هل تَعلموا أنّ “هولندا” تمتلكُ قرابةَ (2) مليون بقرةٍ؛ وتُطعِمُ منها مئاتِ الدولِ في هذا العالمِ المُمتَدِّ! بينما في نفسِ الوقتِ، فإنّ “السودان” يمتلكُ (8) ملايينِ بقرةٍ؛ ولكنّ أهلَها فقراءُ لا يَجِدونَ ما يَسُدّونَ به رمقَهم وجوعَهم وحاجتَهم! بل ويستوردونَ الحليبَ والألبانَ من “هولندا” عينِها بقيمةِ (100) مليون دولارٍ سنويًّا!
يَحدثُ ذلك رغمَ أنّ مراعي السودانِ تساوي (4) أضعافِ مساحةِ “هولندا”! ومع كلِّ ذلكَ ما تُدرّهُ البقرةُ الهولنديةُ من أموالٍ تَبلغُ (14) مليارَ دولارٍ من تصديرِ الحليبِ فقط! وهو ما يساوي نصفَ موازنةِ السودانِ تقريبًا، والبالغةِ (24) مليارَ دولارٍ.
هذا المَثلُ لا ينحصرُ على الإمكاناتِ الماديةِ والعينيةِ فحَسْب؛ بل يمتدُّ ليَطالَ أيضًا الإمكاناتِ البشريةَ أيضًا، ففي الدولِ المتقدمةِ التي تحترمُ ذاتَها وشعبَها وأبناءَها؛ فإنها تُفرِدُ مساحاتٍ واسعةً للاستفادةِ من كلِّ الطاقاتِ البشريةِ التي تحتويها؛ حتى ترتقيَ وتُصبحَ من الدولِ الأولى على مستوى العالمِ؛ وفي المقابلِ فإنّ الدولَ المتخلّفةَ هي تلك الدولُ التي تمتلكُ مخزونًا رهيبًا من المواردِ البشريةِ؛ ولكنها للأسفِ لا تستثمرُ هذه الطاقاتِ البشريةَ في التقدّمِ والازدهارِ والنهضةِ؛ بل تتعمّدُ اغتيالَ وقتْلَ هذه الطاقاتِ معنويًّا من خلالِ تهميشِها ووضْعِها جانبًا.
أَضيفوا إلى تلكَ المواردِ الماديةِ والعينيةِ والبشريةِ؛ استثمارَ الأوقاتِ في هذا العالمِ المُتشابكِ؛ فمنها ما هو مَهدورٌ ومقتولٌ، ومنها ما هو مُستَثمَرٌ بطريقةٍ احترافيةٍ تَصُبُّ في مصلحةِ الدولِ التي تُقدّرُ معنَى الأوقاتِ حقَّ تقديرٍ.
إنّ الإدارةَ الحقيقةَ الناجحةَ؛ ليستْ بامتلاكِ المواردِ الطبيعيةِ والماديةِ والعينيةِ والبشريةِ فقط؛ بل باستثمارِ هذه المواردِ المختلفةِ بطريقةٍ مُتجانِسةٍ ومُثلَى؛ بحيثُ تصِلُ إلى أعلى درجاتِ التقدّمِ والنهضةِ.
كما أنّ وضْعَ الرجلِ المناسِبِ في المكانِ المناسبِ؛ هو ذروةُ سَنامِ الإدارةِ الناجحةِ التي تنهضُ بالمؤسساتِ نهضةً تَجعلُها في قائمةِ الأوائلِ.
