Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

عِيشوا رمضانَ مع أولادِكم “صَح”

“يااا الله على رمضان زمان ما أَجمَلَه..! ما أكتر خيره ورزقه وبرَكته!  رمضان زمان كانت قلوبنا على قلوب بعض،”عبارة والدتي الشهيرة منذ زمن..جعلتني استرجع ذكرياتي مع رمضان؛ كيف كنا نعيشُه بجماله! كيف نقضي اليوم بدون مَلَل أو تعب وجوالات! نلعب بحب.. لا نشعر بالتعب والعطش، نلعب مع بنات الجيران ألعاب رمضان المعروفة، نجلس قبل المغرب؛ ننتظر الأذان بلهفة وشوق؛ لنجتمع على مائدة يملؤها الحب وراحة البال، مازال صوت والدتي محفورًا داخلي؛ “وسِّع لأخوك.. نادي أختك.. يلَّا استغفروا وادعوا.. الدعاء مُستجاب.. لَمّا نسمع الله وأكبر..الله وأكبر؛ قلوبنا ترتوي، ونسمع همسات دعاء كل واحد فينا، وصوت والدتي وهي بتدعي لنا؛ وبتبدأ بتوزيع الأكل.. وتقرّب الصحون لنا؛ وتنسى حالها.. وكُلنا على صوت واحد؛ “يلَّا كلي انت”.

هالأيام ما كانت مجرد ذكريات؛ كانت دروس علّمتنا كيف نحب ونخاف على بعض؟ كيف ندعي بقلوبنا لنا ولغيرنا؟ كيف نسامح ونعفو؟ زرعتْ فينا حب الخير والعطاء، علّمتنا نتفقد ونسأل على بعض.. عرفنا شو يعني صلة رحم، وزيارات رمضان رسّختْ فينا صوَر التكافل الاجتماعي بكافةِ أشكاله، تلك الذكريات أرجعتني عُمرًا للوراء، فاليوم الرمضاني في طفولتي؛ كان ممزوجًا بالحب في كل تفاصيلة ..

أصبحتُ أُمًّا وتساءلتُ: ماذا سيَحفظ أطفالي عن رمضان؟ ما هي ذكريات أطفالي عن رمضان عندما يكبرون؟ وهل ستبقى أحداثه جميلة في مخيّلتِهم؟ هل سأزرع فيهم ذكريات يروُونها لأطفالهم؟ هل سأنجح أنْ أزرع فيهم إيمانيات تُرافِقُهم طول عَمرِهم، سرحتُ كثيرًا بأطفالي ورمضان؛ فكنتُ حريصةً جدًّا أنْ يكونَ رمضانُ مختلفًا هذا العامَ، جميعُهم سيصومونَه كاملاً، فَقدْ أصبحوا أكبرَ سِنًّا من قبلُ.

 حرصتُ على مشاركتِهم لطقوسِ رمضانَ معي بكافّةِ تفاصيلِه؛ من بدايةِ الزينةِ، واختيارِ الفطورِ والسحورِ، ووضعِ برنامجٍ ديني يشرح تفاصيل كثيرة، أخبرتُهم عن فضلِ صلاةِ الجماعةِ؛ فأصبحنا نصلّي معًا جماعةً، ولِضيقِ وقتي؛ قمتُ بالصلاةِ بِمُفردي؛ فلم يُعجِبْهم؛ وتذَمَّروا وذَكَّروني بكلامي معهم؛ فخجلتُ وصلّيتُ معهم جماعةً، بَيني وبينَ نفسي؛ استَوقَفني الموقفُ كثيرًا؛ فأولادُنا يُطبِّقونَ كلامَنا لهم؛ حينَ نُحَدِّثُهم بحُبٍّ وتشويقٍ، أخبرتُهم  أنّ للصائمِ دعوةً لا تُرَدُّ عندَ الإفطارِ؛ فوَجَدْتُهم يتهافتونَ عندَ أذانِ المغربِ بالدعاءِ أكثرَ من الإفطارِ، فأخبَرتُهم عن أجرِ وثوابِ  الصدقةِ، وزيارةِ الأرحامِ، والشعورِ بالمحتاجينَ؛ فَذُهِلتُ من أفكارِهم وعطائهم! وكيف يتأثّرونَ ويفكّرونَ بطريقةٍ إيجابيةٍ! حرصتُ كثيرًا على ذِكرِ الأجرِ والجنةِ ونعيمِها، ونزلتُ لِعالَمِهم الصغيرِ،”شو ما بِدَّك بتلاقي في الجنةِ! شو ما يخطر على بالك”؛ فَقاطَعنا طفلي،”لو طلبت أنواع السيارات الِّلي بحبها في الجنة؛ بتَتحَقَّق؟! حَكيت له: “كل شي بتتمنَّى؛ بِتحَقَّق بغَمضةِ عين؛ بشرط نكسب وندخل الجنة؛ لازم نعمل خير، ونطبّق كلام ربنا، وانت بتضمن كل الِّلي بدَّك إياه”؛ شُفت نظرة التمني والحُب في عيونه .

أيقنت حَتمًا أنَّ الأمَّ هي التي تُرَبِّي، وتُؤسِّسُ، وتَبني أجيالًا لا تُهزَمُ؛ إذا أحسَنتْ تَربيَّتَهم وتَنشِئتَهم .

خلّينا نزرع في أولادنا الصورة الحلوة؛ نَذكرُ لهم نعيمَ الجنةِ وجمالَها، بلاش نضلنا نقلهم “النار، وعذاب النار، وربنا بزعل منّا”، ارسموا في مخيّلتهم الطفولية الأشياءَ الجميلةَ المُحبَبة؛ حتى تنزرع داخلهم، تذَكّروا  دائمًا أنّ النفسَ تميلُ للأشياءِ المُفرحةِ الإيجابيةِ أكثرَ من التخويفِ والترهيبِ، نُذَكِّرُهم بِعظَمةِ الشهرِ، وفضلِه، وأعمالِه، والدعاءِ.. خلّينا نعلّمهم يَدْعون ويجتهدون؛ حتى يُحقِّقوا أحلامَهم، علّموهم  أنّ الدعاءَ عبادةٌ، خلّينا نربطهم بحُبِّ ربّنا ورحمتِه وعَدلِه، وكيف يغفر لنا ويسامحنا،  ومَهما أخطأنا؛ بابُه  مفتوح لنا، ويَقبلُ تَوبتَنا، اربطوا أولادَكم بِرَبِّنا بِحُب؛ لِتَضمَنوا استِقامَتَهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى