Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

متى سنُتقِنُ فَرْدَ جُمَلِ الامتنانِ؟

لماذا مُباحٌ لنا الطلبُ والتطلّبُ من الآخَرينَ؛ وبعدَ التلبيةِ  يَنعقِدُ لِسانُنا عن الشكرِ والامتنانِ؟!

فالعطاءُ ممارسةٌ فيها مُجاهَدةٌ للنفسِ؛ وخاصةً لو كان هذا العطاءُ على حسابِ الحساباتِ الشخصيةِ للمُعطي،    هناكَ  من يَحمِلُ أكثرَ من واجباتِه الحقيقيةِ؛ حُبًّا وتقديرًا  لعائلتِه لأقرانِه لأصدقائهِ لزملائهِ،  فلماذا لا يُعانُ على ذلكَ وسطَ كلِّ الضغوطاتِ المعنويةِ والماديةِ  بكُلِّ أنواعِها؛ فهو بحاجةٍ حينَها لفَردِ جُملِ الامتنانِ الطويلةِ .  

لماذا لا يُعينُ الأزواجُ بعضَهم على العطاءِ! تتشابكُ الأعباءُ والمهامُّ،  وخاصةً حينما تكونُ الزوجةُ عاملةً؛  تكونُ حينَها كَالرَحَى التي تَدورُ أربعةً وعشرينَ ساعةً؛  تَطحنُ صحَّتَها وعافيتَها ومقدّراتِها؛  لتُخرِجَ  صوَرًا من الحُبِّ  لأسرتِها  ، وعلى يقينٍ أنها ستَستَحسِنُ ذلك حينما يُشكَرُ كَدُّها.

وهناك أزواجٌ يُسابقونَ رغيفَ الخُبزِ،  ومستلزماتِ الحياةِ التي تزيدُ كلَّ يومٍ عن سابقِه ، فتَرجَمةُ الحُبِّ بِجُملِ الامتنانِ في هذا المشهدِ؛ ستكونَ  كالحائطِ الذي سيَسنِدُ ظهرَه عليه بعدَ السباقِ الطويلِ.

لماذا لا يُعينُ الوالدانِ  أبناءَهما على بِرِّهِما !  بمَدحِ عطاياهُم_ ولو قلتُ وعدمِ الهمزِ واللمزِ_لو قصَّرَ أحدُهم لسوءِ حالٍ أو انشغالٍ؛ حينَها سيكونُ العطاءُ من نوافذِ الحبِّ؛ لا من نوافذِ الأجرِ والإحسانِ، وما أجملَ لو اجتمعَ كلاهُما معًا !

يُمعِنُ بعضُ الإخوة في العطاءِ لإخوانِهم وأخواتِهم في اليُسرِ والعُسرِ؛   فيصبحُ هذا العطاءُ وكأنّه واجبٌ ميريّ  ، فلا تجِدُهم يقابلونه بِنَفحةِ الشكرِ والامتنانِ؛ وكأنَّ هذا العطاءَ من نواميسِ الكونِ ، كم سيكونُ هذا العطاءُ خفيفًا على النفسِ؛ مُحبَّبا  أكثرَ لذاتِ المُعطي؛ لو المُعطَى إليه اعترفَ بفضلِ الأولِ؛ والدعاءِ له بالبَركةِ في الصحةِ والرزقِ .

عوالقُ العملِ اليوميِّ بينَ المُدَراءِ والعاملينَ ، هناكَ واجباتٌ يتقاضَى العاملونَ عليها أجورًا عبرَ عقودِ عملٍ مُسبَقةٍ؛   فلو سبقتْ تلكَ  الأجورَ كلماتُ وجُمَلُ الامتنانِ؛ ستكونُ داعمًا لنسجٍ عواطفَ إيجابيةٍ تُخفّفُ من أعباءِ العملِ المتلاحقةِ،  و مِعوَلاً للإيجادِ والإتقانِ .

فالهَيِّنُ الليِّنُ ذو اللسانِ الذي يَقطُرُ  عسلاً؛   يكونُ إنسانًا  مَركَزِيًّا يَدورُ الكثيرونَ بفلكِه؛ ألم يقُلْ اللهُ “لو كنتَ فظًّا غليظَ القلبِ لانفَضُّوا من حولِك “.

قلوبُ  أغلبِنا مُتعَبةٌ مُرهَقةٌ وسطَ زحمةِ الحياةِ التي لا تنتهي؛  فَطَبْطِبوا عليها؛ وافردوا عباراتِ  الحبِّ والامتنانِ والشكرِ  لمَن حولَكم؛ سيُصبِحُ  فيها بعضُ البَلسَمِ  .

فَلِمَن لا يُتقِنُ مهارةَ الامتنانِ؛ درِّبْ نفسَكَ، وعلِّمها أنَّ العطاءَ  جُهدٌ يستحقُّ الشكرَ، وإنْ كان القانونُ الرَّبانيُّ في علاقةِ  العبدِ مع ربِّه أمامَ نِعَمِ اللهِ: “إنْ شكرتُم لأزيدَنَّكم”؛ فما بالُكَ في عوالقِ البشرِ مع الإنسانِ الذي يَمُرُّ بكُلِّ الحالاتِ! فتَبادُلُ المَنافعِ قانونٌ في المجتمعاتِ؛ وليس أساسًا أنْ يكونَ التبادُلُ بذاتِ القيمةِ الماديةِ ؛ فالقيمةُ المَعنويةُ لها مكانُها في هذا المسار.

وأخيرًا، الشكرُ والامتنانُ من صِفةِ الكبارِ،  والتنَكُّرُ لعطاءِ الغيرِ قسوةُ قلبٍ وجُحْودٌ؛ لِذا فَلْنَجعلْ العطاءَ مَغنمًا لا مَغرَمًا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى