عُدْنا والعَودُ أَحمدُ
عُدنا إلى مرحلةٍ جديدةٍ، و عامٍ جديدٍ؛ لنبدأَ مشوارًا آخَرَ مع أبنائنا وبناتِنا ؛ لنواصلَ طموحاتِنا ونُحقّقَ أحلامَنا، ونُساندَ أحِبّتَنا في طريقِ مستقبلٍ طويلٍ وشاقٍّ .
ومع انطلاقِ العامِ الدراسي الجديدِ؛ حَريٌّ بِنا أنْ نستعدَّ له خيرَ استعدادٍ ، ونُهيّئَ أنفُسَنا وأبناءَنا بشكلٍ جميلٍ ، وأسلوبٍ سَويٍّ ، ويطيبُ لي أنْ أتكلّمَ عن مشوارِ استعدادٍ معنويٍّ ونفسيٍّ ؛ بعدَ أنْ استعدَدنا له ماديًا ؛ ووفّرنا ما نستطيعُ لهم و زيادةً من قرطاسيةٍ وملابسَ ، وهنا لي كلمةٌ في الاستعدادِ النفسي في شِقّينِ : الأول إيجابي؛ وهو الدعمُ النفسي الملائمُ لعُمرِهم ومرحلتِهم الدراسيةِ؛ فطلابُ المرحلةِ الابتدائيةِ؛ نجعلُ إقبالَهم على المدرسةِ رحلةً جميلةً؛ نلبسُ أجملَ اللباسِ، بل يتعدَّى ذلك إلى عَرضِ حاجياتي على المعلمةِ؛ من قلمٍ جميلٍ، وممحاةٍ غريبةٍ، وكُلّي سعادةٌ في ذلكَ ، بل الأهمُ من ذلكَ؛ مرافقةُ الطفلِ إلى بابِ البيتِ، والوقوفُ على حافةِ الدرَجِ، ومتابعتُه من شُرفةِ البيتِ، أو من أقربِ نافذةٍ ، وما ألطفَ أنْ يعودَ لِيَجِدَنا في انتظارِه؛ وقد فُتحَ البابُ قبلَ أنْ يُقرعَ الجرسُ؛ وكُلنا شوقٌ واشتياقٌ له ؛ بل يتعدّى ذلك أنني أنتظرُ عودتَه لِتَناولِ طعامِ الإفطارِ معه، وإنني لم أكنْ قادرةً على الجلوسِ وحدي دونَه ؛ بل قمتُ بتأجيلِ زيارتي لبيتِ جدِّه ليكونَ معي ، لا تجعلي _يا سيدتي_ مغادرتَه للمدرسةِ عقوبةً ضمنيةً له ؛ بل مَوجِع فِراقِه ، لكنّ ضرورةَ العلمِ، وأنْ يكونَ قيمةً كبيرةً في المستقبلِ؛ تستحقُّ هذا البعدَ المؤقّتَ .
أمّا الشقُ المَعنوي والنفسي الآخَرُ؛ وهو سلبيٌّ نحوَ طلابِ الثانويةِ العامةِ، فأرجوكِ لا تُحمِّليهِ الأعباءَ من أولِ يومٍ؛ ولا تجعليهِ مُثقلاً مرعوبًا من مرحلةٍ دراسيةٍ؛ تُتوِّجُ مراحلَه السابقةَ ، بل تَعاملي معه على أنها مرحلةٌ عاديةٌ ، مُهمةٌ ؛ لكنْ تحتاجُ إلى جهدٍ مختلفٍ، وترتيبٍ مُغايِرٍ عن السنواتِ السابقةِ، وكُلُّنا خَلفَه وداعمونَ له، ونؤكّدُ له أنه قادرٌ على تجاوُزِها بنجاحٍ ، وغيرُ مطلوبٍ منه أنْ يكونَ صورةً من أحدٍ .
لقد مرَرْنا في السنواتِ الماضيةِ بمحطّاتٍ، وإعاقاتٍ تعليميةٍ كبيرةٍ، وجَدلٍ حولَ تعليمٍ إلكترونيٍّ ومُدمجٍ، وخلافٍ كبيرٍ حولَه ، فرجائي لكم، تَجاوزوا هذه الخلافاتِ مع طيِّ صفحاتِها، والالتفاتِ إلى إعادةِ بناءِ أبنائنا بكافةِ الوسائلِ والطرُقِ المتاحةِ ؛ لأنّ المرحلةَ القادمةَ من حياتِهم مختلفةٌ؛ ويجبُ أنْ يطرأَ عليها الكثيرُ من التغيُّرِ في الأسلوبِ والتفاصيلِ .
سيدتي، لا تَضعي أبناءَكِ في الزاويةِ؛ من خلالِ المقارنةِ مع أحدٍ؛ فأولادُك ليسوا كأولادِ أُختِك، أو أخيكِ ، لهم ظروفُهم وقدراتُهم.. فلا تُرهِقيهم بالمقارَناتِ؛ بل تَفَهّمي قدراتِهم، وساعِديهِم ليكونوا هم.
أبناؤنا لَبِناتُ المستقبلِ، ونجاحُهم نجاحٌ لنا جميعًا، وتوفيقُهم أسمَى أمانينا ؛ لكنْ علِّموهم أَن النجاحَ نجاحُهم ، وأنّ المستقبلَ مستقبلُهم ، علّموهم أنْ يتعلّموا للحياةِ؛ ويكتسبوا مهاراتِ التفوّقِ فيها، والتغلّبِ على صِعابِها وعقباتِها ، فالحياةُ ليست وَرديّةً ومُمهَّدةً ؛ لكنْ ازرعوا فيهم أنّ لِكُلِّ مجتهدٍ نصيبٌ؛ وأنّ اللهَ لا يُضيعُ أجرَ مَن أحسنَ عملاً .