Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

المرأةُ الفلسطينيةُ معاناةٌ مستمرةٌ وقراراتٌ مجمّدةٌ

فشِلتْ المؤسّساتُ الدوليةُ خلالَ أربعةٍ وسبعينَ عامًا_ هي مدّةُ الاحتلالِ الإسرائيليِّ لفلسطينَ_ من حمايةِ المرأةِ الفلسطينيةِ والدفاعِ عنها في وجهِ آلَةِ القتلِ والتدميرِ العنصريةِ؛ وكذلك فشِلتْ في رفعِ الظلمِ الواقعِ عليها جرّاءَ اعتقالِها، ومنْعِها من حقوقِها الإنسانيةِ التي كفلتْها كلُّ المواثيقِ الدوليةِ في حقِّها في الحياةِ والعلاجِ، والتعليمِ، والعملِ، والتنقلِ، والسفرِ، وحريةِ الرأيِ والتعبيرِ، وغيرِها من الحقوقِ.

ورغمَ وجودِ عددٍ من الاتفاقاتِ والمواثيقِ الدوليةِ؛ كاتفاقيةِ إلغاءِ جميعِ أشكالِ التمييزِ ضدّ المرأةِ، وكذلكَ القرارِ (1325) الداعيةِ لتوفيرِ كافةِ التدابيرِ لحمايةِ المرأةِ؛ إلّا أنّ هذه القراراتِ تبقَى حِبرًا على ورقٍ فيما يخُصُّ المرأةَ الفلسطينيةَ، التي تعيشُ أسوَأَ الظروفِ السياسيةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ، سواءً في مخيماتِ اللجوءِ داخلَ فلسطينَ المحتلةِ، أو في الشتاتِ.

لقد عانت المرأةُ الفلسطينيةُ من انتهاكاتٍ جسيمةٍ؛ تمَثّلتْ في اعتداءاتِ الاحتلالِ المتكرِّرةِ ؛ من حروبٍ، وعدوانٍ، واجتياحٍ للمُدنِ والقرى ، الأمرُ الذي جعلَها تعيشُ مرارةَ الفقدِ باستشهادِ الأبِ أو الزوجِ أو الأخِ أو الابنِ؛ فهي عرضةٌ لفَقدِ أيِّ فردٍ من أفرادِ عائلتِها، وفي حالاتٍ كثيرةٍ فقدانُ كلِّ أفرادِ أسرتِها ، وهذا ليس في الداخلِ؛ لكنْ أيضًا لاحقَتْها بشاعةُ الاحتلالِ إلى أماكنِ وجودِها في اللجوءِ، كما تعرّضتْ للأَسرِ؛ وصبرتْ على أَسْرِ ذَوِيها؛ بل وأوقفتْ سنواتِ عمرِها في انتظارِ خروجِهم من السجنِ ، وصبرتْ على هدمِ المنازلِ والمَنعِ من السفرِ ، والإذلالِ على الحواجزِ العسكريةِ ، والحصارِ ، والفقرِ ، والجوعِ.

إنّ اللجوءَ الفلسطينيّ له تبعاتٌ اجتماعيةٌ خطيرةٌ _وخاصةً على المرأةِ_ تتأرجَحُ بينَ أزمةِ الانتماءِ والتمسُّكِ بالثقافةِ الفلسطينيةِ من جهةٍ، وأزمةِ الصراعِ مع الذاتِ في التعايشِ ضِمنَ حدودِ ثقافةٍ مُغايِرةٍ؛ وهذا الأمرُ يختلفُ بطبيعةِ الحالِ حسبَ ثقافةِ الجهةِ المستقبلةِ للمهاجرينَ.

إنّ وضعَ المرأةِ الفلسطينيةِ المهاجِرةِ، التي تَجمعُ بينَ جميعِ الأزماتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، التي تعيشُها الأسرةُ الفلسطينيةُ في المَهجرِ، وبينَ الأزمةِ النوعيةِ الناشئة عن كَونِها أنثَى؛ فتفرضُ عليها عزلةً اجتماعيةً واقتصاديةً وسياسيةً؛ تَفصلِها عن المحيطِ الذي تعيشُه.

لقد بَدا يظهرُ جليًّا أنّ الأجيالَ التي أنجبتْ في الخارجِ؛ قد تأثّرتْ بهذه المجتمعاتِ، خاصةً فيما يتعلقُ بالعلاقاتِ الأُسريةِ والعائليةِ، التي أصبحتْ أضعفَ؛ وذلكَ بسببِ التباعدِ الجغرافي بين البلدان، والبُعدِ المكاني، والانشغالِ بأعباءِ المعيشةِ.

إنّ ظروفَ العملِ القاسيةَ التي يعاني منها الفلسطينيونَ في الشتاتِ _خاصةً في المخيماتِ_ عكستْ أثرَها على فُرصِ النساءِ في العملِ؛ وبالتالي خلقتْ ظروفَ عملِ صعبةً ومعيقاتٍ أمامَ عملِ المرأةِ، وبطالةً مرتفعةً بينَ صفوفِ النساءِ الشابّاتِ.

لقد أوضحتْ تقاريرُ وكالةِ الغوثِ؛ أن نسبةَ اللاجئاتِ الفلسطينياتِ العاملاتِ في قطاعِ الخدماتِ؛ تفوقُ نسبةَ النساءِ المشارِكاتِ في القوَى العاملةِ للبلدِ المضيفِ؛ وقد يعودُ ذلك إلى توظيفِ النساءِ في قطاعاتٍ محدَّدةٍ ضِمنَ الخدماتِ العامةِ؛ كالصحةِ والتعليمِ في داخلِ المخيماتِ؛ فلا يُسمَحُ لهنّ بالعملِ خارجَ حدودِ المخيمِ؛ وهذا يفسِّرُ ارتفاعَ معدّلاتِ البطالةِ بينَ النساءِ اللاجئاتِ على وجهِ الخصوصِ؛ لهذا كانت النساءُ هنَّ الأكثرَ فقرًا وبطالةً في المجتمعِ الفلسطينيّ في الشتاتِ.

ولعلَ من أهمِّ المشاكلِ التي تواجِهُ النساءَ في مجالِ التعليمِ في المَهجرِ، وضْعيّةَ الإقامةِ؛ أي الوضعَ القانوني؛ وذلكَ لأنّ العديدَ من النساءِ تأتينَ إلى أوروبا لاحقاتٍ بأزواجِهنَّ، وفي كثيرٍ من الأحيانِ لا يتمتعنَ بحقوقِ الإقامةِ؛ خاصةً وأنّ الرجلَ العربيَّ يأتي إلى أوروبا؛ ويتزوجُ بامرأةٍ أجنبيةٍ للحصولِ على الإقامةِ والجنسيةِ، وكثيرًا ما يفشلُ هذا الزواجُ؛  فيتزوجُ مرّةً أخرى بعربيةٍ بعَقدٍ في بلدِه، أو في بلدٍ إسلامي، ويأتي بها إلى أوروبا، وهنا المرأةُ الفلسطينيةُ بهذا الوضعِ، غيرُ مُعترَفٍ بها لدى السلطاتِ بأنها زوجةٌ خاصةٌ؛ إذا لم يحصُلْ طلاقٌ مع الزوجةِ الأجنبيةِ. وبالتالي تكونُ المرأةُ غيرَ قادرةٍ على المطالبةِ بحقوقِها- خاصةً بالعملِ-  في حالةِ عدمِ الحصولِ على تصريحِ إقامةٍ دائمٍ.

لذلك على المجتمعِ الدوليّ أنْ ينظُرَ للمرأةِ الفلسطينيةِ بأنّ لها حقوقًا كَكُلِّ نساءِ العالمِ، وأنْ ينظرَ لأوضاعِها المعيشيةِ في الداخلِ والخارجِ، ويضعَ حدًّا لهذه المعاناةِ؛ بتنفيذِ حقِّها في الحريةِ والعودةِ طبقًا للقانونِ الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى