Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

خدماتُ العَونِ القانوني بينَ المَجّانيةِ ومسؤوليةِ اتّخاذِ القرارِ

 

منذُ عامِ (2012) دخلتْ إلى قطاعِ غزةَ فلسفةُ دعمِ سيادةِ القانونِ؛ وذلكَ من خلالِ برامجَ مختلفةٍ ما زالت مستمرِّةً، والتي في أصلِها تسعَى إلى  تعزيزِ استقلالِ السُّلطةِ القضائيةِ، وتسهيلِ وصولِ الفئاتِ الهشّةِ للقضاءِ، وزيادةِ التجاءِ وثِقةِ المواطنِ في القضاءِ، وفي إطارِ تحقيقِ هذه الأهدافِ تصممُ خُطَطِ  المشاريعِ التي تُمَوَّلُ بتوفيرِ خدماتٍ خاصةٍ للسيداتِ من الناحيةِ القانونيةِ، سواءً تَمثّلتْ هذه الخدمةُ باستشارةٍ قانونيةٍ، أو بتمثيلٍ قانونيٍّ لدَى الجهاتِ الرسميةِ؛ كالهيئاتِ والوزاراتِ، أو تمثيلٍ قضائيٍّ أمامَ المحاكمِ المختلفةِ سواءً النظاميةَ أو الشرعيةَ؛ وذلكَ بشكلٍ مجّانيٍّ؛ بحَيثُ تقومُ المؤسَّسةُ _التي تُقدّمُ الخدمةَ ضِمنَ مشروعٍ ما بتمويلٍ من جهةٍ خارجيةٍ_ بتَغطيةِ نفقاتِ رسومِ رفعِ الدعوَى لصندوقِ المحكمةِ، وإعفاءِ السيدةِ طالبةِ الخدمةِ من أتعابِ المحامينَ؛ الأمرُ الذي ساهمَ فعلاً بتَيسيرِ وصولِ الكثيرِ من السيداتِ اللواتي كُنَّ عاجزاتٍ عن الولوجِ للمحاكمِ؛ بسببِ ارتفاعِ التكلفةِ الماليةِ، وعدمِ وجودِ معرفةٍ أو درايةٍ كافيةٍ بالإجراءاتِ القضائيةِ، ومكّنتْ الكثيرَ من السيداتِ من تحسينِ ظروفِهِنَّ المعيشيةِ، والحصولِ على حريتهِنَّ وسلامتِهِنَّ النفسيةِ، خاصةً الحالاتِ التي تعاني منها السيداتُ من وقوعِ عنفٍ شديدٍ  عليها، أو تَعاطي زوجِها للمُخدِّراتِ، أو وجودِ أيِّ إشكاليةٍ أخرى تَمنعُ استمرارَ حياتِها معه بشكلٍ هادئٍ.

ونظرًا لوجودِ حاجةٍ حقيقةٍ من قِبلِ السيداتِ، ووجودِ أعدادٍ مستفيداتٍ وطالباتٍ للخدمةِ القانونيةِ؛ غالبًا ما تَفوقُ العددَ المُخطَّطَ له في المشاريعِ؛ استمرَّ تمويلُ هذا النوعِ من خدماتِ العَونِ القانوني، وخُلِقَ له نوعٌ من الديمومةِ، وزادَ من عددِ المؤسَّساتِ العاملةِ به؛ من حيثُ العددِ والتوزيعِ الجغرافي لكُلِّ المناطقِ؛ ولكنْ ورغمَ جميعِ هذه المميزاتِ، ورغمَ موافقةِ الزوجةِ/ السيدةِ، وطلَبِها للخدمةِ بنفسِها، ورضاها التامِّ عنها؛ إلَّا أنه ومن وِجهةِ نَظرٍ أخرى؛ نَلمسُ أنّ سهولةَ إتاحةِ هذه الخدمةِ؛ خَلقَ نوعًا من الاستسهالِ، أو عدمَ  العنايةِ الكافيةِ بقرارِ التوَجُّهِ للقضاءِ، والأبعادَ النفسيةَ والاجتماعيةَ التي يحمِلُها؛ خاصةً بِرَدّةِ فعلِ الزوجِ الذي رُبما يُشحَنُ سَلبًا تُجاهَ زوجتِه، التي تَعاملتْ مع خلافاتِه الزوجيةِ عن طريقِ المحاكمِ، أو رُبما قامتْ باستِصدارِ أمرِ حبسٍ بِحقِّه؛ فيزيدُ الخلافُ والبغضاءُ  بينَهما؛ ويُعطي فُرصةً لتَدخُلِ الأهلِ سَلبًا  للطرَفينِ، ومحاولةِ اتّخاذِ إجراءٍ قانونيٍّ مُضادٍّ، خاصةً مع تَزامُنِ ذلكَ مرورَ السيدةِ أيضًا بحالةٍ نفسيةٍ سيئةٍ وحزينةٍ ؛ الأمرُ الذي غالبًا ما يُعيقُ سلامةَ قراراتِها وتفكيرِها؛ وهذا لا يعني أنني ضِدُّ حريةِ استخدامِ المرأةِ حقَّها في اللجوءِ للقضاءِ، أو ضِدُّ فكرةِ تقديمِ خدماتِ العونِ القانوني؛ بل نعملُ ونَدعمُ ذلكَ منذُ سنواتٍ؛ ولكنّ بيتَ القصيدِ أنّ على المرأةِ أنْ تُدركَ أنّ قرارَ التوَجُّهِ للقضاءِ قرارٌ صعبٌ؛ واللجوءَ إليه له معطياتُه؛ ومنها استحالةُ استمرارِ الحياةِ بينَ كِلا الطرَفين غالبًا، ويرتبطُ بعَواملَ تعتمدُ على ظروفِ حياةِ كلِا الطرَفينِ(الزوجَينِ) ووَضعِهما القانونيّ، وأَحقّيةِ أيٍّ منهما بالحضانةِ وفقًا لأعمارِ الأبناءِ، ومَصدرِ الدخلِ الخاصِّ بها، ومكانِ المعيشةِ في حالِ وقعَ الانفصالُ، فلا تَستخدمُ هذا الحقَّ إلَّا إذا فهمتْ تمامًا مَآله، فمَجّانيةُ الخدمةِ لا تَعني أنها المُناسِبةُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى