حكمُ حضورِ المسلسلاتِ الرمضانيةِ والجلوسِ على مواقع التواصل الاجتماعي لقضاءِ وقتِ الفراغ؟
يجيب عن السؤال دكتور الشريعة والقانون عصام بدران
لقد فرضَ اللهُ علينا الصيامَ، وبيّنَ الحكمةَ من مشروعيتِه وفرضِه علينا في قولِه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُم ْالصِّيَام ُكَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة / 183.
فالصيامُ وسيلةٌ لتحقيقِ التقوى، والتقوى هي فِعلُ ما أمرَ اللهُ تعالى به، وترْكُ ما نهى عنه، والصيامُ من أعظمِ الأسبابِ التي تُعينُ العبدَ على القيامِ بأوامرِ الدِّين، فالصائمُ يدرّبُ نفسَه على مراقبةِ اللهِ تعالى، يتركُ ما تهوَى نفسُه مع قدرتِه عليه، لعِلمِه باطلاعِ اللهِ عليه، وفي الصيامِ التزهيدُ في الدنيا وشهواتِها، والترغيبُ في ما عندَ اللهِ تعالى، فيه تعويدُ المؤمنِ على الإكثارِ من الطاعاتِ، وذلك لأنّ الصائمَ في الغالبِ تَكثرُ طاعتُه في عتاد ذلك
غالبُ المسلسلاتِ تشتملُ على منكَراتٍ، ولا تخلو من محرّماتٍ؛ كتبرُّجِ النساءِ، والاختلاطِ المحرّمِ، والموسيقى وكلماتِ الغرامِ والفحشِ، ونحوِ ذلك من تَعدٍّ لحدودِ اللهِ، بل وينطوي بعضُها أحياناً على أفكارٍ تهدفُ إلى تغريبِ المجتمعِ، وسلخِه من قِيَمِه، وتغييرِ هُويّتِه الإسلاميةِ، وتحملُ أفكارًا فاسدةً؛ تخلبُ الدينَ والأخلاقَ، وتتضمنُ النَّيلَ من الإسلامِ، والطعنَ فيه.. فلكُلِّ ذلك لا تجوزُ مشاهدةُ تلك المسلسلاتِ، سواءٌ في رمضانَ أو غيرِه، إلاّ أنّ قُبحَ الذنبِ يزدادُ عندَ فِعلِه في الأوقاتِ الفاضلةِ، ومواسمُ الخيرِ والتيمُنِ أعظمُها هذا الشهرُ المباركُ؛ الذي تُفتحُ فيه أبوابُ الجنةِ، وتغلقُ فيه أبوابُ السعيرِ، وتصفّدُ فيه الشياطينُ.
فَسلَفُنا الصالحُ كانوا يجتهدونَ في العملِ، وكانوا يتفرّغونَ في هذا الشهرِ للعبادةِ، ويقلِّلونَ من أعمالِ الدنيا، وكانوا يوفّرونَ الوقتَ للجلوسِ في بيوتِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ويقولونَ: نحفظُ صومَنا ولا نغتابُ أحدا ً، ويُحضّرونَ المصاحفَ، ويتدارسونَ كتابَ اللهِ عزَّ وجلَّ، كانوا يحفظونَ أوقاتَهم من الضياعِ، ما كانوا يُهمِلونَ أو يفرِّطونَ.. بل كانوا يحفظوَن أوقاتَه: الليلَ في القيامِ، والنهارَ بالصيامِ وتلاوةِ القرآنِ، وذِكرِ اللهِ وأعمالِ الخيرِ، ما كانوا يفرّطونَ في دقيقةٍ منه، أو في لحظةٍ منه؛ إلا ويقدِّمونَ فيها عملاً صالحاً.