Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

التأثيراتُ والتغيُّرُ المُناخي تُغيِّرُ شكلَ موسمِ العسلِ البلدي في فلسطينَ

تقرير :السعادة

مع ساعاتِ الصباحِ الباكرِ؛ يرتدى مُرتجى أبو مُعَلاًّ_ صاحبُ مناحلِ عسلٍ في مخيمِ النصيراتِ وسطَ قطاعِ غزةَ_ البَدلةَ البيضاءَ الخاصةَ بالعملِ مع خلايا النحلِ، هو ومجموعةٌ من مساعديهِ، وبدأوا بجمعِ “براويزِ” العسلِ تمهيدًا لتجهيزِها وتَصفيَتِها؛ غيرَ أنَّ مشاعرَه كانت مُرهَقةً ومتوتّرةً؛ بسببِ أنّ الحصادَ لهذا الموسمِ قد خالفَ التوقّعاتِ؛ فخلايا العسلُ في حالِ تراجُعٍ واضحٍ بالإنتاجِ؛ وهذا يعني أنّ وضْعَه الاقتصادي سيكونُ سيّئًا طيلةَ العامِ .

يقولُ أبو معلا لـ “السعادة”:” إنّ موسمَ العسلِ لهذا العامِ صعبٌ جدًّا على النحّالينَ في قطاعِ غزة؛ وذلكَ بسببِ موجاتِ البردِ القارصِ التي ضربتْ القطاعَ بشكلٍ غيرِ مسبوقٍ؛ ما تَسبّبَ بِضرَرٍ كبيرٍ للعديدِ من النحالينَ وأصحابِ المناحلِ على امتدادِ الوطنِ.

أزمةُ المُناخِ

بحسبِ وزارةِ الزراعةِ الفلسطينيةِ؛ احتضنتْ فلسطين (84) ألفَ خليةٍ؛ تتوزّعُ بين الضفةِ وقطاعِ غزةَ: ألفَينِ منها تقليديةً (طينية)، والبقيةَ خشبيةً حديثةً. وتُعَدُّ “جنين” أكثرَ المحافظاتِ الفلسطينيةِ نصيبًا من عددِ خلايا النحلِ (13 ألفَ خليةٍ)؛ تليها الخليل (10 آلافِ خليةٍ)؛ ونابلس وطولكرم (كل منها 8 آلافٍ)؛ ورام الله والبيرة وسلفيت (4000 كل منهما)؛ وأريحا والأغوار وقلقيلية (4500) خلية؛ وطوباس وبيت لحم (2600)، والقدس( 1800) خلية.

وفي قطاعِ غزة تتوزعُ (23700) خليةِ نحلٍ على النحوِ التالي: (5) آلافِ شمالَ غزة، (5200) غزة، (5) آلاف في دير البلح، و(4500) خان يونس، و(4000) في رفح، أمّا عددُ النحالين في فلسطينَ يتراوحُ بين (1800-2000) نحالٍ، ويعملُ في الضفةِ (1300)، وفي قطاعِ غزة (500) نحّالٍ.

وعادةً يبدأُ موسمُ حصادِ العسلِ في منتصفِ “أبريل” من كلِّ عام؛ حيثُ يكونُ الجوُّ ربيعيًّا ومعتدلاً؛ يتيحُ لأسرابِ النحلِ التنقُلَ بينَ الأزهارِ من أجلِ تلقيحِها والحصولِ على رحيقِها، فيما يتمُّ حصادُ العسلِ مرّةً أخرى في شهرِ “نوفمبر”، ولكنّ هذا الوضعَ بدأ يتغيرُ تدريجًا قبلَ عدّةِ أعوامٍ؛ وذلكَ مع بدءِ أزمةِ التغيّرِ المُناخي العالمي، والاحتباسِ الحراري الذي وصلتْ تأثيراتُه إلى الأراضي الفلسطينيةِ عامًا بعدَ عامٍ.

من جانبه يقولُ عصام جرادة (58 عامًا):” نتكبّدُ خسائرَ ماليةً في كلِّ عامٍ؛ بسببِ تراجُعِ نسبةِ إنتاجِ العسلِ، “يوميًا نَجِدُ المئاتِ من النحلِ قد نفقتْ”؛ وعزا السببَ وراءَ تراجُعِ نسبةِ الإنتاجِ إلى تأثيراتِ التغيّرِ المُناخي؛ بالإضافةِ إلى ممارساتٍ إسرائيليةٍ تتسببُ بمقتلِ المئاتِ من النحلِ؛ علاوةً على التغيّرِ المناخي؛ فإنّ استمرارَ موسمِ الشتاءِ لِما بعدَ شهرِ “إبريل” يؤثّرُ سلبًا على خلايا النحلِ، التي عادةً ما تتجمّدُ؛ فيما يفقدُ النحلُ نشاطَه في الأجواءِ الباردةِ؛ وكذلكَ القدرةَ على تلقيحِ الأزهارِ.

ويقولُ جرادة: “أمّا الأجواءُ الحارّةُ، والاحتباسُ الحراري؛ فهي تؤدّي إلى موتِ النحلِ في حالِ غادرَ خليّتَه”، موضّحًا أنّ المواسمَ المُناخيةَ تغيرتْ وتبدّلتْ في قطاعِ غزةَ، الذي يشهدُ أيامًا إضافيةً لأوقاتِ الشتاءِ، التي غالبًا ما تَشهدُ منخفضاتٍ جوّيةً، في حين أنّ فصلَ الصيفِ أصبح حارًّا جدًّا ؛لا يتناسبُ مع الطبيعةِ الجسمانيةِ للنحلِ”.

انتهاكاتُ الاحتلالِ

ويتابعُ: لا تقتصرُ المشكلةُ على التغيّرِ المناخي؛ بل إنّ الطائراتِ الإسرائيليةَ ترُشُّ المبيداتِ الحشريةَ على الأعشابِ القريبةِ من الشريطِ الحدودي دونَ إبلاغِهم؛ ما يؤدّي لقتلِ الأزهارِ والكثيرِ من النحلِ، على عكس ما كان عليه الوضعُ في عهدِ السلطةِ الفلسطينيةِ التي كان يتمُّ إبلاغُها من قِبلِ الجانبِ الإسرائيلي؛ وعلى إثرِ ذلك تبلّغُ أصحابَ المناحلِ لأخذِ الاحتياطاتِ.

ويوضّح جرادة: أنه كان يمتلكُ  نحوَ (500) خليةِ نحلٍ؛ حيثُ كانت الخليةُ الواحدةُ تنتجُ نحوَ (12-15) كيلوجرامًا من العسلِ، في حين أنّ حوالي (150) خليةً فقط بقيتْ على قيدِ الحياةِ، حيثُ تنتجُ الخليةُ الواحدةُ ما بين (5-7) كيلوجرامات فقط من العسلِ حاليًّا.

ولم تتوقفْ مُعاناةُ “جرادة” عندَ هذا الأمرِ فقط؛ بل تراجعتْ نسبةُ إقبالِ الزبائنِ المَحليّينَ على شراءِ العسلِ بسببِ سوءِ الأوضاعِ الاقتصاديةِ التي يعاني منها سكانُ القطاعِ؛ نتيجةً لعدمِ استقرارِ الوضعِ السياسي والاقتصادي منذُ أعوامٍ.

أمّا إبراهيم جرادة يقولُ لـ “السعادة”: في السنواتِ الماضيةِ كان الزبائنُ يحجزونَ العسلَ الطبيعي؛ ويشترونَ كمياتٍ كبيرةً تكفيهم على مدارِ العامِ؛ لكنْ حاليًّا بالكادِ نستطيعُ بيعَ المنتَجِ خلالَ شهرينِ، ونادرًا ما تجدُ زبونًا يشتري كميةً تكفيهِ على مدارِ العامِ .

ويضيفُ: على إثرِ ذلكَ اضطَّرَرْنا إلى بيعِ سعرِ الكيلوجرام الواحد من العسلِ مقابلَ (20) دولارًا فقط؛ بدَلاً من (35) دولارًا، مشيرًا إلى أنّ “شيئا أفضلُ من لا شيءَ؛ خاصةً في ظِلِّ موسمٍ ضعيفٍ، فالمجهودُ الذي نبذلُه في إنتاجِ العسلِ جبارٌ ومرهِقٌ ومكلفٌ جدًّا، ويقعُ على عاتقِ النحالينَ فقط؛ فللأسفِ لا يوجدُ اهتمامٌ من الحكومةِ، ولا المؤسساتِ الأهليةِ، مُطالبينَ بعقدِ دوراتٍ تدريبيةٍ تعلّمُهم أساليبَ إنتاجٍ جديدةً للنحالين بغزةَ، وتطويرَ هذه الحرفةِ.

 الفاروا الطفيلي

ويستدركُ “جرادة” حديثَه قائلاً: على الحكومةِ أنْ تضعَ نُصبَ عينَيها قطاعَ النحالينَ، خاصةً وأنّ حركةَ استيرادٍ عنيفةً على الكثيرِ من أنواعِ العسلِ، سواءً التركيَّ و المصري؛ وكلاهما أقلُّ جودةٍ من العسلِ الفلسطيني، وأقلُّ سعرٍ؛ ومع ذلكَ يضرُّ بالبيعِ بشكلٍ كبيرٍ.

من جانبِه يقولُ “طاهر أبو حمد” مديرُ دائرةِ الإنتاجِ الحيواني في وزارة الزراعةِ في غزةَ:” إنّ الوزارةَ سجّلتْ تراجعًا ملحوظًا في إنتاجِ العسلِ مقارنةً بالعامِ الماضي؛ حيثُ تمَّ إنتاجُ نحوِّ (140) طنًّا هذا العامَ؛ الذي بالكادِ يغطّي (70%) من الحاجةِ الاستهلاكيةِ للقطاعِ، مشيرًا إلى أنّ المناحلَ في السابقِ كانت تنتجُ أكثرَ من (200) طنٍ سنويًّا؛ وهذا يغطي (90 %) من حاجةِ القطاعِ.

وأوضحَ “أبو حمد”: إنّ التراجُعَ يعودُ إلى التأثيراتِ الناتجةِ عن تغيّراتِ المُناخِ الجوّي؛ ما أثّرَ سلبًا على تغذيةِ النحلِ للخلايا، ورشَّ المبيداتِ على طولِ الحدودِ الشرقيةِ، علاوةً على انتشارِ مرضِ” الفاروا الطفيلي”، الذي ساهمَ في الحدِّ من إنتاجِ العسلِ، لافتًا إلى أنّ هذا المرضَ يصيبُ حشراتِ النحلِ، ويعيشُ بينَ حلقاتِ البطنِ لذكورِ النحلِ، أو على اليرَقاتِ، وتتغذّى هذه الطفيلياتُ على جسدِ النحلةِ نفسِها؛ بإحداثِ ثُقبٍ في جسمِها وامتصاصِ دمِها؛ ما يتسبّبُ بموتِها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى