Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
عينك على الوطن

أمهاتُ الشهداءِ قلوبُهُنَّ؛ تنتظرُ ضمَّ جثامينِ وقبورِ أبنائهِنَّ

جثامينُ الشهداءِ مُحتَجَزَةٌ

 

تقرير : السعادة

“أزهار أبو سرور”، والدةُ الشهيدِ “عبد الحميد سرور”، أقدمُ شهيدٍ مُحتَجَزٍ لدَى سلطاتِ الاحتلالِ، منذُ هبّةِ عامِ    ( 2015)، والتي تنتظرُ دفنَ جثمانِ ابنِها؛ وجهزتْ له قبرًا؛ وزرعتْ فوقَه الورودَ منذُ سنواتٍ طويلةٍ .

كتبتْ وصيّتَها الأولى والأخيرةَ، تقولُ فيها: “إنْ أدركَني الموتُ؛ ولم أدفنْ ابني؛ ضعوا جثماني في ثلاجةٍ حقيرةٍ مزويّةٍ؛ ثم ادفِنوني في خربةٍ هناكَ منسيّةٍ؛ لا شاهدَ ولا صورةً ولا هويةً؛ ولا أريدُ جنازةً ولا جماهيرَ وفيّةً، فجسدي لن يكونَ أطهرَ من جسدِه؛ واسمي لن يكونَ أعلَى من اسمِه، ومَهما طالتْ حياتي لن أترُكَ أثرًا كأَثرِه”.

سياسةُ احتجازِ الجثامينِ ورِثتْها إسرائيلُ من الاستعمارِ البريطاني؛ الذي كان يحرِقُ بعضَ جثثِ الشهداءِ؛ لِمنعِ تَحَوُّلِ جنازاتِهم إلى مواجهاتٍ، ومنذُ عامِ (1967) تحتجزُ سُلطاتُ الاحتلالِ الإسرائيليّ جثمانَ (256) شهيدًا، حسبَ الحملةِ الوطنيةِ لاستردادِ جثامينِ الشهداءِ.

إذْ تُمعِنُ سلطاتُ الاحتلالِ الإسرائيلي في ممارسةِ الانتهاكاتِ بحقِّ الفلسطينيينَ؛ حتى وهم أمواتٌ! ضاربةً بعُرضِ الحائطِ القوانينَ الدوليةَ والإنسانيةَ كافةً، وحتى حقَّ الإنسانِ الميّتِ بالدفنِ في قبرٍ يضمُّ جثمانَه وفقَ الشريعةِ الإسلامية.

ترابُ الوطنِ

من جانبِها تقولُ والدةُ شهيدِ الحركةِ الأسيرةِ “نصار طقاطقة”، التي تمرُّ الذكرى السنويةُ الثالثةُ على استشهادِه، والتي ما زالت تنتظرُ أنْ يعودَ جثمانُ ابنِها؛ لتُكرِمَه وتدفِنَه؛ وتعرفَ مكانَ قبرِه وهي على قيدِ الحياةِ.

وبعيونٍ باكيةٍ قالت “طقاطقة”: إنها تنتظرُ عودةَ جثمانِ ابنِها لتُكرمَه وتَدفِنَه، “أريدُ أنْ أعرفَ موقعَ قبرِه؛ كي أذهبَ إليه كلّما اشتقتُ له، أريدُ أنْ أبوحَ له بلَوعتي على فِراقِه وشوقي له”.

وتناشدُ “طقاطقة” كلَّ المؤسساتِ الحقوقيةِ والإنسانيةِ ضرورةَ استرجاعِ جثامينِ الشهداءِ المحتجَزةِ لدَى الاحتلالِ، مشيرةً إلى أنّ وجودَهم في ثلاجاتِ الاحتلالِ أمرٌ يزيدُ الألمَ والقهرَ والحزنَ، وأنه يجبُ أنْ تنعمَ جثامينُهم بدفءِ ترابِ الوطنِ؛ بدَلاً من بردِ الثلاجاتِ البغيضةِ.

من جانبِه يقولُ “حسين شجاعية”، منسّقُ الحملةِ الوطنيةِ لاستردادِ جثامينِ الشهداءِ لـ “السعادة”:” إنه منذُ عودةِ الاحتلالِ لسياسيةِ احتجازِ الجثامينِ في الثلاجاتِ والمقابرِ، بتشرين أول/ أكتوبر (2015) كسياسةٍ رسميةٍ ممنهجةٍ وحتى اللحظةِ؛ هناك (104) جثامينَ؛ منهم الشهداءُ الأسرى الذين ارتقَوا في سجونِ الاحتلالِ، أو في مراكزِ التحقيقِ وهم ثمانيةُ شهداء، إضافةً إلى جثمانِ الأسيرِ الشهيدِ “أنيس دولة” المحتجزِ منذُ عامِ (1980)، وعددُ الشهداءِ المحتجزةِ جثامينُهم من محافظةِ القدسِ (12) شهيدًا، ومن قطاعِ غزةَ (27) شهيدًا، ومن الضفةِ الغربيةِ (65) شهيدًا، ومن إجمالي هذه الإحصائيةِ؛ يوجدُ (3) جثامينَ لشهيداتٍ، و(6 )جثامينَ لأطفالٍ.

العبثُ والإهمالُ

ويؤكدُ “شجاعية” أنّ احتجازَ الجثامينِ ليس له مَثيلٌ في العالمِ؛ فهي سياسةٌ انتقاميةٌ تَتّبِعُها إسرائيلُ بحقِّ الفلسطينيينَ، مشدّدًا على ضرورةِ التحركِ للضغطِ على الاحتلالِ للإفراجِ عن هذه الجثامينِ.

في السياقِ ذاتِه، يقولُ “عصام العاروري”، مديرُ مركزِ القدسِ للمساعدةِ القانونيةِ:” يوجدُ (74) مفقودًا، تدَّعي سلطاتُ الاحتلالِ عدمَ وجودِ بياناتٍ لهم في السجلاتِ؛ واحدةٌ منهم جثّةُ الأسيرِ الشهيدِ “أنيس دولة”؛ الذي استُشهدَ في سجنِ عسقلان عامَ (1980)، قائلًا: “تم نقلُه لمعهدِ الطبِّ الشرعي؛ ثُم اختفى جثمانُه ولم يسلِّموه؛ وتذرَّعوا بعدمِ وجودِ سجلاتٍ في تلكَ الفترةِ؛ ويصعبُ تحديدُ مكانِ دفنِه”.

وسلّمتْ الحملةُ الوطنيةُ لاستردادِ جثامينِ الشهداءِ، قائمةً بـ (121) جثمانًا لمعرفةِ مصيرِهم، وادّعَى الاحتلالُ أنَّ        ( 10) منهم لا يُعرفُ عنهم شيئًا_ وفق العاروري_؛ مُرجِعًا هذه المسألةَ للعبثِ والإهمالِ من جهةٍ؛ وإلى وجودِ تقاريرَ تفيدُ بأنه جرى استخدامُ بعضِ الجثامينِ للتجاربِ في الطبِّ الشرعي؛ بحسبِ ما اعترفَ به مسؤولونَ إسرائيليونَ.

ويوضّح “العاروري” أنّ عددَ الجثامينِ الموجودةِ في الثلاجاتِ؛ انخفضَ إلى عشرةِ جثامينَ، ثم ارتفعَ عامَ (2019) إلى (51) جثمانًا، وفي (2020) ارتفعَ إلى (66) جثمانًا، منوِّها أنه منذُ عامِ (1970)؛ جرى استردادُ بعضِ الجثامينِ المحتجَزةِ بمراحلَ مختلفةٍ خلالَ عامَي (2008 و2012)؛ لكنّ الاحتلالَ ادَّعَى بعدَ عامِ (2000) إحالةَ الاحتفاظِ بالجثامينِ لشركةٍ خاصةٍ، وهي لا تملكُ ملفاتٍ عنهم.

سرقةُ الأعضاءِ

وحولَ مبرّراتِ الاحتلالِ بالاستمرارِ في الاحتفاظِ ببعضِ الجثامينِ، يذكرُ “العاروري” أنّ الاحتلالَ يدَّعي عدمَ رغبتِه إقامةَ جنازاتٍ تتحولُ لأعمالٍ “مُخِلَّةٍ بالأمنِ” وفق ادِّعائه، أو تمجيدِ ما قام به الشهداءُ، كما يدّعي الاحتلالُ أنّ بعضَ الجثامينِ المحتجَزةِ منذُ ستينياتِ القرنِ الماضي؛ تعودُ لأشخاصٍ جاؤوا من الخارجِ، وليس لدَيهم من يطالبُ باستردادِ جثامينِهم، إلى جانبِ إبقاءِ جثامينِ الشهداءِ للمساوَمةِ عليهم في قضايا التبادلِ مع المقاومةِ.

ويذكرُ أنه في عامِ (2001) سلّطَ الصحافي السويدي “دونالد بوستروم”، الضوءَ على قيامِ إسرائيلَ بسرقةِ أعضاءِ الشهداءِ الفلسطينيينَ والمتاجَرةِ بها؛ الأمرُ الذي أثارَ أزمةً دبلوماسيةً، وقد نشرَ التقريرُ الذي سلّطَ الضوءَ على قتلِ الجنودِ الإسرائيليينَ لشُبانٍ فلسطينيينَ؛ لانتزاعِ أعضائهم والمتاجَرةِ بها.

في كتابِها “على جُثَثِهم الميّتةِ”، كشفت د. “مئيرا فايس” الطبيبةُ الإسرائيليةُ والخبيرةُ في علمِ الإنسانِ (Anthropology) عن سرقةِ أعضاءِ الشهداءِ الفلسطينيينَ، وذكرتْ أنه في فترةِ ما بينَ عامِ (1996 و2002) تواجدتْ “فايس” في معهدِ “أبو كبير” للطبِّ الشرعي في تلَّ أبيب؛ لإجراءِ بحثٍ عِلمي؛ وهناك رأتْ كيف كانت تَتِمُّ سرقةُ الأعضاءِ؛ لاسيّما من جثامينِ الفلسطينيينَ.

وقالت: “خلالَ وجودي في المعهدِ؛ شاهدتُ كيف كانوا “يأخذونَ” أعضاءً من جسدٍ فلسطينيٍّ؛ ولا “يأخذون” في المقابلِ من “الجنودِ”، وأضافت “أنهم كانوا يأخذونَ (قرَنياتٍ، وجلدٍ، وصماماتٍ قلبيةً)؛ مشيرةً في الوقتِ نفسِه إلى أنه لا يمكنُ لأناسٍ غيرِ مِهنيّينَ أنْ يتنبَّهوا لنقصِ هذه الأعضاءِ؛ حيثُ يضعونَ مكانَ “القرنياتِ” شيئًا بلاستيكيًّا، و”يأخذون” الجلدَ من الظهرِ؛ بحيثُ لا ترى العائلةُ ذلك، إضافةً إلى استعمالِ جُثَثِ الشهداءِ المحتجَزينَ في كُليّاتِ الطبِّ في الجامعاتِ الإسرائيليةِ لإجراءِ الأبحاثِ عليها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى