كيف نَزرعُ القدس في نفوسِ أطفالِنا ؟

سماح أبو زينة المستشارة التربوية
الأسرةُ هي الَّلبِنةُ الأولى لبناءِ المجتمعِ؛ وعليها تقومُ الحضاراتُ وتزدهرُ أو تنحسِرُ؛ وبالتالي فإنَّ نجاحَ أيِّ قضيةٍ إنما يبدأُ من الأسرةِ، وبقيامِها بدَورِها المطلوبِ في تكوينِ الوَعيِ لدَى هذا النشءِ الصغيرِ منذُ طفولتِه الأولى؛ فينمو وتنمو معَه تلكَ القضيةُ؛ فلا يتخلَّى أو يحيدُ عنها، ويُمَحِّصُ الأفكارَ -المسمومةَ- الدخيلةَ عليه يومًا؛ بما لدَيهِ من أساسٍ ، وتربيةٍ قويمةٍ، وحتى نُربِّي جيلاً قويًّا واعيًا بمقدّساتِه وقضاياهُ _وخاصةً فلسطينَ_، فإليكم بعضَ المقترحاتِ التربويةِ لتُخبِرَهم فيها عن القدسِ.
– التربيةُ بالقدوَةِ: تُعدُّ هذه النقطةُ حلًّا سحريَّا للكثيرِ من المشكلاتِ التربويةِ، فالأهلُ يعتقدونَ أنَّ الصراخَ وترديدَ الأوامرِ أو المعلوماتِ أكثرَ من مرّةٍ؛ هو ما سيَجعلُ الطفلَ ينفّذُ ما يُملَى عليه، ولكنّ الحقيقةَ أنّ الطفلَ يتعلّمُ بالقدوةِ أكثرُ ممّا يتعلَّمُه بغيرِها من الطرُقِ؛ بنسبةٍ تصِلُ إلى (70%)؛ لذلكَ فلابدَّ أنْ تؤمِنَ الأسرةُ بقضيةِ فلسطينَ؛ وتقدِّرَ أهميتَها، تُتابعَ أخبارَهم، تدعو لهم، تساعدَهم بكُلِّ ما أُتيحَ لهم، فيُولي طفلي اهتمامًا لِما تهتمُ به أسرتُه.
– التربيةُ بالقصةِ: القصةُ من أهمِّ الوسائلِ التربويةِ لتعليمِ الأطفالِ؛ ولها أثرٌ بالغٌ في نفوسِهم، وتساعدُهم دائمًا على تذكُّرِ الأحداثِ التي تسردها عكسَ ما تروي لهم بطرُقٍ روتينيةٍ مُمِلةٍ، وهنا أوصي باستخدامِ أسلوبِ شيقٍ، وتنويعِ النغماتِ الصوتيةِ في الأداءِ؛ حتى يُركِّزَ الطفلُ بكاملِ انتباهِه وكلِّ حواسِّه، ولابدَّ من الإعدادِ الجيّدِ للمُحتوَى الذي ستقصُّه، واختيارِ لغةٍ وتعبيراتٍ تُناسبُ عُمرَهم.
– التربيةُ بالدعاءِ: خصِّصْ جزءًا يوميًّا من دعاءِ الأسرةِ لفلسطينَ والقدسِ وأهلِها، وبالتكرارِ سيَرسَخُ في ذهنِ وروحِ طفلِك أهميةُ وقداسةُ فلسطينَ، واجعلْهُ إمامَكم في الدعاءِ ذاتَ مرّةٍ؛ مع التكرارِ بالتباعدِ على فتراتٍ، وشاهِدْ بنَفسِك أثرَ هذا الأسلوبِ التربويِّ الرائعِ.
– التربيةُ باللعبِ: لديكَ طفلٌ؛ فلابدَّ أنّ اللعبَ من أُولَى أولوياتِه، فقُمْ باستغلالِ ذلكَ، وصمِّمْ ألعابًا ذاتَ أهدافٍ؛ تخدمُ الرسالةَ التي توَدُّ إيصالَها له؛ كَتلوينِ صورةٍ للمسجدِ القِبلي أو قبّةِ الصخرةِ، أو صمِّمْ مسابقةً حولَ معالمِ الأقصى، واختَبِرْ معلوماتِه؛ ولكنْ يجبُ أنْ تكونَ قد أطلعتَه عليها مُسبقًا؛ فتسهلَ الإجابةُ عنه، ويستمتعَ باللعبِ والتنافسِ، ويمكنُ استخدامُ معلوماتٍ تناسبُ عُمرَه، وتقديمُ جوائزَ محبَّبةٍ لنفسِه؛ تشجيعًا له على محاولاتِه؛ كما يُمكِنُ استخدامُ أسماءِ معالمِ القدسِ في ألعابٍ أخرى؛ كالجَريِ، مثلاً: من يَجرِ “من بابِ العمودِ إلى بابِ المغاربةِ” ثلاثَ مرّاتٍ _ويصِلْ أولاً_ يكُنْ هو الفائزُ، وهكذا أمثلة لألعابٍ لا تنتهي، المُهمُّ الإعدادُ الجيدُ مُسبقًا، وتحديدُ المعلوماتِ التي تهدفُ لإيصالِها، وربطُها بجوائزَ تناسبُ عُمرَ الطفلِ وموضوعَ اللعبةِ.
– التربيةُ بالفنِّ: يميلُ الصغارُ دائمًا إلى الاستماعِ للأناشيد وترديدِها، ولا يَخفَى علينا حالُ أطفالِ اليومِ؛ وحفظُهم للعديدِ من المهرجاناتِ الشعبيةِ وكلماتِها البذيئةِ؛ وهنا ننصحُ باستغلالِ ميولِ الطفلِ بشكلٍ هادفٍ؛ ونستمعُ معًا لأناشيد عن فلسطينَ والقدسِ؛ تناسبُ عُمرَه، ويُمكِنُ توضيحُ الكلماتِ له؛ حتى يفهمَ ما يسمعُ ويردّدَ
– التربيةُ بالتكنولوجيا: لا بدّ أنْ تواكبَ الأسرةُ مستحدثاتِ العصرِ، فلا تمنعْها البَتّةَ، ولا تتركْها دونَ مراقبةٍ؛ وإنما توَجِّه وتقومُ وتراقبُ وتشجّعُ..؛ وتغرسُ بطفلِك دومًا أننا نستخدمُ كلَّ شيءٍ بهدفٍ ولهدفٍ، ونواكبُ العصرَ أيضًا؛ لكنْ ونحن نحافظُ على هُويتِنا ووَعيِنا.