أبوكَ خطٌّ أَحمَرُ
سأكتبُ للأبِ، بمناسبةِ يومِ الأبِ :
ارتبطَ مفهومُ التربيةِ بالأمِّ، وهو الحقيقةُ مرتبطٌ بها أكثرُ؛ فهي التي تُمسِكُ بزمامِ الأمورِ، هي التي تُعلّمُ ابنَها مَن يحبُّ ومن يَكرَهُ، وتُعلّمُه الاحترامَ أو عكسَه، ولأنّ الأمرَ أصبح منتشرًا في كثيرٍ من البيوتِ؛ ومُستَفِزًّا؛ أحبَبتُ أنْ أكتبَ عنه.
عزيزتي الأم، إنّ أهمَّ ركيزةٍ في علاقتِك مع أبنائِك؛ هي أنْ تعلِّميهِم كيف يحترمونَ والدَهم.
في جلساتِ النساءِ، ثرثراتٌ كثيرةٌ عن الأزواجِ؛ تَتطوَّرُ لتكونَ على مسامعِ الأبناءِ، وكثيرًا من البيوتِ رأيتُ الأمَّ فيها تدورُ وأبناؤها في فُلكٍ بعيدٍ عن الأبِ، الذي يَدورُ في فُلكِ آخَرَ، ويُعامَلُ كغريبِ ديارٍ؛ يأتي إلى البيتِ ليأكلَ ويشربَ ويعطي المالَ؛ ثُم ينامَ.
والأخطرُ أنْ تؤثّرَ علاقةُ الزوجةِ بزوجِها على الأبناءِ، فتَظلُّ الأمُّ تكرّرُ على مسامعِهم عيوبَ والدِهم، وقصةَ العذابِ غيرَ المُنتهيةِ التي عاشتها معه، وقد تكونُ تلكَ القصةُ حقيقةً؛ لكنّها ستُرَبّي أطفالًا يكرهونَ والدَهم، ويعيشونَ حياةً غيرَ سَوِيَّةٍ .
عزيزتي الأم، حياتُكِ المليئةُ بالسخطِ؛ لن تتبدّلَ لو كَرِهَ أبناؤكِ والدَهم؛ بل ستَتعقّدُ أكثرَ، ورُبما كبرَ الأبناءُ غدًا؛ ووجدوا أنّ كلَّ ثرثراتِك كانت عائقًا بينَهم وبينَ هذا الحُبِّ.
وكثيرًا ما رأيتُ أبناءً عَضُّوا أصابعَهم ندَمًا؛ لأنهم لم يكونوا أبناءً بارِّينَ بآبائهِم؛ ولأنّ الأمَّ كانت عائقًا تُجاهَ هذا البِرِّ.
لقد خُلِقنا في مجتمعٍ جافٍّ، الذكورُ فيه قد ورِثوا قِلّةَ التعبيرِ عن الحبِّ والوُدِّ بينَهم وبينَ زوجاتِهم وأبنائهم؛ ولكنّ هذا لا يَعني أنهم لا يُحبّونَ أبناءَهم، وهنا يأتي دَورُ الأمِّ.
فإنْ كنتِ عزيزتي لا تستطيعينَ إخفاءَ مشاعرِ كراهيةِ زوجِك عن أبنائه، فانفَصلي بسلامٍ؛ لأنّ الطلاقَ رخصةٌ أعطاها اللهُ لنا لنَحيا بسلامٍ، ولكي نبدأَ صفحةً جديدةً عامرةً بالاحترامِ؛ وإنْ كانت خاليةً من الحُبِّ، وفي كلِّ الأحوالِ يجبُ أنْ تقولي لابنِكِ ” أبوكَ خطٌّ أحمَرُ”؛ ويجبُ أنْ يظلَّ كذلكَ .
وفي الحديثِ الشريفِ: (إنَّ أطيبَ ما أكلَ الرَّجلُ من كَسْبِهِ وإنَّ وَلدَهُ من كَسبِهِ) فاسمحي له أنْ يستمتعَ بهذا الكَسبِ.