..

وفي (2022) إنجازٌ  آخَرُ؛  يُضافُ لأولئكَ المُحاصَرين الذين حوّلوا  الضعفَ قوّةً ؛حينَ  أقامتْ  مهرجانَ صفوةِ الحُفاظِ ؛ لأكثرَ من خَمسِ مائةِ حافظٍ وحافظةٍ؛ سرَدوا القرآنَ على جلسةٍ واحدةٍ من صلاةِ الفجرِ؛ حتى غروبِ الشمسِ .

وجدْنا فيهِم الطفلَ الذي أطفأَ الشمعةَ الثانيةَ عشْرةَ في ذاتِ اليومِ ، لدَيهِ عقلُ الشبابِ الواعي،  فالقرآنُ  يقي من سفاسفِ الأمورِ؛  ويزيدُ من وَعي  العقولِ،  في لقاءٍ صحفيٍّ قالَ:”  كانت أمي تُرتّبُ  أوقاتي؛ وتجعلُ لي وقتًا للدراسةِ،  ووقتًا ثانيًا للحفظِ،  وآخَرَ للَّعبِ على الألعابِ الإلكترونية ” _إنها الأم يا سادة_.

وهناكَ على أحدِ جدرانِ المساجدِ شيخٌ كبيرٌ يسندُ ظهرَه، الذي انحنَى من سنواتِ العمرِ؛ ولكنَّ هِمَّتَه مازالت لم تَنحَنِ ، قائمةً شامخةً  قد وقاهُ اللهُ النسيانَ،  الذي أصابَ أقرانَ عُمرِه؛ فسردَ القرآنَ سردًا بساعاتٍ معدودةٍ؛ أقلَّ من عددِ أصابعِ اليدينِ ..

وتجلّتْ في ذلكَ اليومِ صورةٌ بعدَ صورةٍ؛ لأمَّهاتٍ شابّاتٍ يافعاتٍ؛ حملنَ صغارًا لم يتجاوزوا الأشهرَ الأولى من أعمارِهم؛  أيْ أنها كانت تُراجعُ كلامَ  اللهِ في عزِّ مرحلةِ “حملتْهُ أمُّه وهنًا على وهْنٍ “؛  أبَينَ إلّا أنْ يكُنَّ معجزةَ هذا الزمانِ والمكانِ، تَعجبُ من رشاقتِهِنَّ في قطفِ ثمارِ الإنجازاتِ المختلفةِ .

وهناكَ ذاتُ الحجابِ الأبيضِ، والنظارةِ السوداءِ؛  خُلقتْ على الدنيا فاقدةَ البصرِ؛ ولكنّ اللهَ أعطاها البصيرةَ لتسابقَ الأصِحاءَ والأشِداءَ في حفظِ كتابِ اللهِ؛ وتَسرُدَه بخِفّةٍ وسلاسةٍ؛ وكأنَّ  اللهَ ساقَه على لسانِها؛ ليكونَ عوضًا لها في الدنيا والآخِرةِ .

أمّا السوادُ الأعظمُ؛ كان ممّن قال فيهِم رسولُ اللهِ: ” نُصِرتُ بالشبابِ “؛ الشبابُ من الذكورِ والإناثِ يتسابقونَ؛ ليس على حفظِ كتابِ اللهِ؛ فهذه مرحلةٌ  باتتْ مُدرَكةً؛ ولكنّ التسابقَ من يَسرُدُ القرآنَ في ساعاتٍ أقلَّ ،    فَيتَسمَّرُ الناظرُ  أمامَ هذا المشهدِ؛ في زمنٍ يكثُرُ فيه تخلّفُ الشبابِ في الأخلاقِ والإنجازاتِ المُقدَّرةِ، فتَجدُ جمعًا من شبابِ غزةَ غارقةً بينَ دفّتَي كتابِ اللهِ.

وما يُسعِدُ السرائرَ أكثرَ؛ أنْ تجدَ من هؤلاءِ نُجَباءَ في تخَصُّصاتِهم الجامعيةِ ، تتيَقَّنَ أنّ اللهَ قد  حباهُم بسعةٍ  في الفهمِ والحفظِ ..

وأمنيّاتُنا  ودعاؤنا لهم جميعًا؛ الّلهمَّ كما حفِظوا كلماتِ اللهِ وآياتِه؛ اجعلْهم من العاملينَ في أحكامِه، الحافظينَ لِحُدودِه..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى