Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

 شهرُ رمضانَ من منظورِ المُخالَفاتِ القانونيةِ

يُعَدُّ شهرُ رمضانَ المباركُ من أكثرِ الشهورِ المُنتَظَرةِ والمُحبَّبةِ للمسلمينِ؛ لِما له من أهميةٍ دينيةٍ تَتمثلُ بوجودِ أجرٍ وثوابٍ مُضاعَفٍ في الأفعالِ الصالحةِ، والصلواتِ، وكافةِ العباداتِ، ولِطُقوسِه وأجوائه الروحانيةِ المميَّزةِ أيضاً؛ التي تَبُثُّ البهجةَ في القلوبِ، ولكنْ بما أنَّ الصومَ عبادةٌ بينَ المَرءِ وربِّه وبالتالي؛ فالالتزامُ به يُعَدُّ استجابةً ومسئوليةً فرديةً، فماذا لو أنّ أحدَهم لم يلتزمْ به؟ أو مَثلاً أفطرَ جهرًا في نهارِ رمضانَ؟ ما هي العقوبةُ المفروضةُ عليه؟! بالرجوعِ للتشريعاتِ العقابيةِ الساريةِ في قطاعِ غزةَ؛ يتَّضِحُ إجمالاً أنها لم تتوسّعْ في هذا النوعِ من الموضوعاتِ؛ وذلكَ يعودُ لأنَّ قانونَ العقوباتِ الفلسطينيّ المُطبَّقَ في غزةَ_ والذي يحملُ رقم (74) لعام (1936)_ قد سَنَّهُ الانتدابُ البريطانيّ وفقَ نَهجِه وفلسفتِه؛ حيثُ اشتملَ الجزءُ الأكبرُ من النصوصِ على تحذيراتٍ وعقوباتٍ تَمنعُ تَمادي الثوارِ، وانتشارَ الثورةِ الفلسطينيةِ في حينِها، بالإضافةِ لنصوصٍ تُسَهِّلُ انتقالَ الأراضي من الفلسطينيّينَ إلى اليهودِ بكافّةِ طرُقِ التسجيلِ، في حين أنه أغفلَ  النصوصَ التي تراعي خصوصيةَ عامةِ سكانِ فلسطينَ، ونهجَهم الديني، وعبادتَهم، وما يَتعلّقُ بالإفطارِ في شهرِ رمضانَ؛ فيُمكِنُ إدراجُه تحتَ بندِّ “جريمةِ إهانةِ الشعورِ الديني”،  والذي يُعَدُّ فاعلُها “ارتكبَ جنحةً؛ ويُعاقَبُ بالحبسِ لمدّةِ سنةٍ”.

وماذا أيضًا – وهذا الطرحُ كثيرُ الحدوثِ والتكرارِ- لو حاوَلَ أحدُ التجارِ رفعَ الأسعارِ لِكَسبِ المزيدِ من المالِ في رمضانَ؟ حيثُ يَطرأُ ارتفاعٌ في أسعارِ السّلَعِ الأساسيةِ بشكلٍ ملحوظٍ، فنَجِدُ أنه  _رغمَ أنّ قانونَ حمايةِ المستهلِكِ، رقم (21) لسنةِ (2005)م_ نَصَّ في مادتِه الثانيةِ على أنّ الهدفَ من إقرارِه؛ هو حمايةُ وضمانُ حقوقِ المُستهلِكِ؛ بما يَكفُلُ له عدمَ التعرُّضِ لأيّةِ مَخاطرَ صحيةٍ، أو غُبنٍ، أو خسائرَ اقتصاديةٍ، وكذلكَ توفيرُ السلَعِ والخدماتِ، ومَنعُ الاستغلالِ والتلاعُبِ في الأسعارِ؛ إلّا أنه لا تُوجَدُ أيُّ مادةٍ عقابيةٍ مباشِرةٍ وواضحةٍ لمَن يقومُ برفعِ الأسعارِ أو التلاعُبِ بها! وتَتمَحوَرُ الإجراءاتُ المُتّخَذةُ بالخصوصِ ما بينَ سَحْبِ مُنتَجاتِ التاجرِ، ومصادرتِها، والتغريمِ بعيداً عنِ الإجراءاتِ السالبةِ للحريةِ؛ كالحَبسِ والحَجزِ، والتي لا تُحَققُ الرَّدعَ للأسفِ.

في الواقعِ إنّ التساؤلَينِ السابقَينِ حقيقةٌ نُلامِسُها في كلِّ رمضان؛ ولعلَّ العِلّةَ في سبَبِهِما عدمُ كفايةِ أو وجودِ التشريعِ المتكاملِ، فالفكرةُ من تشريعاتِ أيِ نظامٍ سياسيٍ تنطلقُ من فلسفتِه العامةِ، وتَوَجُّهِه الدينيّ؛ كونَه غالبًا مصدرًا من مصادرِ التشريعِ في النظُمِ العربيةِ والإسلاميةِ؛ ويجبُ أنْ تنساقَ كافّةُ تشريعاتِها الداخليةِ بشِقَّيها “العادي والفرعي” بشكلٍ مُنسَجمٍ ومترابطٍ ومواكِبٍ لِما آلتْ إليهِ تطوُّراتُ عصرِنا، ويجبُ أنْ تَتِمَّ تعديلاتٌ في الصياغةِ؛ بعضُها لِيُحقِّقَ الردْعَ؛ وبعضُها ليُعالِجَ نقاطًا جديدةً مَستحدَثةً؛ بِحيثُ يحافظُ على شمولِه، ويَضمنُ الحفاظَ على مَقدِرةِ المواطنِ الشرائيةِ، وسلامةِ مَشاعرِه الدينيةِ، وتوفيرِ أجواءٍ إيجابيةٍ لِحدوثِها.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى