Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تحقيقات

رمز الفلسطينيات في الشتات توب وكوفية وحطة

طقوس فلسطينية محفورة في الذاكرة

 

تحقيق :السعادة

نعشق وطناً سكن فينا جبلنا على حبه والتمسك به كيف لا؟، وهو جنة الله في الأرض ،لا يغادِرُنا “روحاً ولا مكاناً ولا سلوكاً ولا مَلبساً “، نتقاسمُ معه تراتيلَ حقِّ العودةِ ، نحسبُ لمغادرتِه الأيامَ و الأشهرَ والسنينَ ، نقتربُ منه بإبرةٍ وخيطٍ تُزيِّنُ بيوتنا ومجالسَنا وملابسَنا، بكوفيةٍ لا تغادرُنا، هكذا حافظت المرأة الفلسطينية في الشتاتِ عن صورةِ الوطنِ الذي لا يغادرُ أذهانَهم، ويَسكنُ فيهم مَهما تغرَّبوا، و مَهما اندمجوا في تفاصيلِ البلدانِ الأخرى، التي أُجبِروا على العيشِ فيها ، حضارةُ وطنٍ يوَرثونَها لأطفالِهم؛ الذين لم يشاهدوا من الوطنِ إلاّ اسمَه ، وشاهدوه عبر شاشات التلفاز والجوالات .

الاربعينية خالدة توفيق، مقيمةٌ السويد، تقولُ لـ”السعادة “:” غادرتُ “غزة” منذُ عشرون عاماً، و أنا أحملُ في ذاكرتي صوراً للوطنِ الجميلِ، ورغمَ كلِّ ما شاهدتُ من صورِ الحضارةِ الشاهقةِ؛ إلاّ أنّ جمالَ الوطنِ لم يتغيّرْ في نظري ، لذا كُلما شاهدتْ عائلتي و أبنائي شيئاً جميلاً في الدولة التي نقيم فيها” أخبرتُهم أنّ بلادَنا أجملُ ، وحياتَنا أجملُ .

وتضيفُ : أحاولُ في كلِّ المناسباتِ والأيامِ والحفلاتِ والنزهاتِ أنْ أبرِزَ وطني.. ففي منزلي العديدُ من القِطَعِ المطرّزةِ، أستخدمُها لاستقبالِ الضيوفِ ، أمّا أغلى ملابسي وأفضلُها لحضورِ المناسباتِ؛ فهي القِطَعُ المطرَّزةُ، والتوب الفلسطيني و التي أحرِصُ على لبسِها دوماً، لشِدّةِ إعجابِ الآخَرينَ فيها، وسرعانَ ما أخبِرُهم أنّ هذه هي ملابسُ النساءِ في وطني، وأنّ هذه القِطعَ هي موروثُنا الثقافيُّ و الحضاري .

حب الوطن يسكننا

وتتابعُ:”الغربةُ تربطكَ بالوطنِ أكثرَ مما تتخيلُ، وهذا ما دفعني الى تعلُّمِ التطريزِ الفلاحيِّ عبْرَ “الانترنت”، وبالفعلِ تعلّمتُ وحاولتُ البحثَ عن الموادِ الخامِ، لأبدأَ موهبتي.. لكنْ للأسفِ الموادُ غيرُ متوَفرةٍ ، مُنوِّهةً أنها بالعادةِ تطلبُ من أهلِها وأصدقائها إرسالَ أشياءَ تراثيةٍ ومُطرّزاتٍ .

صبحية ماجد  “60 عاماً ” مُقيمةٌ في مانشستر، منذُ أربعين عاماً، تقولُ لـ”السعادة “: ” فلسطين حاضرة -بكافةِ أخبارِها وأحداثِها وأشخاصِها- في كلِّ البيوتِ الفلسطينيةِ في الغُربةِ، ولم تنفصلْ يوماً عنها ، نتابعُ أخبارَ الوطنِ لحظةً بلحظةٍ، نشاركُ في كلِّ الفعالياتِ والمؤتمراتِ ، نحافظُ في ملابِسنا وسلوكِنا اليوميِّ لِعَكسِ روحِ الإسلامِ، وحضارةِ الوطنِ الذي غادرْناهُ مُجبَرينَ، كغيرِنا في كلِّ منافي الشتاتِ .

وتضيفُ :  في بريطانيا واقعُ الفلسطينيينَ والجالياتِ الأخرى مختلفٌ؛ لوجودِ هامشٍ كبيرٍ من الحريةِ ، ولوجودِ الاختلافِ العِرقيّ والدينيّ، فعلَى سبيلِ المِثالِ؛ الجاليةُ العربيةُ والمسلمةُ هناك ضخمةٌ جداً، وتشاركُ الفلسطينيةَ في كلِّ فعالياتِهم الوطنيةِ في ذِكرى النكبةِ ، ونلاحظُ التعاضُدَ والتواصلَ في الأزماتِ التي تعيشُها “غزة” بينَ الفينةِ والأخرى .

وتتابعُ : في منزلي كلُّ شيءٍ فلسطينيّ؛ غرفةُ الجلوسِ تُزيّنُها صورُ القياداتِ الفلسطينيةِ على اختلافِ ألوانِ الطيفِ السياسيّ ، التوب الفلسطيني الأصيل المطرَّزاتُ في كلِّ جزءٍ من المنزلِ أحرِصُ على صناعة الأكسسورات  التراثية الفلسطينية ، وعلّمتُها لبناتي اللواتي تزوّجنَ، وكرَّرنَ في بيوتِهنَّ المُطرَّزاتِ من شراشفِ الطعامِ، ولوحاتِ الزينةِ، و خريطةِ الوطنِ، و مفتاحِ العودةِ ، وملابِسهِنَّ ، بل إنهُنَّ حافَظنَ على نهجِ الحياةِ الفلسطينيةِ التي يعيشُها كلُّ بيتٍ تقريباً في مدينةِ “غزة”، من تفاصيلِ الطعامِ، وطريقةِ الطهيِ، والّلكنةِ والحديثِ، والمناسباتِ العائليةِ .

وتواصلُ : في زواجِ ابنى اتّبعتُ كافةَ الطقوسِ المعروفةِ في فلسطينَ ، يومِ الحِنّةِ والذي جمعتُ فيه الكثيرَ من الفلسطينياتِ والعربياتِ بمنزلي ، بينما انشغلَ زوجي والعريسُ بحفلةٍ وطنيةٍ أحياها أحدُ المُنشِدينَ في بيتِ أحدِ الأصدقاءِ ، وفى اليومِ التالي أعددْنا طعامَ الغداءِ لكافةِ الموجودينَ معَنا للاحتفالِ ، ولم تفارِقْنا -خلالَ مراسمِ الزفافِ- الدبكةُ الفلسطينيةُ، و الفلكور الشعبيّ، و الأغاني الوطنيةُ الجميلةُ ، لقد كان عُرساً فلسطينياً مُشابهاً لأيِّ عُرسٍ يقامُ في القرى المُهجَّرةِ .

الأبناء والوطن

فيما تقولُ أسماء فهد 33 عاماً، مقيمةٌ في ألمانيا ،إنّ الغربةَ تفرضُ علينا أنْ نتعاملَ مع معطياتٍ مجتمعيةٍ صعبةٍ أحياناً وموجَّهةً، و أحياناً أخرى مصادَفةً ، فكثيراً ما أخبرني أطفالي أنّ الآخَرينَ يُنكرونَ وجودَ “فلسطين”.. ويقولونَ عنها “إسرائيل” .

وهذا ما دفَعني لإخبارِ أبنائي بشكلٍ مستمرٍّ عن معاناتِنا المستمرةِ، وكيف اغتَصبتْ الأرضَ ، وكيف يقصِفونَ البيوتَ فوقَ أصحابِها.. و هم يَفهمونَ الآنَ جيداً هذه الحقيقةَ، بل ويقولونَها لمعلماتِهم في المدرسةِ، ويشرحونَ لهم معاناتَنا.. وقد لمَسوا تعاطفاً كبيراً .

وتتابعُ : أحاولُ في حياتِنا اليوميةِ العيشَ كعائلةٍ فلسطينيةٍ مُقيمةٍ بغزةَ.. في طريقةِ الطعامِ والضيافةِ، ونوعيةِ الأطعمةِ، وطريقةِ تقديمِها ، في بعضِ الأواني و الأدواتِ ، وخريطةِ الوطنِ التي لا تغادرُ حائطَ منزلي ، علاوةً على مشاركتِنا كعائلةٍ في كلِّ الفعالياتِ الفلسطينيةِ، التي تُقيمُها الجاليةُ الفلسطينيةُ هنا ،لاسيّما وأنّ الجاليةَ فعّالةٌ ومستمرةٌ، ولها العديدُ من الفعالياتِ شِبهِ اليوميةِ، و التي تَقودُنا جميعُها إلى الوطنِ .

تغريد العف  29 عاماً، مُقيمةٌ في أبو ظبي تقول:” إنّ للفلسطينيينَ أينما ذهبوا.. نظامُ حياتِهم المُستقلُّ، وذكرياتُهم الوطنيةُ المختلفةُ عن كلِّ المُغتربينَ ، فهُنا لا نغادرُ شاشاتِ الفضائياتِ، ولا مواقعَ التواصلِ، ولا صفحاتِ الوطنِ عبْرَ “الفيسبوك” ، فهذه متطلَّباتُ الغربةِ في وطنٍ تعيشُ فيه دائماً؛ مُواطناً من درجةٍ مختلفةٍ” .

و تضيفُ : نحاولُ قدرَ المستطاعِ أنْ نُحْيِيَ الوطنَ في حياتِنا اليوميةِ.. في ملابسِنا، في لهجتِنا، في طقوسِنا ومناسباتِنا، بخيوطِ التطريزِ التي تُزيّنُ مجالسَنا وملابسَنا ، بالكوفيةِ التي باتت لنا رمزاً أينما حلَلنا، و أينما ذهبنا، مُنوِّهةً أنها على تواصُلٍ معَ كلِّ الفلسطينياتِ في البلدِ التي تقيمُ فيها ، و تشاركُ في كافةِ الفعالياتِ التي تقامُ في كلِّ المناسباتِ الوطنيةِ.

متطلبات الغربة

إيمان النبريص ” 35 عاماً تقول ” لـ” السعادة ” لم أشاهدْ الوطنَ، فقد وُلدتُ خارجَه، ولم تسنحْ لي الفرصةُ حتى بزيارتِه، ومع ذلك رسمتُ له صوراً عديدةً من خلالِ متابعتي للأخبارِ، ولأحاديثِ الأهلِ عن الوطنِ والعاداتِ والموروثاتِ،  و ممَّا حملتْهُ أمي معها؛ يومَ أنْ غادرتْ “غزة” إلى الإماراتِ العربيةِ، قبلَ أكثرَ من ” 45″ عاماً.

وتضيفُ: الوطنُ في ذاكرةِ المغترِباتِ نابضٌ بشكلٍ يوميٍّ في شَكلِ الحياةِ ، وسلوكِ الأفرادِ ، والضيافةِ .. لذا احتفظُ  بعددٍ من المُقتنياتِ التي أعدُّها جزءاً مُهِماً في منزلي، بل وتُمثّلُ لأطفالي شيئاً مُهِماً، خاصةً و أني أخذتُ هذه المقتنياتِ من بيتِ عائلتي ، وعندَ زيارةِ أيِّ شخصٍ لمنزلِنا ؛ سرعانَ ما يُخبرونَه أننا نمتلكُ أشياءَ تراثيةً من فلسطينَ .

وتتابعُ : يُلقى على كاهلِ العوائلِ الفلسطينيةِ المغتربةِ الكثيرُ من المُهمّاتِ المختلفةِ، و التي هدفُها تعريفُ الأبناءِ بكلِّ فَحوَى القضيةِ الفلسطينيةِ؛ ابتداءً من أحداثِ التهجيرِ، وانتهاءً بكلِّ القضايا المَصيريةِ، وأهمُّها حقُّ العودةِ، والمطالبةُ فيه، والعملُ به على كافةِ الأصعدةِ .

في حين تقولُ مروة عليان ” 42 عاما ” مقيمةٌ في “أوسلو” منذُ عشرِ سنواتٍ، تقولُ لـ” السعادة ” : إنّ الفلسطينيينَ أينما ذهبوا؛ لهُم خصوصيةٌ مختلفةٌ عن الأجناسِ والألوانِ والأطيافِ، فهُم الوحيدونَ الذين يَسكنُهم الوطنُ، ولا يغادرُهم؛ مَهما تغرّبوا، ومَهما تشتّتوا، ومَهما عانوا وتعذّبوا في سبيلِه .

وتضيفُ : في “أوسلو” بالتحديدِ الكثيرُ من العائلاتِ الفلسطينيةِ، فمِن الصعبِ أنْ تسيرَ في الشارعِ دونَ أنْ ترى فلسطينياً، تُميِّزُه الحطّةُ الفلسطينيةُ، يَحملونَها بشكلٍ يوميّ ، في البيوتِ الفلسطينيةِ هناك كلُّ شيءٍ فلسطينيّ.. طريقةُ الحياةِ، والتواصلِ، الطعامُ و الشرابُ، الاحتفالُ وأعيادُ الميلادِ، وشكلُ العلاقاتِ، وطريقةُ الحديثِ، كلُّها لا تتغيرُ مَهما كبرتْ الغربةُ  ، ونعيشُ أيامَنا ونحن ندركُ أننا عائدونَ حتماً إلى الوطنِ .

و تواصلُ : الكثيرُ مِنا يحرصُ على حضورِ كلِّ الفعالياتِ الوطنيةِ التي تقيمُها الجالياتُ والسفارةُ والتنظيماتُ الموجودةُ هناك ، والتي تُعَدُّ لنا رابطاً مقدّساً للوطنِ، وكذلك تُشكّلُ لنا شبكةَ علاقاتٍ مع كلِّ الأهلِ والأصدقاءِ ، وفى كثيرٍ من الأحيانِ نذهبُ  للمشاركةِ في بعضِ المناسباتِ الشخصيةِ، لأشخاصٍ تربطُنا فيهم المعرفةُ، لكنّ الوطنَ يَجمعُنا.. فنشاركُ أفراحَهم وأتراحَهم كأنهم أقربُ الأقرباءِ.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى